بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

مقدمة:

بعد أن عرّف الله سبحانه وتعالى عباده الابتداء باسمه الجامع لصفات الجلال والجمال، وعرّفهم صفاته العامة والخاصة، وجب على عبيده أن يتوجهوا بالثناء عليه تعالى لما أولاهم من تلك الصفات والنعم التي لا تعد ولا تحصى ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا))إبراهيم: 34، ولعدم امكان الوصول الى حمد ربّهم بما يستحقه وبما هو أهله ((فكلما قلت: لك الحمد وجب علي لذلك أن أقول: لك الحمد)) كان لزاماً أن يتعلم عبيده كيف يحمدونه بما يحمد الله تعالى نفسه، فقال سبحانه وتعالى الحمد لله ربّ العالمين..
ودخول الألف واللام للجنس أي يشير الى انّ جميع المحامد والشكر الكامل هي لله تعالى وحده ((وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ))القصص: 70، وهذا يعني ان كل حمد وشكر في حقيقته يعود الى الله سبحانه وتعالى فيختص به وحده..

المعنى:

قال الراغب في مفرداته: الحمد لله تعالى: الثناء عليه بالفضيلة، وهو أخص من المدح وأعم من الشكر، فإن المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره، ومما يقال منه وفيه بالتسخير، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه، كما يمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه، والحمد يكون في الثاني دون الأول، والشكر لا يقال إلا في مقابلة نعمة، فكل شكر حمد، وليس كل حمد شكرا، وكل حمد مدح وليس كل مدح حمدا، ويقال: فلان محمود: إذا حمد، ومحمد: إذا كثرت خصاله المحمودة..

وقال السيد الطباطبائي في ميزانه: الحمد على ما قيل هو الثناء على الجميل الاختياري والمدح أعم منه، يقال: حمدت فلانا أو مدحته لكرمه، ويقال: مدحت اللؤلؤ على صفائه ولا يقال: حمدته على صفائه..


والرب: هو المالك المتصرّف، وقيل السيد المطاع، والعالمين جمع عالم وهي تشمل كل ما يسمى باسم عالم كعالم الانسان وعالم الحيوان وعالم الجماد وعالم الجن وعالم الماضي الى غيرها من العوالم، فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ((رَبُّ الْعَالَمِينَ هُمُ الْجَمَاعَاتُ مِنْ كُلِّ مَخْلُوق مِنَ الْجَمَادَاتِ وَالْحَيْوَانَاتِ))..

التفسير:

جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: اخبرنى عن قول الله تعالى " الحمدلله رب العالمين " ما تفسيره ، فقال : الحمدلله هو أن عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا ، اذ لايقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل لانها أكثر من ان تحصى أو تعرف ، فقال لهم : قولوا الحمد لله على ما انعم به علينا رب العالمين، وهم الجماعات من كل مخلوق من الجمادات والحيوانات فاما الحيوانات فهو يقلبها في قدرته ويغذوها من رزقه ، ويحوطها بكنفه ، ويدبر كلا منها بمصلحته ، واما الجمادات فهو يمسكها بقدرته ويمسك المتصل منها أن يتهافت ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق ويمسك السماء أن تقع على الارض الاباذنه ويمسك الارض ان تنخسف الابامره ، انه بعباده رؤف رحيم..


وقال عليه السلام : " ورب العالمين " مالكهم وخالقهم وسايق أرزاقهم اليهم من حيث يعلمون ومن حيث لايعلمون ، فالرزق مقسوم ، وهو يأتى ابن آدم على اى سيرة سارها من الدنيا ، ليس تقوى متق بزايده ، ولافجور فاجر بناقصه ، وبينه وبينه ستر وهو طالبه فلو أن أحدكم يفر من رزقه لطلبه رزقه كما يطلبه الموت..


فضلها:

عن الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله قال: إذا قَالَ العبد: (الحَمدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمِينَ) قَالَ اللّهُ جَلَّ جلالُهُ: حَمَدَنِي عَبدِي وَعَلِمَ أَنَّ النِعَمَ الَّتِي لَهُ مِنْ عِنْدِي، وَأَنَّ اْلبَلايَا الَّتِي دَفَعْتُ عَنْهُ فبِتَطَوُّلِي، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أُضِيفُ لَهُ إِلى نِعَمِ الدُّنْيَا نِعَمَ الآخِرَةِ، وَاَدْفَعُ عَنْهُ بَلاَيَا الآخِرَةِ كَمَا دَفَعْتُ عَنْهُ بَلاَيَا الدُّنْيَا..

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ((ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه وحمد الله ظاهرا بلسانه فتم كلامه حتى يؤمر له بالمزيد))..

وعن الامام علي بن الحسين عليه السلام قال: ((من قال: الحمد لله فقد أدى شكر كل نعمة لله عزوجل عليه))..

وعن الامام الصادق عليه السلام أنه سئل هل للشكر حد إذا فعله الرجل كان شاكرا قال نعم قيل وما هو قال ((الحمد لله على كل نعمة أنعمها علي وإن كان له فيما أنعم عليه حق أداه ومنه قول الله: * (الحمد لله الذي سخر لنا هذا))..

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ((من قال : الحمد لله كما هو أهله ، شغل كتاب السماء، فيقولون : اللهم إنا لا نعلم الغيب، فيقول: اكتبوها كما قالها عبدي وعليّ ثوابها))..

وعنه صلّى الله عليه وآله ((من قال إذا أصبح أربع مرات الحمد لله رب العالمين، فقد أدى شكر يومه، ومن قالها إذا أمسى فقد أدى شكر ليلته))..

وعنه صلّى الله عليه واله قال: ((لا إله إلا الله نصف الميزان، والحمد لله يملاه))..

وعن أبي عبد الله عليهالسلام قال: ((الرجل منكم ليشرب شربة من الماء فيوجب الله له بها الجنة، فقيل كيف ياابن رسول الله، فقال: يأخذالاناء فيضعه على فيه، ثم يشرب فينحيه وهو يشتهيه، فيحمد الله، ثم يعود فيشرب ثمينحيه فيحمد الله ثم يعود ويشرب ثم ينحيه فيحمد الله، فيوجب الله له بها الجنة))..

وروي انه جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال:جعلت فداك إني شيخ كبير فعلمني دعاء جامعا فقال: ((احمد الله، فانك إذا حمدت الله لميبق مصل إلا دعا لك يعني قوله: سمع الله لمن حمده))..

والكثير الكثير من الفضائل مما لا تحويه هذه السطور...





وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
وصلّى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين