مرض الآحادية:
ندرس في الحوزة في أول دروسنا في قطر الندى وألفية ابن مالك: قال الكوفيون وقال البصريون ، فنعرف أنهم يختلفون في الرأي ، لكنهم لايتعادون ولا يتقاتلون ! ثم نقرأ في المنطق ، والمعاني والبيان ، وأصول الفقه ، والفقه ، والتفسير ، وفي كل علم ندرسه أو نقرأ فيه ، أنه توجد آراء مختلفة في المسائل ، فلا يتعادى أهلها ، ولا يكره بعضهم بعضاً ، ولا هم يحزنون !
نتعلم بذلك أنه يوجد في المسائل العلمية موافق ومخالف ورأي ثالث ، وأن أصحابها يتعايشون لأنهم يؤمنون بالتعددية ، فيدافع كل منهم عن رأيه ، وينتقد رأي من خالفه ، لكنه يحترمه ويتعايش معه
ونقرأ عن حقوق المؤمن على المؤمن ، في الإخاء ، والمودة ، والمواساة ، وحفظه في الغيب ، وتحريم غيبته ونرى نماذج عالية من سلوك المؤمنين مع بعضهم ، من عصور أئمتنا(ع)الى يومنا
ونولد في بيوت تحترم العلماء ، وتقدس المراجع ، ثم نقرأ عن مكانتهم ومقامهم وسيرتهم ، فنحبهم أكثر ونقلدهم ونتعلم منهم ثم نتعرف على اختلاف آرائهم ، فنعذرهم لأن اجتهادهم مشروع ، ولأن الله تعالى يحاسب المرجع والعامي على قناعته هو بينه وبين ربه ، وليس على قناعتي أنا !
وفي التاريخ والعقائد ، ننتقد الآحاديين الذين اضطهدوا أصحاب الرأي الآخر ، وسلبوا منهم حقهم الشرعي في التعبير عن رأيهم ، ومنعوهم من قول ما يعتقدون ، وانتقاد ما يخالفون ، وأجبروهم على بيعتهم بالسيف !
ونقول إن أئمتنا(ع)وشيعتهم ضحية فرض الرأي ومصادرة الحرية ! وإن أمير المؤمنين علياً(ع)هو الحاكم الوحيد بعد النبي(ص)الذي احترم الإنسان المسلم ورد اليه حريته ، فلم يجبر أحداً على بيعته ، ولم يجبر أحداً من الذين بايعوه أن يقاتل معه الناكثين والقاسطين والمارقين !
نقول ذلك ونقبله ، فإذا جاء دور العمل دخلنا في امتحان التطبيق الصعب !
الفردية المفرطة عند الإلتقاطيين وجرأتهم على المراجع:
إن مرض الآحادية وظلم أصحاب الرأي المخالف واضطهادهم، مرضٌ عامٌّ لايسلم منه إلا المعصومون(ع)والقليل من الأولياء الذين قهروا شرَّ أنفسهم فاتسعت صدورهم لخصومهم، وبحثوا لهم عن المعاذير ، واتقوا الله فيهم حق تقاته ، فلم يقدموا على عمل ضدهم ، إلا مجبرين بحكم الشرع والتكليف!
لكن نلاحظ أن مرض الآحادية في الإلتقاطيين أكثر من غيرهم ! وأنهم من أشد الناس على من خالفهم ! فكم وصموا مراجع النجف وعلماءها الذين خالفونهم الرأي ، بصفات يندى لها جبين المتدينين ، وأقلها الجمود والقعود عن الواجب ! لكنهم غير حاضرين لأن يسمعوا وجهة نظرهم ، والسبب الشرعي عندهم في مخالفتهم لمشروعهم السياسي ، وطريقتهم في العمل !
والذي يقرر أن لايسمع رأي من خالفه ويفهمه، كيف ننتظر منه أن يحترمه ويحفظ حقه ، ويتعايش بالحسنى معه ؟!
والذي يُسْكره الغرور فيفقد توازنه عندما يرى حوله عدداً من الأنصار المسلحين ، ويريد من المراجع أن يطيعوه ماذا تنتظر منه إذا حكم ؟!
والوجه في الأمر واضح ، فإن الذي ينقص من مقام المعصوم(ع)ويظلمه ، أحرى بأن ينقص من مقام غيره ويظلمه !
العلاقة بين الجرأة على العلماء والجرأة على سفك الدماء:
قال علي(ع): (إذا كان في رجل خلة رائعة فانتظروا أخواتها) ( نهج البلاغة: 4/103)
ومعناه أنه إن كان فيه صفة سيئة فانتظروا أخواتها أيضاً ، لأن صفات الإنسان الرائعة والعائبة ، مجموعات أو عوائل مترابطة
ومن عائلة الجرأة على حرمة المراجع والعلماء ، الجرأة على حرمات بقية الناس ! ومن عائلة الإعتداء على حرمات الناس المعنوية ، إمكانية الإعتداء على حرمات وجودهم ، وارتكاب سفك دمائهم
إن من أصعب امتحانات الله تعالى للإنسان أن يمتحنه بخصم يخالفه الرأي ويعمل ضده ، ومع ذلك يوجب عليه أن يحفظ دمه وعرضه وغيبته ، إلا في موضوع ظلامته فيجيز له أن يجهر بها: (لايُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً) (النساء:148) هنا يمكننا أن نفهم حقيقة الشخص بأن ندرس تعامله مع خصمه ، خاصة في المسائل السياسية ، فنعرف أنه متدين ، أو فاسق ، أو مجرم !
أما صاحب الدين فيقف عند حدود الله تعالى ولايتعداها ، وقليل ما هم !
وأما الفاسق فيطلق العنان للسانه وعمله لكن الى مادون القتل وسفك الدم !
وأما المجرم فلا يقف في خصومته عند حد ، بل هو مستعد لأن يسفك دم خصمه ، ودم من يتصل به !!
وإذا وصل أمر الإنسان الى القتل بغير حق ، فقد خرج من الدين ومن الإنسانية ، وصار وحشاً مفترساً ، لكنه مع الأسف بصورة (إنسان متدين) !!
ندرس في الحوزة في أول دروسنا في قطر الندى وألفية ابن مالك: قال الكوفيون وقال البصريون ، فنعرف أنهم يختلفون في الرأي ، لكنهم لايتعادون ولا يتقاتلون ! ثم نقرأ في المنطق ، والمعاني والبيان ، وأصول الفقه ، والفقه ، والتفسير ، وفي كل علم ندرسه أو نقرأ فيه ، أنه توجد آراء مختلفة في المسائل ، فلا يتعادى أهلها ، ولا يكره بعضهم بعضاً ، ولا هم يحزنون !
نتعلم بذلك أنه يوجد في المسائل العلمية موافق ومخالف ورأي ثالث ، وأن أصحابها يتعايشون لأنهم يؤمنون بالتعددية ، فيدافع كل منهم عن رأيه ، وينتقد رأي من خالفه ، لكنه يحترمه ويتعايش معه
ونقرأ عن حقوق المؤمن على المؤمن ، في الإخاء ، والمودة ، والمواساة ، وحفظه في الغيب ، وتحريم غيبته ونرى نماذج عالية من سلوك المؤمنين مع بعضهم ، من عصور أئمتنا(ع)الى يومنا
ونولد في بيوت تحترم العلماء ، وتقدس المراجع ، ثم نقرأ عن مكانتهم ومقامهم وسيرتهم ، فنحبهم أكثر ونقلدهم ونتعلم منهم ثم نتعرف على اختلاف آرائهم ، فنعذرهم لأن اجتهادهم مشروع ، ولأن الله تعالى يحاسب المرجع والعامي على قناعته هو بينه وبين ربه ، وليس على قناعتي أنا !
وفي التاريخ والعقائد ، ننتقد الآحاديين الذين اضطهدوا أصحاب الرأي الآخر ، وسلبوا منهم حقهم الشرعي في التعبير عن رأيهم ، ومنعوهم من قول ما يعتقدون ، وانتقاد ما يخالفون ، وأجبروهم على بيعتهم بالسيف !
ونقول إن أئمتنا(ع)وشيعتهم ضحية فرض الرأي ومصادرة الحرية ! وإن أمير المؤمنين علياً(ع)هو الحاكم الوحيد بعد النبي(ص)الذي احترم الإنسان المسلم ورد اليه حريته ، فلم يجبر أحداً على بيعته ، ولم يجبر أحداً من الذين بايعوه أن يقاتل معه الناكثين والقاسطين والمارقين !
نقول ذلك ونقبله ، فإذا جاء دور العمل دخلنا في امتحان التطبيق الصعب !
الفردية المفرطة عند الإلتقاطيين وجرأتهم على المراجع:
إن مرض الآحادية وظلم أصحاب الرأي المخالف واضطهادهم، مرضٌ عامٌّ لايسلم منه إلا المعصومون(ع)والقليل من الأولياء الذين قهروا شرَّ أنفسهم فاتسعت صدورهم لخصومهم، وبحثوا لهم عن المعاذير ، واتقوا الله فيهم حق تقاته ، فلم يقدموا على عمل ضدهم ، إلا مجبرين بحكم الشرع والتكليف!
لكن نلاحظ أن مرض الآحادية في الإلتقاطيين أكثر من غيرهم ! وأنهم من أشد الناس على من خالفهم ! فكم وصموا مراجع النجف وعلماءها الذين خالفونهم الرأي ، بصفات يندى لها جبين المتدينين ، وأقلها الجمود والقعود عن الواجب ! لكنهم غير حاضرين لأن يسمعوا وجهة نظرهم ، والسبب الشرعي عندهم في مخالفتهم لمشروعهم السياسي ، وطريقتهم في العمل !
والذي يقرر أن لايسمع رأي من خالفه ويفهمه، كيف ننتظر منه أن يحترمه ويحفظ حقه ، ويتعايش بالحسنى معه ؟!
والذي يُسْكره الغرور فيفقد توازنه عندما يرى حوله عدداً من الأنصار المسلحين ، ويريد من المراجع أن يطيعوه ماذا تنتظر منه إذا حكم ؟!
والوجه في الأمر واضح ، فإن الذي ينقص من مقام المعصوم(ع)ويظلمه ، أحرى بأن ينقص من مقام غيره ويظلمه !
العلاقة بين الجرأة على العلماء والجرأة على سفك الدماء:
قال علي(ع): (إذا كان في رجل خلة رائعة فانتظروا أخواتها) ( نهج البلاغة: 4/103)
ومعناه أنه إن كان فيه صفة سيئة فانتظروا أخواتها أيضاً ، لأن صفات الإنسان الرائعة والعائبة ، مجموعات أو عوائل مترابطة
ومن عائلة الجرأة على حرمة المراجع والعلماء ، الجرأة على حرمات بقية الناس ! ومن عائلة الإعتداء على حرمات الناس المعنوية ، إمكانية الإعتداء على حرمات وجودهم ، وارتكاب سفك دمائهم
إن من أصعب امتحانات الله تعالى للإنسان أن يمتحنه بخصم يخالفه الرأي ويعمل ضده ، ومع ذلك يوجب عليه أن يحفظ دمه وعرضه وغيبته ، إلا في موضوع ظلامته فيجيز له أن يجهر بها: (لايُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً) (النساء:148) هنا يمكننا أن نفهم حقيقة الشخص بأن ندرس تعامله مع خصمه ، خاصة في المسائل السياسية ، فنعرف أنه متدين ، أو فاسق ، أو مجرم !
أما صاحب الدين فيقف عند حدود الله تعالى ولايتعداها ، وقليل ما هم !
وأما الفاسق فيطلق العنان للسانه وعمله لكن الى مادون القتل وسفك الدم !
وأما المجرم فلا يقف في خصومته عند حد ، بل هو مستعد لأن يسفك دم خصمه ، ودم من يتصل به !!
وإذا وصل أمر الإنسان الى القتل بغير حق ، فقد خرج من الدين ومن الإنسانية ، وصار وحشاً مفترساً ، لكنه مع الأسف بصورة (إنسان متدين) !!