شهادة الحسين بن علي الخير بن الحسن المثلث (رضي الله عنه)
اسمه وكنيته ونسبه (رضي الله عنه):
السيّد أبو عبد الله، الحسين بن علي الخير بن الحسن المثلّث بن الحسن المثنّى بن الإمام الحسن المجتبى (عليهم السلام)، المعروف بصاحب فخ.
أُمّه (رضي الله عنه):
السيّدة زينب بنت عبد الله المحض بن الحسن المثنّى بن الحسن المجتبى (عليه السلام).
روايات في كرمه (رضي الله عنه): نذكر منها ما يلي:
1ـ عن علي بن الحسين الحضرمي، قال: سمعت الحسن بن هذيل، يقول: بعت لحسين بن علي صاحب فخ حائطاً بأربعين ألف دينار، فنثرها على بابه، فما دخل إلى أهله منها حبّة، كان يعطيني كفّاً كفّاً، فأذهب به إلى فقراء أهل المدينة (1).
2ـ عن الحسن بن هذيل، قال: قال لي الحسين صاحب فخ: اقترض لي أربعة آلاف درهم، فذهبت إلى صديق لي، فأعطاني ألفين وقال لي: إذا كان غد فتعال حتّى أعطيك ألفين؛ فجئت فوضعتها تحت حصير كان يصلّي عليه، فلمّا كان من الغد أخذت الألفين الأخريين، ثم جئت أطلب الذي وضعته تحت الحصير فلم أجده.
فقلت له: يا بن رسول الله، ما فعل الألفان؟ قال: لا تسأل عنهما، فأعدت، فقال: تبعني رجل أصفر من أهل المدينة، فقلت: ألك حاجة؟ فقال: لا، ولكنّي أحببت أن أصل جناحك، فأعطيته إيّاها ، أما إنّي أحسبني ما أجرت على ذلك لأنّي لم أجد لها حسناً، وقال الله عز وجل: (لَن تَنَالُواْ البِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ) (2).
3ـ قال ابن الأثير: (كان الحسين شجاعاً كريماً، قدم على المهدي فأعطاه أربعين ألف دينار، ففرّقها في الناس ببغداد والكوفة، وخرج من الكوفة لا يملك ما يلبسه إلاّ فرواً ليس تحته قميص) (3).
سبب ثورته (رضي الله عنه):
عانت الأُسرة العلوية في عهد الطاغية موسى الهادي الخوف والإرهاب، فقد أخاف العلويين خوفاً شديداً، وألح في طلبهم، وقطع أرزاقهم وعطاياهم، وكتب إلى الآفاق بطلبهم.
فالاضطهاد الذي لحق العلويين، والمعاملة القاسية لهم، كان من أهم الأسباب التي ثار من أجلها صاحب فخ، حيث جنّد العلويين الموجودين في المدينة المنوّرة، وخرج بهم مع نسائهم وأطفالهم، متوّجهاً نحو مكّة المكرّمة ليثور على والي مكّة المنصوب من قبل الحاكم موسى الهادي، ولكن الوالي أرسل إليهم جيشاً كبيراً فقاتلوهم في منطقة فخ.
عظم واقعة فخ:
لقد قتل في واقعة فخ نحو مائة نفر من ذرّية السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وقطعت رؤوسهم، وسبيت النساء والأطفال، ثّم أُرسلت رؤوس القتلى إلى الطاغية موسى الهادي، ومعهم الأسرى، وقد قيّدوا بالحبال والسلاسل، ووضعوا في أيديهم وأرجلهم الحديد، فأمر الطاغية بقتل السبي حتّى الأطفال منهم على ما قيل، فقتلوا صبراً، وصلبوا على باب الحبس.
وعن أبي الوضّاح محمّد بن عبد الله النهشلي، قال: أخبرني أبي، قال: لمّا قتل الحسين بن علي صاحب فخ، وتفرّق الناس عنه، حمل رأسه والأسرى من أصحابه إلى موسى بن المهدي، فلمّا بصر بهم أنشأ يقول متمثّلاً:
بني عمّنا لا تنطقوا الشعر بعدما ** دفنتم بصحراء الغميم القوافيا
فلسنا كمن كنتم تصيبون نيله ** فنقبل ضيماً أو نحكم قاضيا
ولكن حكم السيف فينا مسلّط ** فنرضى إذا ما أصبح السيف راضيا
وقد ساءني ما جرت الحرب بيننا ** بني عمّنا لو كان أمراً مدانيا
فإن قلتم إنّا ظلمنا فلم نكن ** ظلمنا ولكن قد أسأنا التقاضيا (4).
أحداث بعد واقعة فخ:
1ـ قال ياقوت: (بقي قتلاهم ثلاثة أيّام حتّى أكلتهم السباع، ولهذا يقال: لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشد وأفجع من فخ) (5).
2ـ عن بعض الطالبيين قال: لما قتل أصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة، وأمر الناس بالوقيعة على آل أبي طالب، فجعل الناس يوقعون عليهم حتّى لم يبق أحد (6).
3ـ قالوا: ولمّا بلغ العمري وهو بالمدينة قتل الحسين بن علي صاحب فخ، عمد إلى داره ودور أهله فحرقها، وقبض أموالهم ونخلهم، فجعلها في الصوافي المقبوضة (7).
4ـ نقل أبو نصر البخاري عن محمّد الجواد (عليه السلام) أنّه قال: (لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ) (8).
تاريخ شهادته (رضي الله عنه) ومكانها:
8 ذو الحجّة 169 هـ، مكّة المكرّمة ، منطقة فخ.
تأبين الإمام الكاظم (عليه السلام) له:
لمّا سمع الإمام الكاظم (عليه السلام) بمقتل الحسين (رضي الله عنه) بكاه وأبّنه بهذه الكلمات: (إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مضى والله مسلماً صالحاً، صوّاماً قوّاماً، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، ما كان في أهل بيته مثله) (9).
أقوال الشعراء فيه: نذكر منهم ما يلي:
1ـ قال الشاعر دعبل الخزاعي:
قبور بكوفان وأُخرى بطيبة ** وأُخرى بفخ نالها صلواتي (10).
2ـ قال عيسى بن عبد الله:
فلأبكين على الحسين ** بعولة وعلى الحسن
وعلى ابن عاتكة الذي ** أثووه ليس بذي كفن
تركوا بفخ غدوة ** في غير منزلة الوطن
كانوا كراماً فانقضوا ** لا طائشين ولا جبن
غسلوا المذلّة عنهم ** غسل الثياب من الدرن
هدي العباد بجدّهم ** فلهم على الناس المنن (11).
3ـ قال داود السلمي:
يا عين أبكي بدمع منك منهمر ** فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن
صرعى بفخ تجر الريح فوقهم ** أذيالها وغوادي الدلج المزن
حتّى عفت أعظم لو كان شاهدها ** محمّد ذب عنها ثم لم تهن
ماذا يقولون والماضون قبلهم ** على العداوة والبغضاء والإحن
ماذا يقولون إن قال النبي لهم ** ماذا صنعتم بنا في سالف الزمن
لا الناس من مضر حاموا ولا غضبوا ** ولا ربيعة والأحياء من يمن
يا ويحهم كيف لم يرعوا لهم حرماً ** وقد رعى الفيل حق البيت ذي الركن (12).
ـــــــــــ
1و2ـ مقاتل الطالبيين: 291.
3ـ الكامل في التاريخ 6/94.
4ـ بحار الأنوار 48/150.
5ـ موسوعة المصطفى والعترة 11/369 عن معجم البلدان 4/269.
6و7ـ مقاتل الطالبيين: 303.
8ـ عمدة الطالب: 183.
9ـ مقاتل الطالبيين: 302.
10ـ روضة الواعظين: 221.
11و12ـ مقاتل الطالبيين: 306.
بقلم : محمد أمين نجف
اسمه وكنيته ونسبه (رضي الله عنه):
السيّد أبو عبد الله، الحسين بن علي الخير بن الحسن المثلّث بن الحسن المثنّى بن الإمام الحسن المجتبى (عليهم السلام)، المعروف بصاحب فخ.
أُمّه (رضي الله عنه):
السيّدة زينب بنت عبد الله المحض بن الحسن المثنّى بن الحسن المجتبى (عليه السلام).
روايات في كرمه (رضي الله عنه): نذكر منها ما يلي:
1ـ عن علي بن الحسين الحضرمي، قال: سمعت الحسن بن هذيل، يقول: بعت لحسين بن علي صاحب فخ حائطاً بأربعين ألف دينار، فنثرها على بابه، فما دخل إلى أهله منها حبّة، كان يعطيني كفّاً كفّاً، فأذهب به إلى فقراء أهل المدينة (1).
2ـ عن الحسن بن هذيل، قال: قال لي الحسين صاحب فخ: اقترض لي أربعة آلاف درهم، فذهبت إلى صديق لي، فأعطاني ألفين وقال لي: إذا كان غد فتعال حتّى أعطيك ألفين؛ فجئت فوضعتها تحت حصير كان يصلّي عليه، فلمّا كان من الغد أخذت الألفين الأخريين، ثم جئت أطلب الذي وضعته تحت الحصير فلم أجده.
فقلت له: يا بن رسول الله، ما فعل الألفان؟ قال: لا تسأل عنهما، فأعدت، فقال: تبعني رجل أصفر من أهل المدينة، فقلت: ألك حاجة؟ فقال: لا، ولكنّي أحببت أن أصل جناحك، فأعطيته إيّاها ، أما إنّي أحسبني ما أجرت على ذلك لأنّي لم أجد لها حسناً، وقال الله عز وجل: (لَن تَنَالُواْ البِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ) (2).
3ـ قال ابن الأثير: (كان الحسين شجاعاً كريماً، قدم على المهدي فأعطاه أربعين ألف دينار، ففرّقها في الناس ببغداد والكوفة، وخرج من الكوفة لا يملك ما يلبسه إلاّ فرواً ليس تحته قميص) (3).
سبب ثورته (رضي الله عنه):
عانت الأُسرة العلوية في عهد الطاغية موسى الهادي الخوف والإرهاب، فقد أخاف العلويين خوفاً شديداً، وألح في طلبهم، وقطع أرزاقهم وعطاياهم، وكتب إلى الآفاق بطلبهم.
فالاضطهاد الذي لحق العلويين، والمعاملة القاسية لهم، كان من أهم الأسباب التي ثار من أجلها صاحب فخ، حيث جنّد العلويين الموجودين في المدينة المنوّرة، وخرج بهم مع نسائهم وأطفالهم، متوّجهاً نحو مكّة المكرّمة ليثور على والي مكّة المنصوب من قبل الحاكم موسى الهادي، ولكن الوالي أرسل إليهم جيشاً كبيراً فقاتلوهم في منطقة فخ.
عظم واقعة فخ:
لقد قتل في واقعة فخ نحو مائة نفر من ذرّية السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وقطعت رؤوسهم، وسبيت النساء والأطفال، ثّم أُرسلت رؤوس القتلى إلى الطاغية موسى الهادي، ومعهم الأسرى، وقد قيّدوا بالحبال والسلاسل، ووضعوا في أيديهم وأرجلهم الحديد، فأمر الطاغية بقتل السبي حتّى الأطفال منهم على ما قيل، فقتلوا صبراً، وصلبوا على باب الحبس.
وعن أبي الوضّاح محمّد بن عبد الله النهشلي، قال: أخبرني أبي، قال: لمّا قتل الحسين بن علي صاحب فخ، وتفرّق الناس عنه، حمل رأسه والأسرى من أصحابه إلى موسى بن المهدي، فلمّا بصر بهم أنشأ يقول متمثّلاً:
بني عمّنا لا تنطقوا الشعر بعدما ** دفنتم بصحراء الغميم القوافيا
فلسنا كمن كنتم تصيبون نيله ** فنقبل ضيماً أو نحكم قاضيا
ولكن حكم السيف فينا مسلّط ** فنرضى إذا ما أصبح السيف راضيا
وقد ساءني ما جرت الحرب بيننا ** بني عمّنا لو كان أمراً مدانيا
فإن قلتم إنّا ظلمنا فلم نكن ** ظلمنا ولكن قد أسأنا التقاضيا (4).
أحداث بعد واقعة فخ:
1ـ قال ياقوت: (بقي قتلاهم ثلاثة أيّام حتّى أكلتهم السباع، ولهذا يقال: لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشد وأفجع من فخ) (5).
2ـ عن بعض الطالبيين قال: لما قتل أصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة، وأمر الناس بالوقيعة على آل أبي طالب، فجعل الناس يوقعون عليهم حتّى لم يبق أحد (6).
3ـ قالوا: ولمّا بلغ العمري وهو بالمدينة قتل الحسين بن علي صاحب فخ، عمد إلى داره ودور أهله فحرقها، وقبض أموالهم ونخلهم، فجعلها في الصوافي المقبوضة (7).
4ـ نقل أبو نصر البخاري عن محمّد الجواد (عليه السلام) أنّه قال: (لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ) (8).
تاريخ شهادته (رضي الله عنه) ومكانها:
8 ذو الحجّة 169 هـ، مكّة المكرّمة ، منطقة فخ.
تأبين الإمام الكاظم (عليه السلام) له:
لمّا سمع الإمام الكاظم (عليه السلام) بمقتل الحسين (رضي الله عنه) بكاه وأبّنه بهذه الكلمات: (إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مضى والله مسلماً صالحاً، صوّاماً قوّاماً، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، ما كان في أهل بيته مثله) (9).
أقوال الشعراء فيه: نذكر منهم ما يلي:
1ـ قال الشاعر دعبل الخزاعي:
قبور بكوفان وأُخرى بطيبة ** وأُخرى بفخ نالها صلواتي (10).
2ـ قال عيسى بن عبد الله:
فلأبكين على الحسين ** بعولة وعلى الحسن
وعلى ابن عاتكة الذي ** أثووه ليس بذي كفن
تركوا بفخ غدوة ** في غير منزلة الوطن
كانوا كراماً فانقضوا ** لا طائشين ولا جبن
غسلوا المذلّة عنهم ** غسل الثياب من الدرن
هدي العباد بجدّهم ** فلهم على الناس المنن (11).
3ـ قال داود السلمي:
يا عين أبكي بدمع منك منهمر ** فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن
صرعى بفخ تجر الريح فوقهم ** أذيالها وغوادي الدلج المزن
حتّى عفت أعظم لو كان شاهدها ** محمّد ذب عنها ثم لم تهن
ماذا يقولون والماضون قبلهم ** على العداوة والبغضاء والإحن
ماذا يقولون إن قال النبي لهم ** ماذا صنعتم بنا في سالف الزمن
لا الناس من مضر حاموا ولا غضبوا ** ولا ربيعة والأحياء من يمن
يا ويحهم كيف لم يرعوا لهم حرماً ** وقد رعى الفيل حق البيت ذي الركن (12).
ـــــــــــ
1و2ـ مقاتل الطالبيين: 291.
3ـ الكامل في التاريخ 6/94.
4ـ بحار الأنوار 48/150.
5ـ موسوعة المصطفى والعترة 11/369 عن معجم البلدان 4/269.
6و7ـ مقاتل الطالبيين: 303.
8ـ عمدة الطالب: 183.
9ـ مقاتل الطالبيين: 302.
10ـ روضة الواعظين: 221.
11و12ـ مقاتل الطالبيين: 306.
بقلم : محمد أمين نجف