التدبُّر قبل العمل يؤمنك مِن الندم
انتصر ( معن بن زائدة ) في الحرب الضروب التي وقعت على حدود مدينة كابل ، فغنم الكثير وأسرَ العديد ، وعسكر في ( رخج ) على مشارف كابل ، حيث أنزل الجنود الأحمال وأراحوا الجياد مِن سروجها ، وفجأة شاهدوا غباراً كثيفاً يرتفع إلى عنان السماء ، فظنَّ معن أنَّ جيشاً مِن الأعداء يتقدَّم ، فأمر بقتل جميع الأسرى فقتل بهذا الأمر نحو أربعة آلاف أسيراً .
يقول فرج بن زياد : إنَّني وأبي كنَّا مِن بين الأسرى ، فأخفاني أبي تحت بعض أحداج الإبل . وقف أمامي قائلاً : إذا قتلت فقد أنجو أنا ، ثمَّ لم يمض وقت طويل حتَّى تبيَّن أنَّ الغبار كان بسبب قطيع كبير مِن الحمر الوحشية ، وهكذا قُتِل آلاف مِن الناس بسبب قرار مُتسرَّع غير مدروس ، فذهب هؤلاء ضحايا العجلة الخرقاء .
قد تؤدِّي العَجلة ـ أحياناً ـ إلى إحاطة العقل بظلام كثيف ، وتحويل الإنسان إلى كائن أعمى وأصمّ ، بحيث لا يعود يُميِّز ما هو خير له مِمَّا هو شَرٌّ له .
عن الإمام علي ( عليه السلام ) أنَّه قال : "التدبير قبل العمل يؤمنك مِن الندم" [1] .
[1] الأخلاق: 2 / 399 ، للعلامة الشيخ محمد تقي الفلسفي ( رحمه الله ) .