من الروايات 28 صفرشهادة المظلوم الامام الحسن (ع).
بقلم |مجاهد منعثر منشد
الامام المجتبى سيّداً كريماً حليماً زاهداً، ذا سكينةٍ ووَقارٍ وحُشمة، جَواداً مَمدوحاً , ومن كبار الأجواد، وله الخاطر الوقاد, والسيّد المُحبَّب، والحكيم المقرَّب,هكذا قال ابن حجر ,و سبط ابن الجوزيّ, و أبو نعيم , ونقل ابن أبي الحديد عن المدائني قولَه: وكان الحسن (عليه السّلام) سيّداً سخيّاً حليماً خطيباً.
وذكر ابن شهرآشوب أنّ واصل بن عطاء قال: عليه سيماء الأنبياء، وبهاء الملوك.
أن من الروايات المذكورة في تاريخ أستشهاد الامام الحسن بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام) بأن شهادته (ع) كانت بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة أو تسع وأربعين .
وقضى نحبه شهيدا مسموما كما قال رسول الله (ص) : «..فلا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم ظلماً وعدواناً، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته، ويبكيه كل شيء حتى الطير في جو السماء والحيتان في جوف الماء، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام».
وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) متعلق بالامام (عليه السلام) تعلّق الأب بولده, فيكون المجتبى (عليه السّلام) سبطَ النبيّ وحفيده، وولدَه الشرعيّ والروحيّ معاً .
وأعلن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) لمن يحبّ ولدَه الحسن (عليه السّلام) قائلا : اللهمّ إنّي أُحبُّه، وأُحِبّ مَن يُحبّه ـ قالها ثلاث مرّات (1).
وأنّ محبّة المؤمن للإمام الحسن (عليه السّلام) كاشفة عن صدق محبّته لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).. كما أنّ محبّة العبد لله تعالى لا تتحقّق حتّى يُحبَّ مَن أحبَّه اللهُ تعالى، كذلك لا تتحقق محبّتُه لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) حتّى يُحبَّ المؤمنُ مَن أحبَّه رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).
يروي المتّقي الهنديّ عن أنس بن مالك أنّه قال: جئتُ أُميط الحسن ( أي أُبعده ) عن رسول الله، فقال: وَيْحَك يا أنس! دَع ابني فؤادي، فإنّ مَن آذى هذا فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله (2).
فالإمام الحسن (عليه السّلام) هو وريثُ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) وخليفتُه ووصيّه بعد أبيه أمير المؤمنين (عليه السّلام), والإمامة وريثة النبوّة، والرسالة هي الناصّة بالوصيّة والمؤكِّدة عليها.
وبعد ذلك يظلم المجتبى مرارا وتكرارا وجيلا بعد جيل ,فكما ظلمه الناس في صلحه مع معاوية الذي قال عنه (عليه السلام) : «أيها الناس، إنكم لو طلبتم ما بين جابلقا وجابرسا (3) رجلاً جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ما وجدتم غيري وغير أخي، وأن معاوية نازعني حقاً هو لي، فتركته لصلاح الأمة وحقن دمائها، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وقد رأيت أن أسالمه، وأن يكون ما صنعت حجة على من كان يتمنى هذا الأمر، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين».
وفي رواية أخرى قال (عليه السلام) : «إنما هادنت حقنا للدماء وصيانتها وإشفاقاً على نفسي وأهلي والمخلصين من أصحابي»(4).
وللاسف يصور لنا البعض بأن الامام الزكي رجل مسالم ,فنقول بأنه رجل حق وفي الدفاع عن الحقوق لاتأخذه في لله لومة لائم .
وتنازل عن السلطة ,ولكنه لم يتنازل عن الامامة التي هي في الحقيقة الخلافة للنبوة ,فتقر كافة الطوائف الاسلامية بأن الامام الحسن هو الخليفة الخامس ,ولايوجد أقرار بأن معاوية الخليفة الخامس الا طائفة شاذة محسوبه على الاسلام ,والاسلام منها بريء .
والمظلومية الاخرى في دفن المجتبى ,فمن رفضوا دفنه بقبر أبيه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أخذتهم العزة بالآثم ,لتكتمل ذنوبهم ويصلون نار السعير ,فهم يسلبونه حقه حتى بعد شهادته .
لذا نرى وقوف الامام الحسين (عليه السلام) على قبره قائلا :
أأدهن رأسي أم تطيب محـاسني ....ورأسك معفـــــــور وأنت سليب
بكائي يطــــول والدموع غـزيرة ....وأنت بعـــــيد والمــــزار قريب
غريب وأطـراف البيوت تحوطه .....ألا كلّ مـــن تحت التراب غريب
فليس حريــــب من أصيب بماله .....ولكـــــنّ من وارى أخاه حريب
وبعد أن اصبح قبرا للمجتبى (عليه السلام) في البقيع الغرقد ,وكان مزارا للمسلمين والمؤمنين أكثر من ألف وثلاثمائة سنة ,يأتي الشواذ(الوهابيون) الذين يعتبرون معاوية الخليفة الخامس ,فقاموا بهدم قبره وقبور طاهرة في 8 شوال عام 1344هـ ( الموافق 21/ 4/ 1925 م).
قل للذي أفتى بهدم قبــــــورهم
أن سوف تصلى في القيامة نارا.
ولم تنتهي المظلومية لهذا الحد , بل يظلم المجتبى في سيرته ,وازواجه وفي هذا الموضوع هناك غرائب وعجائب , فكيف لمسلم يدعي بانه يحب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ويطعن بمن يحبه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ؟ويعطي ارقام لزواجات الامام المجتبى ماأنزل الله بها من سلطان ,ويظلم (عليه السلام) في أولاده ,وفي تراثه العلمي والادبي مع عدم الاهتمام بمواعيد ذكرى استشهاده الا ماندر من ذكر في بعض الوسائل الاعلامية .
ونأمل بالخطوة الموفقة التي باشرت فيها العتبة العباسية المقدسة خيرا ,أذ قامت باعداد مسابقة في التاليف بحق الامام الحسن (عليه السلام) ,وتوفق هذه الخطوة أذا كان فيها خروج عن ضوابط المسابقة في التأليف ,وذلك بطباعة المؤلفات المقدمة جميعها ,ووضعها للدراسة من قبل الباحثين ,فعلى ضوءها يتم أعداد سيرة كامله في جميع المجالات التي تخص الامام المجتبى (عليه السلام) .
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ ابْنِ سَيِّدِ النَّبِيّينَ ووَصِيِّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ ، اَشْهَدُ اَنَّكَ يَا ابْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ اَمينُ اللهِ وابْنُ اَمينِهِ ، عِشْتَ مَظْلُوماً ومَضَيْتَ شَهيداً ، واَشْهَدُ اَنَّكَ الاِمامُ الزَّكِىُّ الهادي الْمَهْدِىُّ ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وبَلِّغْ رُوحَهُ وجَسَدَهُ عَنّى في هذِهِ السّاعَةِ اَفْضَلَ التَّحِيَّةِ والسَّلامِ (5).
فسلام عليك يا أبا محمد يوم ولدت ويوم جاهدت وبلغت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً..وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
الهوامش
(1) هذا ماورد في كشف الغمّة للإربليّ عن أبو هريرة. ورواه أحمد بن حنبل في الفضائل، من المسند / خ 7392 عن أبي هريرة ايضا .
(2) كنز العمال ج6ص 222.
(3) جابلق وجابلص مدينتان إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب ليس وراءهما إنسي (لسان العرب: ج10 ص35 مادة جبلق.
(4) المناقب: ج4 ص34 فصل في صلحه (ع) مع معاوية.
(5) بحار الأنوار (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام))ج 91 ص 74.
بقلم |مجاهد منعثر منشد
الامام المجتبى سيّداً كريماً حليماً زاهداً، ذا سكينةٍ ووَقارٍ وحُشمة، جَواداً مَمدوحاً , ومن كبار الأجواد، وله الخاطر الوقاد, والسيّد المُحبَّب، والحكيم المقرَّب,هكذا قال ابن حجر ,و سبط ابن الجوزيّ, و أبو نعيم , ونقل ابن أبي الحديد عن المدائني قولَه: وكان الحسن (عليه السّلام) سيّداً سخيّاً حليماً خطيباً.
وذكر ابن شهرآشوب أنّ واصل بن عطاء قال: عليه سيماء الأنبياء، وبهاء الملوك.
أن من الروايات المذكورة في تاريخ أستشهاد الامام الحسن بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام) بأن شهادته (ع) كانت بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة أو تسع وأربعين .
وقضى نحبه شهيدا مسموما كما قال رسول الله (ص) : «..فلا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم ظلماً وعدواناً، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته، ويبكيه كل شيء حتى الطير في جو السماء والحيتان في جوف الماء، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام».
وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) متعلق بالامام (عليه السلام) تعلّق الأب بولده, فيكون المجتبى (عليه السّلام) سبطَ النبيّ وحفيده، وولدَه الشرعيّ والروحيّ معاً .
وأعلن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) لمن يحبّ ولدَه الحسن (عليه السّلام) قائلا : اللهمّ إنّي أُحبُّه، وأُحِبّ مَن يُحبّه ـ قالها ثلاث مرّات (1).
وأنّ محبّة المؤمن للإمام الحسن (عليه السّلام) كاشفة عن صدق محبّته لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).. كما أنّ محبّة العبد لله تعالى لا تتحقّق حتّى يُحبَّ مَن أحبَّه اللهُ تعالى، كذلك لا تتحقق محبّتُه لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) حتّى يُحبَّ المؤمنُ مَن أحبَّه رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).
يروي المتّقي الهنديّ عن أنس بن مالك أنّه قال: جئتُ أُميط الحسن ( أي أُبعده ) عن رسول الله، فقال: وَيْحَك يا أنس! دَع ابني فؤادي، فإنّ مَن آذى هذا فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله (2).
فالإمام الحسن (عليه السّلام) هو وريثُ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) وخليفتُه ووصيّه بعد أبيه أمير المؤمنين (عليه السّلام), والإمامة وريثة النبوّة، والرسالة هي الناصّة بالوصيّة والمؤكِّدة عليها.
وبعد ذلك يظلم المجتبى مرارا وتكرارا وجيلا بعد جيل ,فكما ظلمه الناس في صلحه مع معاوية الذي قال عنه (عليه السلام) : «أيها الناس، إنكم لو طلبتم ما بين جابلقا وجابرسا (3) رجلاً جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ما وجدتم غيري وغير أخي، وأن معاوية نازعني حقاً هو لي، فتركته لصلاح الأمة وحقن دمائها، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وقد رأيت أن أسالمه، وأن يكون ما صنعت حجة على من كان يتمنى هذا الأمر، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين».
وفي رواية أخرى قال (عليه السلام) : «إنما هادنت حقنا للدماء وصيانتها وإشفاقاً على نفسي وأهلي والمخلصين من أصحابي»(4).
وللاسف يصور لنا البعض بأن الامام الزكي رجل مسالم ,فنقول بأنه رجل حق وفي الدفاع عن الحقوق لاتأخذه في لله لومة لائم .
وتنازل عن السلطة ,ولكنه لم يتنازل عن الامامة التي هي في الحقيقة الخلافة للنبوة ,فتقر كافة الطوائف الاسلامية بأن الامام الحسن هو الخليفة الخامس ,ولايوجد أقرار بأن معاوية الخليفة الخامس الا طائفة شاذة محسوبه على الاسلام ,والاسلام منها بريء .
والمظلومية الاخرى في دفن المجتبى ,فمن رفضوا دفنه بقبر أبيه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أخذتهم العزة بالآثم ,لتكتمل ذنوبهم ويصلون نار السعير ,فهم يسلبونه حقه حتى بعد شهادته .
لذا نرى وقوف الامام الحسين (عليه السلام) على قبره قائلا :
أأدهن رأسي أم تطيب محـاسني ....ورأسك معفـــــــور وأنت سليب
بكائي يطــــول والدموع غـزيرة ....وأنت بعـــــيد والمــــزار قريب
غريب وأطـراف البيوت تحوطه .....ألا كلّ مـــن تحت التراب غريب
فليس حريــــب من أصيب بماله .....ولكـــــنّ من وارى أخاه حريب
وبعد أن اصبح قبرا للمجتبى (عليه السلام) في البقيع الغرقد ,وكان مزارا للمسلمين والمؤمنين أكثر من ألف وثلاثمائة سنة ,يأتي الشواذ(الوهابيون) الذين يعتبرون معاوية الخليفة الخامس ,فقاموا بهدم قبره وقبور طاهرة في 8 شوال عام 1344هـ ( الموافق 21/ 4/ 1925 م).
قل للذي أفتى بهدم قبــــــورهم
أن سوف تصلى في القيامة نارا.
ولم تنتهي المظلومية لهذا الحد , بل يظلم المجتبى في سيرته ,وازواجه وفي هذا الموضوع هناك غرائب وعجائب , فكيف لمسلم يدعي بانه يحب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ويطعن بمن يحبه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ؟ويعطي ارقام لزواجات الامام المجتبى ماأنزل الله بها من سلطان ,ويظلم (عليه السلام) في أولاده ,وفي تراثه العلمي والادبي مع عدم الاهتمام بمواعيد ذكرى استشهاده الا ماندر من ذكر في بعض الوسائل الاعلامية .
ونأمل بالخطوة الموفقة التي باشرت فيها العتبة العباسية المقدسة خيرا ,أذ قامت باعداد مسابقة في التاليف بحق الامام الحسن (عليه السلام) ,وتوفق هذه الخطوة أذا كان فيها خروج عن ضوابط المسابقة في التأليف ,وذلك بطباعة المؤلفات المقدمة جميعها ,ووضعها للدراسة من قبل الباحثين ,فعلى ضوءها يتم أعداد سيرة كامله في جميع المجالات التي تخص الامام المجتبى (عليه السلام) .
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلَى الْحَسَنِ ابْنِ سَيِّدِ النَّبِيّينَ ووَصِيِّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ ، اَشْهَدُ اَنَّكَ يَا ابْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ اَمينُ اللهِ وابْنُ اَمينِهِ ، عِشْتَ مَظْلُوماً ومَضَيْتَ شَهيداً ، واَشْهَدُ اَنَّكَ الاِمامُ الزَّكِىُّ الهادي الْمَهْدِىُّ ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وبَلِّغْ رُوحَهُ وجَسَدَهُ عَنّى في هذِهِ السّاعَةِ اَفْضَلَ التَّحِيَّةِ والسَّلامِ (5).
فسلام عليك يا أبا محمد يوم ولدت ويوم جاهدت وبلغت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً..وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
الهوامش
(1) هذا ماورد في كشف الغمّة للإربليّ عن أبو هريرة. ورواه أحمد بن حنبل في الفضائل، من المسند / خ 7392 عن أبي هريرة ايضا .
(2) كنز العمال ج6ص 222.
(3) جابلق وجابلص مدينتان إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب ليس وراءهما إنسي (لسان العرب: ج10 ص35 مادة جبلق.
(4) المناقب: ج4 ص34 فصل في صلحه (ع) مع معاوية.
(5) بحار الأنوار (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام))ج 91 ص 74.