إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من وحي الدعاء.. حتى ينقطع النفس

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من وحي الدعاء.. حتى ينقطع النفس

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مذ كنا أطفالاً ونحن نسمع في الأدعية المأثورة عن أهل بيت النبوة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين تتكرر كلمة «يارب، يا الله»، وغيرها، ثم تعقبها بين قوسين عبارة «حتى ينقطع النفس»، وكثيراً ما يقرأها الداعي وكأنها جزءً من الدعاء فتندغم في طي نغمه الشجي قبل أن يرُد عليه أحد الآباء مبيناً له أنها مجرد توجيه للتكرار وليست جزءاً داخلاً في متن الدعاء.
    ما الغرض من هذا التوجيه وما هذه الكيفيه؟
    إن هذا التوجيه الذي يستوقفك للإطناب في الطلب هو: تكرار غرضه التأكيد والإلحاح على الله في الدعاء من خلال إعادة الذكر بمقدارٍ يحدث معه انقطاع في النَفَسْ.
    فإن تكرار الكلمة في حدود نفسٍ واحد مجزوء، لا يصدق عليه انه انقطاع من ذاته بل الداعي هو من اجتزأه، ولذا فإن الكيفية الأجدى هي أن يكثر الداعي من تكرار الكلمة حتى «يغيب» نفسه مجتهداً في الإكثار.
    إذاً فتكثر الذكر هنا محسوب بطول النَفَس لا العدد كما في بعض الأذكار والأدعية، وهو لون آخر من الإلحاح على الله تعالى في الطلب وله أثره الخاص والبالغ في استجابة الدعاء وقضاء الحاجة.
    ففي كتاب «مناسك الزيارات» للمفيد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أبي يُلح في الدعاء، يقول: يا رب يا رب، حتى ينقطع النفس، ثم يعود» [1] .
    اشتراك كيفيتين في مطلوبٍ واحد
    وأحياناً ترد الكيفيتين معاً كعملٍ واحد كما عن المصباح: «.... ترفع يديك نحو السماء وتقول: يا الله يا الله عشر مرات، ثم تحرك سبابتك وتقول عشر مرات، وتقول حتى ينقطع النفس: يا رب! ثم ترفع يدك تلقاء وجهك وتقول: يا الله يا الله! عشر مرات» [2] .
    إن ايراد أكثر من كيفية يقتضي مغايرتها وهو ما يعني أن لكل كيفية خصوصية ولكل كيفية مرغوبية بذاتها من قبل الشارع، والتي لها فرادتها وإن اشتركت في إحراز النتيجة من تحصيل الإجابة السريعة للدعاء وقضاء الحاجة اذ تشكل كل من الكيفيتين جزء علة.
    وأحياناً تكون على وجه التخيير بين الكيفييتين وذلك من قول الصادق (عليه السلام): «اشتكيت فمر «بي» أبي (عليه السلام)، فقال: قل - يا بني - عشر مرات يا الله فإنه لم يقلها عبد إلا قال: لبيك. ومن قال: «يا ربي يا الله، يا ربي يا الله» حتى ينقطع النفس، أجيب» [3] .
    فالظاهر من هذه الرواية أنه الداعي بأيهما أتى حصل مطلوبه.
    وقد تتضمن من آسرار وآثار غير معلنة ما يخفى إلا على أهل البصر والبصيرة في الدين.
    ولعل هذا التنوع في الأدعية ومنسوبها وكثافتها الحسية راجعٌ لتنوع أحوال الداعي أو لتفاوت الحاجة المطلوب تحققها، فحكمة ذلك كله موكول لأهله «الراسخون» في عرفان أهل البيت (عليهم السلام).
    التكرار والإعادة حتى ينقطع النفس
    وكما أن للتكرار في نفس واحد أثره في الاستجابة فكذلك إعادة هذا العمل له أثرٌ مضاعف فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان أبي يُلح في الدعاء، يقول: يا رب يا رب، حتى ينقطع النفس، ثم يعود» [4] . ونستفيد من قوله (عليه السلام) ثم «يعود» استحباب إعادة الذكر بتلك الكيفية..
    تكثر الأدعية الواردة بهذه الكيفية
    وقد ورد هذا التوجيه « حتى ينقطع النفس» في غير واحدٍ من الأذكار منها ماهو مؤلف من حرف وكلمة مثل «يارب» كما سبق ذكره ومنها ماهو مؤلف من عدة كلمات مثل ما عن زياد القندي قال: كتبت إلى أبي الحسن الأول «يعني الكاظم» (عليه السلام): علمني دعاء، فإني قد بليت بشئ - وكان قد حبس ببغداد حيث أتهم بأموالهم - فكتب إليه (عليه السلام): إذا صليت فأطل السجود ثم قل: «يا أحد من لا أحد له» حتى ينقطع النفس، ثم قل: «يا من لا يزيده كثرة الدعاء إلا جودا وكرما» حتى تنقطع نفسك، ثم قل «يا رب الأرباب أنت أنت أنت الذي انقطع الرجاء إلا منك، يا علي يا عظيم» قال زياد: فدعوت به ففرج الله عني وخلي سبيلي» [5] .
    خواطر.. حتى ينقطع النفس:
    إن من أهم استدعاءات هذا الذكر التي تتناسب وما ينبغي أن يكون عليه الداعي من حال:
    1 - أن هذا نداء استغاثة واستعطاف من العبد لربه ليستدر الرحمة ويستجدي كرمه في قضاء حاجته لاسيما الحاجة الأساسية التي إن أعطيها العبد لم يضره ما منع منه دونها وإن حرمها لم ينفعه ما دونها وهي العتق من النار.
    2 - أن يتذكر بتكرار النداء أنه لايزال يطلب الإجابة مرة تلو أخرى كما يلهث المستجير الملاحق الذي ينتظر كلمة الأمان قبل فوات الأوان.
    3 - أن يستشعر معنى العبودية ومعنى الربوبية ويتقلب بين الخوف والرجاء فلا يستقر على حال منهما.
    4 - أن يتعرف إلى رمزية هذا الذكر الذي يوحي باحتياج العبد لربه في كل آن من أول عمره لآخر نفس في حياته.
    5 - أن يستذكر لحظات نفسه الأخير الفاصل بين الدنيا والآخرة حال الاحتضار وهي أعظم حالات الإضطرار والحاجة إلى الله.
    6 - أن يدرك ضرورة تعميق ألفاظ الدعاء في مهجة الداعي حيث يجتهد فيجهد حتى يترك الدعاء أثره في ظمأ هواجره.
    7 - إن تكرار الذكر يسهم في وسم النفس وسماً ربانياً حيث يأنس العبد بالذكر فتمتزج المعاني في الجوانح وتتبعها الجوارح.
    8 - إن انقطاع النفس يرمز للأمل الأخير للمستغيث حال المشارفة على الهلاك، كالغريق الذي ينقطع إلى الله فلا يجد إلا الله حيث تتجلى الفطرة السليمة للإنسان، قال تعالى:» وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «- لقمان: 32 -.
    إن الإهتمام بتوجيهات أهل البيت (عليهم السلام) في كيفية الدعاء لاتقل أهمية عن الالتزام بمتن الدعاء المأثور فكما أنه يستحب الدعاء بالمأثور فكذلك ينبغي أن ندعو بالكيفية المأثورة.

    نسأل الله سبحانه أن يجعل قلوبنا عامرةً بحبه وألسنتنا لهجةً بذكره في تتابع متصل إنه ولي التوفيق..



    ــــــــــــــــــــــ
    [1] - وسائل الشيعة «آل البيت» - الحر العاملي - ج 7 - ص 89
    [2] - مصباح المتهجد - الشيخ الطوسي - ص 258
    [3] - الدعوات - قطب الدين الراوندي - ص 44
    [4] - من كتاب «مناسك الزيارات» للمفيد
    [5] - السجود مفهومه وآدابه والتربة الحسينية - مركز الرسالة - ص 36 - 37.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X