خطوط السير في الحياة
خلق الله الإنسان ومنحه نعمة العقل وطلب منه إن يحكم عقله في جميع إعماله في الحياة الدنيا وهناك أناس لا يعملون بما أراد الله فمنهم المشرك ومنهم العاصي ومنهم من يتصور إن الحياة مجرد لهوا ولعب واكل وشرب وفي النهاية موت دون إن يتنبه إلى ما حاوله من قوانين في هذه الحياة فلا يتخذ فيها سبيلا ينجيه ولغرض إن ينجوا في نهاية مسيرة حياته عليه إن يعلم بان السير في خطوط هذه الحياة يشبه كثيرا سير قافلة كبيرة منطلقة بمختلف إشكالها ومكوناتها وما تحتويه تلك القافلة تنطلق من نقطة بداية وضعت لها متجه في سيرها إلى هدفها النهائي الذي رسم لها أيضا والمعلوم إن الحياة بداية ونهاية كما هو سير تلك القافلة ولا يوجد مخلوق في الحياة يخالف هذه القاعدة التي وضعها الله تعالى في الحياة الدنيا والقاعدة هذه توضح المسار للمخلوقات في الدنيا بان لكل بداية نهاية ، قال الله تعالى (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وكذلك قيل ( لو دامت لغيرك لما وصلت إليك) وقد خلقت محدودة لها بداية ونهاية لان الدنيا دار ممر لا دار مقر وهي دار امتحان وللامتحان نهاية ونتيجته تعلن في نهايته فمنهم الفائز ومنهم الخاسر،وقد خلق الله للإنسان فيها كل ما يحتاج في مسيرته فيها إلى نهاية امتحانه من نعم مختلفة منها أرادها الله لامتحانه ويسأله عنها ومنها لغرض تقويم حياته وما يحتاج فيها حتى يصل إلى خط النهاية المرسوم له ولو تأملنا قليلا في مسار الحياة هذه لوجدناه يتكون من خطين وبينهما خط وسط ويكون هذا الخط ضعيفا و سالكه متذبذب ومتردد الإرادة عن مواصلة السير فيه(مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) وهذه الخطوط هي كما يلي:
الخط الأول :من سار في هذا الخط يسير ثابت الخطى بإتجاة واحد إلى النهاية ويحقق الفوز فيه بأقل مجهود واقل متاعب عن ما يحصل عليه الآخرين في الخطوط البقية وذلك لعدم تجاوز الحدود الموضوعة لهذا الخط وحتى يستطع عدم تجاوزها يحتاج الى لجام كلجام الخيول الذي يحدد حركتهن واللجام هنا هو العقل الذي به الله يثيب ويعاقب ومن يلتزم لجامه ويسير بحدود طول لجامه فقط يكون ثابت السير والاتجاه وبهذا أصبح لا وجود لتأثير ما يعرقل سيره من تفرعات جانبية قد يميل قلبه اليها ولعدم وجود علاقة لهذه التفرعات في بداية ونهاية خط سيره الذي رسم له مما سهل وصوله إلى نهاية البداية بنجاح دون إن يتأخر عن القافلة ويكون نجاحه هذا بسبب صبره على مصاعب ومتاعب هذا الخط وما يعترضه من محن يمر بها عند مسيرته هذه . قال الإمام علي(علية السلام ) ( مَنْ لَمْ يُنْجِهِ الصبْرُ أَهْلَكَهُ الجَزَعُ ) وقال (علية السلام ) ( الصبْرُ صَبْرَانِ : صَبْرٌ عَلَى مَا تَكْرَهُ ، وَصَبْرٌ عَمَّا تُحِبُّ ).
الخط الوسط : من سار في هذا الخط هو من ترك الخط الأول ومال قلبه باتجاه التفرعات الجانبية و يكون سيره غير ثابت الاتجاه وهدفه يكون خارج إرادته حيث تراه ينفلت من سير القافلة إلى ما لا حاجة له فيها بل رغبة وتحت تأثير غريزته وليس عقله دون إن يفكر بهدفه الأول الذي انطلق من اجله مع القافلة ولكن عندما يسير في هذا الخط يكون أحياننا و في بعض الحالات لم يترك لجامه بل يكون مقيد فيه لحد ما وقد يعيده لجامه هذا إلى مكانه السابق في الخط الأول الذي انفلت منه في حالة الغفلة بأن خطه الذي هو فيه ألان لا يضر ولا ينفع بل يضر أحيانا ويقع الضرر هذا عندما ينفلت بصورة كاملة ويقطع لجامه ينحدر بذلك نحو الخط الثاني ولا يعود إلى الخط الأول وهذا هو الخسران المبين وهنا تكمن خطورة هذا الخط فيجب عدم التفكير في التوجه الى مثل هذا الخط لأنه لا يوصل إلى الهدف كما في الخط الأول بل يولد الندم والحسرة الكبرى لسبين :
الأول : كونه لا يوصل إلى الهدف المقرر الذي خلق الإنسان من اجله في هذه الدنيا.
الثاني: يندم من سار فيه بعد علمه بوصول القافلة التي تخلف عنها إلى هدفها وهو لم يصل ولشعوره بضياع الوقت أيضا .
وحينها لا فائدة من الندم ، ومن كان في هذا الخط علية إن ينتفع من نصيحة وحكمة الإمام علي(عليه السلام) إذ يقول (قُرِنَتِ الهَيْبَةِ بِالْخَيْبَةِ ،وَالْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ، وَالْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرًّ السَّحَابِ، فَانْتَهِزُوا فُرَصَ الْخَيْرِ .
الخط الثاني : يكون السير فيه بدون هدف ونهاية سيره الندامة والخسران المبين ومن كان فيه يكون كسير المنفلت من لجامه واللجام هنا العقل والقيود العامة والأعراف التي وضعت له كانسان ومن سار بدون هذا لجام لا يصل إلى هدفه الذي وجد من اجله بهذا يكون قد فقد قيمته الاعتبارية وان منهم من رضي الدنيا وعمل إليها فقط وترك عمل الآخرة فان مصيره إلى نار جهنم خالدا فيها قال الله تعالى في كتابة الكريم ( مَن كَانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُنيا وزينَتَها نُوَفِ إلَيِهم أَعمالَهُم فيها وهُم فيها لا يُبخَسُونَ(15) أُولائك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النارُ وحبط ما صَنَعُوا فيها وَبَاطِلٌ ما كانُوا يَعمَلُونَ) وقد انحرف إلى مثل هذا الخط هم الخوارج وقال عنهم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حين مر بقتلى الخوارج يوم النهروان ( بُؤْساً لَكُمْ ، لَقَدْ ضَرَّكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ، فقيل له: مَنْ غَرَّهُمْ يا أمِيرَ المؤْمنين؟ فقال: الشَّيْطَانُ المُضِلٌّ ، وَالأنْفُسُ الأمَّارَةُ بِالسٌّوءِ ، غَرَّتْهُمْ بِالأَمَانِيِّ ، وَفَسَحَتْ لِهُمْ بِالْمَعَاصِي، وَوَعَدَتْهُمُ الإظْهَارَ، فَاقْتَحَمَتْ بِهِمٌ النَّارَ)
وان من عمل في خطه هذا لا ينفعه عمله لان الدنيا فانية ومن يروم البقاء فيها ويتخلف عن المسير لله مع قافلة المؤمنين يندم على نتيجة عمله ونستشهد على ذلك بقول الإمام علي (عليه السلام) في ذكر فناء الدنيا (قال علية السلام : مَعَاشِرَ الناسِ ، أتقو الله ، فَكَمْ مِنْ مُؤَمَلٍ مَالَا يَبْلُغُهُ، وَبَانٍ مَالَا يَسْكُنُهُ، وَجَامِعٍ مَا سَوْفَ يَتْرُكُهُ، وَلَعَلهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ، وَمِنْ حَق مَنَعَهُ ،أَصَابَهُ حَرَاماً ، وَاحْتَمَلَ بِهِ آثَاماً، فَبَاءَ بِوِزْرِهِ، وَقَدِمَ عَلَى رَبهِ،آسِفاً لاهِفاً ) .
بعد هذا يتضح لنا مما تقدم ان في القافلة التي انطلقت في سيرها كان من يحتاج الى زاد وخير زاد لهم هو التقوى ( وَتزودوا فإن خير الزاد التقوى وَاتقوني يا أوْلِي الألباب) ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب ويتضح له طريق الحق من الباطل ومن لم يتقي الله يقع في الندم وقال احد الشعراء وهو الاعشى في هذا المعنى:
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله وأنك لم ترصد كما كان أرصدا
عبدعلي البصري
خلق الله الإنسان ومنحه نعمة العقل وطلب منه إن يحكم عقله في جميع إعماله في الحياة الدنيا وهناك أناس لا يعملون بما أراد الله فمنهم المشرك ومنهم العاصي ومنهم من يتصور إن الحياة مجرد لهوا ولعب واكل وشرب وفي النهاية موت دون إن يتنبه إلى ما حاوله من قوانين في هذه الحياة فلا يتخذ فيها سبيلا ينجيه ولغرض إن ينجوا في نهاية مسيرة حياته عليه إن يعلم بان السير في خطوط هذه الحياة يشبه كثيرا سير قافلة كبيرة منطلقة بمختلف إشكالها ومكوناتها وما تحتويه تلك القافلة تنطلق من نقطة بداية وضعت لها متجه في سيرها إلى هدفها النهائي الذي رسم لها أيضا والمعلوم إن الحياة بداية ونهاية كما هو سير تلك القافلة ولا يوجد مخلوق في الحياة يخالف هذه القاعدة التي وضعها الله تعالى في الحياة الدنيا والقاعدة هذه توضح المسار للمخلوقات في الدنيا بان لكل بداية نهاية ، قال الله تعالى (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وكذلك قيل ( لو دامت لغيرك لما وصلت إليك) وقد خلقت محدودة لها بداية ونهاية لان الدنيا دار ممر لا دار مقر وهي دار امتحان وللامتحان نهاية ونتيجته تعلن في نهايته فمنهم الفائز ومنهم الخاسر،وقد خلق الله للإنسان فيها كل ما يحتاج في مسيرته فيها إلى نهاية امتحانه من نعم مختلفة منها أرادها الله لامتحانه ويسأله عنها ومنها لغرض تقويم حياته وما يحتاج فيها حتى يصل إلى خط النهاية المرسوم له ولو تأملنا قليلا في مسار الحياة هذه لوجدناه يتكون من خطين وبينهما خط وسط ويكون هذا الخط ضعيفا و سالكه متذبذب ومتردد الإرادة عن مواصلة السير فيه(مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) وهذه الخطوط هي كما يلي:
الخط الأول :من سار في هذا الخط يسير ثابت الخطى بإتجاة واحد إلى النهاية ويحقق الفوز فيه بأقل مجهود واقل متاعب عن ما يحصل عليه الآخرين في الخطوط البقية وذلك لعدم تجاوز الحدود الموضوعة لهذا الخط وحتى يستطع عدم تجاوزها يحتاج الى لجام كلجام الخيول الذي يحدد حركتهن واللجام هنا هو العقل الذي به الله يثيب ويعاقب ومن يلتزم لجامه ويسير بحدود طول لجامه فقط يكون ثابت السير والاتجاه وبهذا أصبح لا وجود لتأثير ما يعرقل سيره من تفرعات جانبية قد يميل قلبه اليها ولعدم وجود علاقة لهذه التفرعات في بداية ونهاية خط سيره الذي رسم له مما سهل وصوله إلى نهاية البداية بنجاح دون إن يتأخر عن القافلة ويكون نجاحه هذا بسبب صبره على مصاعب ومتاعب هذا الخط وما يعترضه من محن يمر بها عند مسيرته هذه . قال الإمام علي(علية السلام ) ( مَنْ لَمْ يُنْجِهِ الصبْرُ أَهْلَكَهُ الجَزَعُ ) وقال (علية السلام ) ( الصبْرُ صَبْرَانِ : صَبْرٌ عَلَى مَا تَكْرَهُ ، وَصَبْرٌ عَمَّا تُحِبُّ ).
الخط الوسط : من سار في هذا الخط هو من ترك الخط الأول ومال قلبه باتجاه التفرعات الجانبية و يكون سيره غير ثابت الاتجاه وهدفه يكون خارج إرادته حيث تراه ينفلت من سير القافلة إلى ما لا حاجة له فيها بل رغبة وتحت تأثير غريزته وليس عقله دون إن يفكر بهدفه الأول الذي انطلق من اجله مع القافلة ولكن عندما يسير في هذا الخط يكون أحياننا و في بعض الحالات لم يترك لجامه بل يكون مقيد فيه لحد ما وقد يعيده لجامه هذا إلى مكانه السابق في الخط الأول الذي انفلت منه في حالة الغفلة بأن خطه الذي هو فيه ألان لا يضر ولا ينفع بل يضر أحيانا ويقع الضرر هذا عندما ينفلت بصورة كاملة ويقطع لجامه ينحدر بذلك نحو الخط الثاني ولا يعود إلى الخط الأول وهذا هو الخسران المبين وهنا تكمن خطورة هذا الخط فيجب عدم التفكير في التوجه الى مثل هذا الخط لأنه لا يوصل إلى الهدف كما في الخط الأول بل يولد الندم والحسرة الكبرى لسبين :
الأول : كونه لا يوصل إلى الهدف المقرر الذي خلق الإنسان من اجله في هذه الدنيا.
الثاني: يندم من سار فيه بعد علمه بوصول القافلة التي تخلف عنها إلى هدفها وهو لم يصل ولشعوره بضياع الوقت أيضا .
وحينها لا فائدة من الندم ، ومن كان في هذا الخط علية إن ينتفع من نصيحة وحكمة الإمام علي(عليه السلام) إذ يقول (قُرِنَتِ الهَيْبَةِ بِالْخَيْبَةِ ،وَالْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ، وَالْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرًّ السَّحَابِ، فَانْتَهِزُوا فُرَصَ الْخَيْرِ .
الخط الثاني : يكون السير فيه بدون هدف ونهاية سيره الندامة والخسران المبين ومن كان فيه يكون كسير المنفلت من لجامه واللجام هنا العقل والقيود العامة والأعراف التي وضعت له كانسان ومن سار بدون هذا لجام لا يصل إلى هدفه الذي وجد من اجله بهذا يكون قد فقد قيمته الاعتبارية وان منهم من رضي الدنيا وعمل إليها فقط وترك عمل الآخرة فان مصيره إلى نار جهنم خالدا فيها قال الله تعالى في كتابة الكريم ( مَن كَانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُنيا وزينَتَها نُوَفِ إلَيِهم أَعمالَهُم فيها وهُم فيها لا يُبخَسُونَ(15) أُولائك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النارُ وحبط ما صَنَعُوا فيها وَبَاطِلٌ ما كانُوا يَعمَلُونَ) وقد انحرف إلى مثل هذا الخط هم الخوارج وقال عنهم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) حين مر بقتلى الخوارج يوم النهروان ( بُؤْساً لَكُمْ ، لَقَدْ ضَرَّكُمْ مَنْ غَرَّكُمْ، فقيل له: مَنْ غَرَّهُمْ يا أمِيرَ المؤْمنين؟ فقال: الشَّيْطَانُ المُضِلٌّ ، وَالأنْفُسُ الأمَّارَةُ بِالسٌّوءِ ، غَرَّتْهُمْ بِالأَمَانِيِّ ، وَفَسَحَتْ لِهُمْ بِالْمَعَاصِي، وَوَعَدَتْهُمُ الإظْهَارَ، فَاقْتَحَمَتْ بِهِمٌ النَّارَ)
وان من عمل في خطه هذا لا ينفعه عمله لان الدنيا فانية ومن يروم البقاء فيها ويتخلف عن المسير لله مع قافلة المؤمنين يندم على نتيجة عمله ونستشهد على ذلك بقول الإمام علي (عليه السلام) في ذكر فناء الدنيا (قال علية السلام : مَعَاشِرَ الناسِ ، أتقو الله ، فَكَمْ مِنْ مُؤَمَلٍ مَالَا يَبْلُغُهُ، وَبَانٍ مَالَا يَسْكُنُهُ، وَجَامِعٍ مَا سَوْفَ يَتْرُكُهُ، وَلَعَلهُ مِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ، وَمِنْ حَق مَنَعَهُ ،أَصَابَهُ حَرَاماً ، وَاحْتَمَلَ بِهِ آثَاماً، فَبَاءَ بِوِزْرِهِ، وَقَدِمَ عَلَى رَبهِ،آسِفاً لاهِفاً ) .
بعد هذا يتضح لنا مما تقدم ان في القافلة التي انطلقت في سيرها كان من يحتاج الى زاد وخير زاد لهم هو التقوى ( وَتزودوا فإن خير الزاد التقوى وَاتقوني يا أوْلِي الألباب) ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب ويتضح له طريق الحق من الباطل ومن لم يتقي الله يقع في الندم وقال احد الشعراء وهو الاعشى في هذا المعنى:
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله وأنك لم ترصد كما كان أرصدا
عبدعلي البصري