بسم الله الرحمن الرحيم
ولاية الأب على الأبناء والزوجة
فالجدير بالأب أن يراعي دوره التربوي في إعطاء تلك المعايير القانونية المرسومة من قبل الشريعة وتلقينها لأولاده بشتى أساليب الدعوة لتنطوي نفوسهم نحو الشريعة والقانون الإلهي فيحسن أن يعاملهم بالقانون ويطبقه عليهم من جميع أنحائه التشريعية والأخلاقية ويكون متأدباً بأدب الإسلام وقوانينه فإنها المسيرة الخالدة في جميع متطلبات الحياة. و لنأخذ بالجوانب التربوية التي أشار الدين الإسلامي إليها فقد ورد عن أبي الحسن (موسى بن جعفر عليهالسلام) قال جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : «يا رسول اللّه ما حق ابني هذا، قال تحسن اسمه وأدبه و وضعه موضعاً حسناً». نلاحظ الأدوار التي أشار إليها الرسول صلىاللهعليهوآله حول تربية الولد فأول منطلق أن يجعل له اسماً حسناً ولا يجعل له اسماً يشمئز منه المجتمع فإن الاسم دلالة على المسمى والكشف عن ذاته فلا يسمى مثل أنف الناقة ولا الجحش أو الزبالة أو سرجين كما يتعاطاها بعض المناطق العشائرية في العراق وإيران، وقد حرض الإسلام على التعاون وجعل الطرق المساعدة على المسيرة من قبل الآباء حتى تكون المبادلة من الطرفين وقد جاء عن علي عليهالسلام : «قال أعينوا أولادكم على برّكم من شاء استخرج العقوق من ولده». و قال عليهالسلام : «يلزم من العقوق لأولادهم ما يلزم الأولاد من العقوق لآبائهم». و قال عليهالسلام : «لعن اللّه والدين حملا ولدهما على عقوقهما». فمثل هذه الروايات ترشدك إلى أن العقوق كما يحدث من قبل الولد للوالد كذلك يكون العقوق من قبل الوالد على الولد وذلك إذا هيأ الأجواء في التمرد والوقيعة في سوار البغض والشحناء والكراهية والعداء كالضرب الشديد والصراخ المتواصل وعدم العطاء بما يكفي قوته ومؤونته وشتم أمه وضربها أمامه وعدم الاستجابة لمطالبه دائماً من غير تحليل في الامتناع وجعله في محيط فاسد وبيئة فاسدة تؤهله على العقوق والابتعاد عن والديه كل ذلك من موجبات تقريب الولد إلى العصيان والتمرد والمخالفة في عدم الطاعة لوالديه. و قال صلىاللهعليه وآله : «حق الولد على والده إذا كان ذكرا أن يستعزه أمه ويستحسن اسمه ويعلمه كتاب اللّه ويطهره ويعلمه السباحة وإن كانت أنثى أن يستعزه أمها ويستحسن اسمها ويعلمها سورة النور ولا يعلمها سورة يوسف». إذ أن سورة النور ناظرة إلى الأحكام الشرعية للبنت والأمر بالابتعاد عن الزنى وبيان حكم الزاني والزانية إذ تقول الآية : « الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين اللّه إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين »[1]. و قوله تعالى: « الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين »[2]. وفي سورة النور آيات كثيرة على حكم الاتهام للمحصنات ورمي الأزواج زوجاتهم ولم يكن لهم شهادة وشرط الشهادة « أربعة شهادات باللّه إنه لمن الصادقين »[3]. و قوله تعالى: « إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل أمرئمنهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم »[4]. ثم استعرض القرآن دور الموازنة والاتفاق الخلقي بين الجنسين فقال: « الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم »[5]. و أشار القرآن إلى دور الوقاية والحفاظ على الجانب الأخلاقي والحيطة على الأعراض والأموال وعدم وقوع الإنسان في موارد التهم والشك. كما ورد في قوله تعالى: « يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم واللّه بما تعملون عليم »[6]. وأشار القرآن أيضاً إلى دور عدم الرؤية للمؤمنات كما في قوله تعالى: « وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن »[7]. أما سورة يوسف فهي ناظرة إلى دور جمال الرجل ومحاسنه ودور العشق لجمال يوسف ومراودة زليخا ليوسف فكان من المستعصمين بعد أن همت به وهم بها بالضرب لولا أن رأى برهان ربه وهو النبوة والمعرفة والانكشاف في عواقب الأمور وبرأه طفل صغير في المهد حيث أنطقه اللّه فكشف سر شق الثوب من القبل أو الدبر وبيان النكتة فقال الملك لزليخا استغفري لذنبك وأمر بيوسف إلى السجن وكان دوره في السجن أن يفسر الأحلام ثم انكشف له سره إلى الملك وأخرجه وفسر حلمه وأصبح أميناً على خزائن مملكته ورجعت أمه ووالده وأخوته إليه ورد بصر يعقوب بعد أن كان من المنتظرين له. وهذا سر ما ذكره الرسول أن لا تعلم البنت سورة يوسف وأن تعلم سورة النور. ثم قال صلىاللهعليهوآله : «من قبل ولده كتب له حسنة ومن فرّحه فرّحه اللّه يوم القيامة ومن علّمه القرآن دعي بالوالدين فكسيا حلتين يضئمن نورهما وجوه أهل الجنة». ثم الملاحظ من أطروحات الروايات على التحريض في تحسين الأسماء كما أشرنا إليه أنه لأجل تكريم الإنسان وحفظ شخصيته الاجتماعية للكشف عن الجانب الخلقي فإن الأسماء كاشفة لمداليلها ومسمياتها فقد روى أبو الدرداء عن النبي صلىاللهعليهوآله : «إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم». و قال علي عليهالسلام : «و حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويحسن أدبه ويعلمه القرآن « وجاء في الحديث «تسموا بأسماء الأنبياء». وقد جاء في كلام الحكماء «إن أحبكم إلينا قبل أن نراكم أحسنكم اسماً فإذا ناديناكم فأحسنكم وجهاً وإذا سمعناكم فأثبتكم منطقاً وإذا اختبرناكم فأحسنكم عملاً أما سرائركم فبينكم وبين ربكم». وروى جابر عنه صلىاللهعليهوآله : «ما من بيت فيه أحد اسمه محمد إلا وسّع اللّه عليه الرزق فإذا سميتموهم به فلا تضربوهم ولا تشتموهم ومن ولد له ثلاثة ذكور ولم يسم أحدهم أحمد أو محمد فقد جفاني». ومن حديث عليّ عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآله : «إذا سميتم الولد محمداً فأكرموه وأوسعوا له في المجلس ولا تقبحوا له وجهاً». ونظرة الإسلام واحدة وشمولية لا يفرق بين الذكر والأنثى ألا فانظر إلى قول رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في البنت إذ يقول صلىاللهعليهوآله : «من كانت له ابنة فأدبها فأحسن تأديبها ورباها فأحسن تربيتها وغذاها فأحسن غذاءها كانت له وقاية من النار». فكل هذه الروايات لأجل جعل الولد في تهيئة نفسيته وترويضه إلى الخلق الرفيع ليكتسب الأخلاق والفضائل النفسية في ترويض نفسيته في قبوله نحو الفضائل والمكارم واعداده روحيا وعقليا حتى يكون عضوا صالحا في المجتمع الإسلامي من اشعة الايمان ج12 الخاقاني تحقيق dr. Sajid Sharif Atiya سجاد الشمري
[1] . النور / 2[2] . النور / 3[3] . النور / 6[4] . النور / 11[5] . النور / 36[6] . النور / 27 ـ 28[7] . النور / 31