المشاركة الأصلية بواسطة المفيد
مشاهدة المشاركة
ومنكم نستفيد مشرفنا القدير بوركت لرفدك موضوعي بردك القيم
ولكني فهمت من خلال ما قرأت أن طبيعة النفس بما تنطوي عليه من رغبات وشهوات تدفع بالإنسان نحو المفاسد والانحرافات ، من أجل تحصيل الملذات وإشباع الأهواء ، وإذا ما سيطرت الشهوات على النفس ، ولم تكن للانسان إرادة رادعة ، ولا مقاومة حصينة ، فستهوي به شهواته إلى مكان سحيق ، على حساب مستقبله ، ومختلف جوانب مصلحته الدنيوية والأخروية.
وفي الحياة شواهدا كثيرة تصلح لأن تكون نموذجاً على مدى ما يصل إليه الإانسان من انحطاط وخسة إذا إنقاد إلى أهواء نفسه وشهواتها.
ولذلك تحذرنا النصوص الدينية من هذه الطبيعة المتأصلة في النفس ، وتدعونا إلى التسلح بالوعي والارادة ، لنصمد أمام الاغراءات ، ونتمرد على أوامر الشهوات والاهواء :
1 ـ يقول القرآن الحكيم نقلاً عن نبي الله يوسف الصديق ( عليه السلام ) ، والذي ضرب أروع الامثلة في الصمود أمام الشهوة ، والثبات أمام الاغراء ، ولكنه مع ذلك يؤكد الطبيعة النفسية الدافعة نحو السوء ، وإن التقوى هي وحدها وسيلة النجاة ، وملجأ الخلاص ، وهي التجسيد لرحمة الله.
يقول تعالى : ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم )
ويشير الإمام علي ( عليه السلام ) ، إلى ما يحل بالانسان ويصيبه إذا ما تجاهل طبيعة نفسه الأمارة بالسوء ، وتعامل معها بانقياد مطلق وثقة عمياء ، حيث يقول :
« ان النفس لأمارة بالسوء والفحشاء ، فمن ائتمنها خانته ، ومن استنام إليها أهلكته ، ومن رضي عنها أوردته شر المورد »
ويقول ( عليه السلام ) : « إن هذه النفس لأمارة بالسوء فمن أهملها جمحت به المآتم »
وتسول نفس الإنسان بالخداع والاغراء ، لايقاء الانسان في شبك المعصية والحرام ، فعلى الإنسان أن يكون يقظاً حذراً ، وأن لا يمنح ثقته ويسلم قياده لأهواء نفسه ، يقول الإمام علي ( عليه السلام ) : « ان نفسك لخدوع ، إن تثق يقتدك الشيطان إلى ارتكاب المحارم »
وفي عهده الذي كتبه لمالك الاشتر لما ولاه مصر يقول الإمام عليه ( عليه السلام ): « وامره أن يكسر نفسه من الشهوات ، ويزعها الجمحات ، فان النفس أمارة بالسوء الا ما رحم الله »
أما الامام زين العابدين علي ابن الحسين ( عليه السلام ) ، فان ينبه الإنسان ويحذره من طبيعة نفسه ، بأسلوب تربوي حكيم ، عبر المناجاة والتضرع إلى الله سبحانه ، فيقول في مناجاته المعروفة بمناجاة الشاكين :
« الهي إليك اشكو نفساً بالسوء أمارة ، وإلى الخطيئة مبادرة ، وبمعاصيك مولعة ، ولسخطك متعرضة ، تسلك بي مسالك المهالك ، وتجعلني عندك أهون هالك ، كثيرة العلل ، طويلة الأمل ، إن مسها الشر تجزع ، وإن مسها الخير تمنع ، مياله إلى اللعب واللهو ، مملؤة بالغفلة والسهو ، تسرع بي الى الحوبة ، وتسوفني بالتوبة »
وكم في التاريخ من أفراد ومن تجمعات كانوا ضحايا وقرابين لإنخداعهم واغترارهم بنفوسهم الأمارة بالسوء ، وقتلى الخوارج في واقعة النهروان ، والذين يقارب عددهم الاربعة الآف شخصاً ، هم نموذج واضح لهذه الحقيقة ، فقد كانوا من أنصار الإمام علي ( عليه السلام ) ومن أصحابه ، ولكنهم في لحظة غفلة وضلال ، استحوذ عليهم الشيطان ، واسلموا قيادهم للنفس الامارة بالسوء !!
يقول الإمام علي ( عليه السلام ) وقد مر بقتلى الخوارج يوم النهروان : « بؤساً لكم ، لقد ضركم من غركم ».
فقيل له : من غرهم يا أمير المؤمنين ؟
فقال : « الشيطان المضل ، والأنفس الأمارة بالسوء ، غرتهم بالأماني ، وفسحت لم بالمعاصي ، ووعدتهم الاظهار ، فاقتحمت بهم النار »
اترك تعليق: