روي في حديثٍ قدسي: «لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما»[1].

أنتن تعرفن ماذا جرى في التاريخ بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، فلولا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه لانمحى كل شيء، فقد كان معاوية يقول علناً، سأسعى بالقدر الذي أستطيع به دفن اسم النبي صلّى الله عليه وآله[2]، فلولا أمير المؤمنين، لما خُلق النبي. وهذا هو معنى «لولا علي لما خلقتك». وكذلك لو فرضنا أن الله تعالى تفضل بخلق النبي والإمام، ولكن لم يخلق السيدة الزهراء عليها السلام، فمن كان يُخلّص، بشكل ظاهر ودونما معجزة، أمير المؤمنين، عندما شدّوا وثاقه، واقتادوه والسيوف مسلَّطة على رأسه الشريف[3]، فلولا السيدة الزهراء لقُتل أمير المؤمنين في ذلك اليوم، ولانتهى كل شيء.

فليس معنى الحديث القدسي المتقدم أن أمير المؤمنين أفضل من النبي صلى الله عليه وآله؛ أو أن فاطمة أفضل من أميرالمؤمنين فالأفضلية موضوع آخر، بل المراد معنى الإلغاء، نظير الآية الكريمة ( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) [4]، في مسألة الغدير المشهورة، فبعد مضي ثلاث وعشرين عاماً من السعي الدؤوب، وتحمّل المصاعب الكثيرة والأذى والقتال، يقول القرآن الكريم أنه لولا إعلان الغدير، لأضحت كل تلك السنوات بحكم اللاشيء.[5]

فماذا تريد الزهراء عليها السلام، للمرأة؟ ثم إنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فلتنظر المرأة كيف كانت الزهراء تعامل أباها؟والزهراء كانت زوجة أمير المؤمنين، فكيف كان تعاملها مع زوجها عليها السلام؟ كما أنها كانت أُمّاً للإمامين الحسن والحسين سلام الله عليهما، والسيدة زينب، وأم كلثوم، فكيف كانت تعامل أبناءها؟ في كل ذلك دروس من السيرة العطرة لسيدة نساء العالمينا، ويلزم على كل امرأة أن تطبّقها على حياتها، وهناك أمر أهمّ وهو الهدف الذي استشهدت لأجله الزهراء، فهي سلام الله عليها فدت الإسلام بنفسها الطاهرة. إن الواجب على النساء شيئان ـ كما يفهم من حديث ابن الزهراء الإمام علي بن موسى الرضا سلام الله عليه ـ هما: تعلّم علوم أهل البيت سلام الله عليهم، وتعليمها للناس.إذا كانت هناك امرأة واحدة لا تعرف أهل البيت فذلك يكون داعٍ لكُنّ أن تعملن في سبيل ان تتعرّف عليهم، وكذلك لو كانت هناك امرأة واحدة لا تعرف واجباتها ووظائفها، فإذا قمتن بالتبليغ لكنها لم تقبل، فأنتن معذورات. إن الواجب الكفائي يعني أنه ابتداءً يكون واجباً على الجميع، إلا أنه إذا قام به من فيه الكفاية، سقط عن الباقين، لكن لم تحرز الكفاية في هذه المجالات حتى إلى عشر سنوات بل إلى خمسين سنة قادمة؛ لأنه مهما كثر التبليغ فإنه ليس غير كافٍٍ.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

1- مجمع النورين للمرندي: ص14.
2- انظر شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج5، ص129، أخبار متفرقة عن معاوية.
3- انظر النص والاجتهاد لشرف الدين الموسوي: ص598، رقم 165، عبد الله بن عمر والبيعة.
4- سورة المائدة، الآية: 68.
5- إشارة إلى قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(، سورة المائدة، الآية: 67.