ق2: الصيام في وجههِ الآخر حقّا :
==================
:القسم الثاني :
============
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183
بمعنى يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه
فرض الله عليكم الصيام كما فرضه على الأمم من قبلكم
لعلَّكم تتقون ربكم, فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية بطاعته وأداء الصيام خالصاً له سبحانه وحده.
ف { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
هو المكسب الحقيقي والمطلب الرباني الذي يُريده الله تعالى لنا و منا في حال الصيام
فليس الصوم هو الإمتناع عن الأكل والشرب وتناول المفطرات الأخرى فحسب
ولافخر للإنسان بذلك
فقد توجد حاشاكم بعض الحيوانات ممن تمتنع عن الأكل لأكثر من شهر
كماهو معروف عند الإبل فهي لها من القدرة والإستغناء عن الأكل لمدة طويلة قد تقرب من الشهرين بحسب التجربة
لذا لم يتعرض القرآن الكريم لهذه الحالة حالة الإمتناع عن الأكل والشرب بالأهمية
بقدر ما تعرَّض للغاية والغرض الواقعي وهو تحصيل التقوى
وحتى إنَّ إستعمال القرآن الكريم
لمفردة(لعلّ)
والتي تفيد معنى الترجي والطمع في الحصول على ميزة التقوى في من العناية بذلك بوضوح
فالقرآن الكريم جعل الصوم بعباديته المتجسدة ظاهرا بالإمتناع عن الأكل والشرب وتناول المفطرات في النهار مؤقتا طريقا للوصول الى التقوى
ولذا جائت مفردة
{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
في محلها ووعيها بأن ليس كل صائم قد يصل الى مقام التقوى
وإن سلك الطريق الموصل مادام لايُركّز على التعنون بالتقوى في طريقه
لا أنه يُريد الوصول الى التقوى من دون تقوى من أول الآمر
فالموصل الى التقوى هو التقوى في الإمتناع عن تناول المفطرات إبتداءً
لابجعل الصوم عادة وهواية قد إعتادها الإنسان بشريا وسنويا.
والمهم بعد ذلك كله أن يشغل الصائم نفسه وقلبه بذكر الله تعالى
فيكف نظره عن ما يحرم النظر إليه
ويكف سمعه عن كل ما يحرم سماعه من الغيبة والنميمة والغناء وكلام الباطل واللغو
ويحفظ لسانه عن جميع المحرمات اللسانية كالسب والشتم
وقذف اعراض الناس وذكر معايبهم وغيرها كثير
ويكف بطنه وفرجه عن الحرام والشبهات
ففي الحديث الشريف يوجد تركيزٌ على هذا العنوان
عن الإمام الصادق:عليه السلام: أنه قال:
: إنما شيعة علي:عليه السلام:
من عفّ بطنه وفرجه وإشتد جهاده
وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه
فإذا رأيتَ أولئك فإولئك شيعة جعفر:
: الكافي : الكليني: ج2: ص233.
وينبغي أخلاقيا وتقوائيا للصائم أن لايستكثر وقت الإفطار من الأكل والشرب بحيث يمتلىء في بطنه متناسيا مَن حوله ممن لايجد قرص الخبز ومَن يتضور جوعا
وقد ورد في الحديث النبوي
: ما من وعاء أبغض إلى الله من بطن ملئ من حلال :
: التحفة السنية :السيد عبد الله الجزائري: ص169. كتاب مخطوط
لاحظوا الإمتلاء من الأكل الحلال فيه مبغوضية
وهذه المبغوضية تأتي من كونها زيادة وإفراط
قد يُشبِع بها جائعٌ
أفضل من أن يُطرح فضلة في نهاية المطاف حاشاكم
فألله تعالى وبحسب مايفهم علماء الأخلاق والعرفان
بأنه تعالى إنما شرّع الصوم حتى تنكسر القوة الشهوية في النفس البشرية
والتي قد إعتادت على الأكل والشرب
دونما تأخذ هي قسطا وافرا من الأمتناع المؤقت
والذي معه تهدأ فورة الشهوة البشرية
وتتقوى النفس المؤمنة بالصوم على التقوى وتترفع عن مستوى الأكل والشرب
تاركةً لكيانيتها المجال ولو المؤقت في النهار بضرورة التشبه بالملائكة الكرام الذين لايأكلون ولايشربون
وإن كانوا هم خلقٌ مختلف عنّا تماما
ولكن نحن وإياهم في وقت الصيام نشترك بصفة واحدة وهي الكف عن المفطرات .
ومن هنا يكون إمكان التشبه بهم سلوكيا.
بل ربما نفوقهم في هذه الميزة لأننا نحن بني الإنسان إنما نترك الأكل والشرب والمفطرات طوعا
وهم أصلا وخلقا غير محتاجين لذلك
فكيف ما كان لابد من وعي الغرص الأصلي من تشريع الصيام
وهو الوصول الى التقوى الفعلية وتنشيطها ميدانيا في أوساط المجتمع
وخصوصا الفقراء والمحرومين وضرورة مواساتهم بالعون المالي والغذائي قدرالمستطاع
وقد قال رسول الله :صلى الله عليه وآله وسلّم:
في خطبته الشهيرة الخاصة بشهر رمضان المبارك:
: وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم
ووقروا كباركم وارحموا صغاركم
وصلوا ارحامكم
: الأمالي:الصدوق:ص154.
وأخيرا ينبغي لكل إنسان مؤمن صائم أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقا بين الخوف من الله ورجاء رحمته وثوابه
إذ ليس يدري الإنسان الصائم
أيقبلُ صومه فيكون من المقربين أم لا ؟
وروي : أنَّ الإمام أبا محمد الحسن المجتبى
:عليه السلام:
مر بقوم يوم العيد ، وهم يضحكون
فقال :
: إنَّ الله تعالى جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه
يستبقون فيه لطاعته
فسبق أقوام ففازوا ، وتخلف أقوام فخابوا
فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه المسارعون وخاب فيه المبطلون ،
أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه ، والمسئ عن إساءته :
: أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب ، وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك :
: جامع السعادات: الشيخ محمد مهدي النراقي:ج3:ص 304.
وصيامٌ مقبولٌ إن شاء الله تعالى للجميع بحق محمد وآله:عليهم السلام:
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي: النجف الأشرف :
==================
:القسم الثاني :
============
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183
بمعنى يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه
فرض الله عليكم الصيام كما فرضه على الأمم من قبلكم
لعلَّكم تتقون ربكم, فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية بطاعته وأداء الصيام خالصاً له سبحانه وحده.
ف { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
هو المكسب الحقيقي والمطلب الرباني الذي يُريده الله تعالى لنا و منا في حال الصيام
فليس الصوم هو الإمتناع عن الأكل والشرب وتناول المفطرات الأخرى فحسب
ولافخر للإنسان بذلك
فقد توجد حاشاكم بعض الحيوانات ممن تمتنع عن الأكل لأكثر من شهر
كماهو معروف عند الإبل فهي لها من القدرة والإستغناء عن الأكل لمدة طويلة قد تقرب من الشهرين بحسب التجربة
لذا لم يتعرض القرآن الكريم لهذه الحالة حالة الإمتناع عن الأكل والشرب بالأهمية
بقدر ما تعرَّض للغاية والغرض الواقعي وهو تحصيل التقوى
وحتى إنَّ إستعمال القرآن الكريم
لمفردة(لعلّ)
والتي تفيد معنى الترجي والطمع في الحصول على ميزة التقوى في من العناية بذلك بوضوح
فالقرآن الكريم جعل الصوم بعباديته المتجسدة ظاهرا بالإمتناع عن الأكل والشرب وتناول المفطرات في النهار مؤقتا طريقا للوصول الى التقوى
ولذا جائت مفردة
{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
في محلها ووعيها بأن ليس كل صائم قد يصل الى مقام التقوى
وإن سلك الطريق الموصل مادام لايُركّز على التعنون بالتقوى في طريقه
لا أنه يُريد الوصول الى التقوى من دون تقوى من أول الآمر
فالموصل الى التقوى هو التقوى في الإمتناع عن تناول المفطرات إبتداءً
لابجعل الصوم عادة وهواية قد إعتادها الإنسان بشريا وسنويا.
والمهم بعد ذلك كله أن يشغل الصائم نفسه وقلبه بذكر الله تعالى
فيكف نظره عن ما يحرم النظر إليه
ويكف سمعه عن كل ما يحرم سماعه من الغيبة والنميمة والغناء وكلام الباطل واللغو
ويحفظ لسانه عن جميع المحرمات اللسانية كالسب والشتم
وقذف اعراض الناس وذكر معايبهم وغيرها كثير
ويكف بطنه وفرجه عن الحرام والشبهات
ففي الحديث الشريف يوجد تركيزٌ على هذا العنوان
عن الإمام الصادق:عليه السلام: أنه قال:
: إنما شيعة علي:عليه السلام:
من عفّ بطنه وفرجه وإشتد جهاده
وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه
فإذا رأيتَ أولئك فإولئك شيعة جعفر:
: الكافي : الكليني: ج2: ص233.
وينبغي أخلاقيا وتقوائيا للصائم أن لايستكثر وقت الإفطار من الأكل والشرب بحيث يمتلىء في بطنه متناسيا مَن حوله ممن لايجد قرص الخبز ومَن يتضور جوعا
وقد ورد في الحديث النبوي
: ما من وعاء أبغض إلى الله من بطن ملئ من حلال :
: التحفة السنية :السيد عبد الله الجزائري: ص169. كتاب مخطوط
لاحظوا الإمتلاء من الأكل الحلال فيه مبغوضية
وهذه المبغوضية تأتي من كونها زيادة وإفراط
قد يُشبِع بها جائعٌ
أفضل من أن يُطرح فضلة في نهاية المطاف حاشاكم
فألله تعالى وبحسب مايفهم علماء الأخلاق والعرفان
بأنه تعالى إنما شرّع الصوم حتى تنكسر القوة الشهوية في النفس البشرية
والتي قد إعتادت على الأكل والشرب
دونما تأخذ هي قسطا وافرا من الأمتناع المؤقت
والذي معه تهدأ فورة الشهوة البشرية
وتتقوى النفس المؤمنة بالصوم على التقوى وتترفع عن مستوى الأكل والشرب
تاركةً لكيانيتها المجال ولو المؤقت في النهار بضرورة التشبه بالملائكة الكرام الذين لايأكلون ولايشربون
وإن كانوا هم خلقٌ مختلف عنّا تماما
ولكن نحن وإياهم في وقت الصيام نشترك بصفة واحدة وهي الكف عن المفطرات .
ومن هنا يكون إمكان التشبه بهم سلوكيا.
بل ربما نفوقهم في هذه الميزة لأننا نحن بني الإنسان إنما نترك الأكل والشرب والمفطرات طوعا
وهم أصلا وخلقا غير محتاجين لذلك
فكيف ما كان لابد من وعي الغرص الأصلي من تشريع الصيام
وهو الوصول الى التقوى الفعلية وتنشيطها ميدانيا في أوساط المجتمع
وخصوصا الفقراء والمحرومين وضرورة مواساتهم بالعون المالي والغذائي قدرالمستطاع
وقد قال رسول الله :صلى الله عليه وآله وسلّم:
في خطبته الشهيرة الخاصة بشهر رمضان المبارك:
: وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم
ووقروا كباركم وارحموا صغاركم
وصلوا ارحامكم
: الأمالي:الصدوق:ص154.
وأخيرا ينبغي لكل إنسان مؤمن صائم أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقا بين الخوف من الله ورجاء رحمته وثوابه
إذ ليس يدري الإنسان الصائم
أيقبلُ صومه فيكون من المقربين أم لا ؟
وروي : أنَّ الإمام أبا محمد الحسن المجتبى
:عليه السلام:
مر بقوم يوم العيد ، وهم يضحكون
فقال :
: إنَّ الله تعالى جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه
يستبقون فيه لطاعته
فسبق أقوام ففازوا ، وتخلف أقوام فخابوا
فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه المسارعون وخاب فيه المبطلون ،
أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه ، والمسئ عن إساءته :
: أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب ، وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك :
: جامع السعادات: الشيخ محمد مهدي النراقي:ج3:ص 304.
وصيامٌ مقبولٌ إن شاء الله تعالى للجميع بحق محمد وآله:عليهم السلام:
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي: النجف الأشرف :