فعن طريق الخاصة: سئل الصادق (ع) عن التقية فقال: (التقية من دين الله).. أي أن التقية جزء من التشريع، كما أن هناك أمرا بالجهاد، وأمرا بالأمر بالمعروف، وأمرا بإلقاء النفس في المعارك؛ من أجل تعزيز كلمة الإنسان، فإن هناك أيضا مبدأ التقية.. ولعله في تلك الأيام كان هنالك مداخلات في هذا الأمر. فقال الراوي: قلت: من دين الله؟.. قال: (إي والله من دين الله).. فالإمام (ع) يؤكد على هذا المبدأ، ثم يذكر الإمام (ع) مثالاً وهو عن إبراهيم (ع) عندما قال: {إِنِّي سَقِيمٌ}..يقول الصادق (ع): (ولقد قال إبراهيم: {إِنِّي سَقِيمٌ}.. والله ما كان سقيماً.(. فإذن، كما أن إبراهيم (ع) قد دفع البلاء عن نفسه بهذه العبارة، وكذلك عمار.. فإن معنى ذلك أن القضية متناولة في روايات أهل البيت (ع).
وعن طريق العامة: ففي صحيح البخاري/ حديث 5780، يقول عروة بن الزبير: وفي حديث عائشة أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال:
(ائذنوا له فبئس ابن العشيرة –أو بئس أخو العشيرة–).. فلما دخل ألان له الكلام.. قالت عائشة فقلت له: يا رسول الله!.. قلت ما قلت ثم ألنت له في القول. فقال: (أي عائشة، إن شر الناس منزلة عند الله من تركه –أو ودعه– الناس اتقاء فحشه)!.. فالنبي (ص) قبل أن يستقبله وصفه بأنه بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألان النبي (ص) معه الكلام اتقاء لفحشه.. وأيضاً فإن حياة النبي (ص) عند بداية الدعوة، لم تبدأ علانية، بل سراً ثم علانية.
الدليل العقلي: إن العقل يحكم بذلك، كأن يكون هناك ضرران: ضرر شديد، وضرر أقل –فمثلا- إنسان معرض للتعذيب، والقتل، والضرب، والشتم.. فيذكر تورية ونحوها لدفع الشر عن نفسه.. ومن الغريب أن الذي ينكر التقية، هو في مقام العمل وفي الحياة اليومية، من أكبر المتقين: في مجال عمله، وفي تجارته، أو مع من يخاف، فإنه يغير ما يقول.. فإذن، هذه هي سنة الناس، فهم يدفعون الضرر الأعظم بالأصغر.. فما المشكلة في ذلك؟.. حتى في الفقه السني، فالامام مالك في المدونة الكبرى 3: 29 يقول بعدم وقوع طلاق المكره على نحو التقية، محتجاً بذلك بقول الصحابي ابن مسعود: (ما من كلام يدرأ عني سوطين من سلطان، إلا كنت متكلماً به).
ملاحظات مهمة:
إن التقية لا تكون مع كل خطر.. بل لا بد أن يكون هناك خطر يعتد به شرعاً، فلا يتذرع الإنسان في أن يكتم الحق، وفي أن يعمل بواجبه.
وهنالك موارد للتقية: منها دفع الضرر عن النفس، وعن المال، وعن العرض.. أما أن تكون التقية في كل صغيرة وكبيرة، فإن هذا ليس من مذاق الشريعة.
إن هنالك تقية خارجية، وهنالك اعتزاز باطني.. فعمار عندما أًكره على الشرك، كان قلبه متوجها إلى الله عز وجل.. وعليه، فإن المتقي لا يخاف، وإنما يراعي المصلحة.. واقتران التقية بالخوف القلبي، هذا هو الذل الباطني.. والإمام الصادق (ع) عندما يقول: (التقية من دين الله).. فإنه لا يرضى أن يعيش الخوف، والهلع الباطني.
هب أنك مجاز بالتقية!.. فإن هذا لا يعني عدم العمل على تغيير الطرف الآخر، الذي يحمل معتقدات خاطئة.. فعليك أن تحاول تغيره، من الباطل إلى الحق.. فالتقية لا تنافي الحركة الواعية، لأجل تغيير الذين لا يعرفون الحق.. إلا المعاندين، فأولئك ذرهم وشأنهم إلى أن يلقوا ربهم يوم القيامة.
وعن طريق العامة: ففي صحيح البخاري/ حديث 5780، يقول عروة بن الزبير: وفي حديث عائشة أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال:
(ائذنوا له فبئس ابن العشيرة –أو بئس أخو العشيرة–).. فلما دخل ألان له الكلام.. قالت عائشة فقلت له: يا رسول الله!.. قلت ما قلت ثم ألنت له في القول. فقال: (أي عائشة، إن شر الناس منزلة عند الله من تركه –أو ودعه– الناس اتقاء فحشه)!.. فالنبي (ص) قبل أن يستقبله وصفه بأنه بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألان النبي (ص) معه الكلام اتقاء لفحشه.. وأيضاً فإن حياة النبي (ص) عند بداية الدعوة، لم تبدأ علانية، بل سراً ثم علانية.
الدليل العقلي: إن العقل يحكم بذلك، كأن يكون هناك ضرران: ضرر شديد، وضرر أقل –فمثلا- إنسان معرض للتعذيب، والقتل، والضرب، والشتم.. فيذكر تورية ونحوها لدفع الشر عن نفسه.. ومن الغريب أن الذي ينكر التقية، هو في مقام العمل وفي الحياة اليومية، من أكبر المتقين: في مجال عمله، وفي تجارته، أو مع من يخاف، فإنه يغير ما يقول.. فإذن، هذه هي سنة الناس، فهم يدفعون الضرر الأعظم بالأصغر.. فما المشكلة في ذلك؟.. حتى في الفقه السني، فالامام مالك في المدونة الكبرى 3: 29 يقول بعدم وقوع طلاق المكره على نحو التقية، محتجاً بذلك بقول الصحابي ابن مسعود: (ما من كلام يدرأ عني سوطين من سلطان، إلا كنت متكلماً به).
ملاحظات مهمة:
إن التقية لا تكون مع كل خطر.. بل لا بد أن يكون هناك خطر يعتد به شرعاً، فلا يتذرع الإنسان في أن يكتم الحق، وفي أن يعمل بواجبه.
وهنالك موارد للتقية: منها دفع الضرر عن النفس، وعن المال، وعن العرض.. أما أن تكون التقية في كل صغيرة وكبيرة، فإن هذا ليس من مذاق الشريعة.
إن هنالك تقية خارجية، وهنالك اعتزاز باطني.. فعمار عندما أًكره على الشرك، كان قلبه متوجها إلى الله عز وجل.. وعليه، فإن المتقي لا يخاف، وإنما يراعي المصلحة.. واقتران التقية بالخوف القلبي، هذا هو الذل الباطني.. والإمام الصادق (ع) عندما يقول: (التقية من دين الله).. فإنه لا يرضى أن يعيش الخوف، والهلع الباطني.
هب أنك مجاز بالتقية!.. فإن هذا لا يعني عدم العمل على تغيير الطرف الآخر، الذي يحمل معتقدات خاطئة.. فعليك أن تحاول تغيره، من الباطل إلى الحق.. فالتقية لا تنافي الحركة الواعية، لأجل تغيير الذين لا يعرفون الحق.. إلا المعاندين، فأولئك ذرهم وشأنهم إلى أن يلقوا ربهم يوم القيامة.