حــكــمــة هذا الــيــوم
دخلنا مع عليّ (عليه السلام) إلى صفين ، فلما حاذى نينوى نادى : صبراً يا أبا عبد الله !.. فقال : دخلت على رسول الله وعيناه تفيضان ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله !.. ما لعينيك تفيضان ؟.. أغْضبَك أحدٌ ؟.. قال : لا ، بل كان عندي جبرائيل ، فأخبرني أنّ الحسين يُقتل بشاطئ الفرات ، وقال : هل لك أن أشمّك من تربته ؟.. قلت : نعم ، فمدّ يده فأخذ قبضةً من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا ، واسم الأرض كربلاء . فلما أتت عليه سنتان خرج النبي إلى سفرٍ ، فوقف في بعض الطريق واسترجع ودمعت عيناه ، فسُئل عن ذلك ، فقال : هذا جبرائيل يخبرني عن أرضٍ بشط الفرات يقال لها كربلاء ، يُقتل فيها ولدي الحسين ، وكأني أنظر إليه وإلى مصرعه ومدفنه بها ، وكأني أنظر على السبايا على أقتاب المطايا ، وقد أُهدي رأس ولدي الحسين إلى يزيد لعنه الله ، فوالله ما ينظر أحدٌ إلى رأس الحسين ويفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه ، وعذّبه الله عذاباً أليماً . ثم رجع النبي من سفره مغموماً مهموماً كئيباً حزيناً ، فصعد المنبر وأصعد معه الحسن والحسين ، وخطب ووعظ الناس ، فلما فرغ من خطبته ، وضع يده اليمنى على رأس الحسن ويده اليسرى على رأس الحسين ، وقال : اللهم !.. إنّ محمداً عبدك ورسولك ، وهذان أطائب عترتي ، وخيار أرومتي ، وأفضل ذريتي ومن أخلفهما في أمتي ، وقد أخبرني جبرائيل أنّ ولدي هذا مقتولٌ بالسمّ ، والآخر شهيدٌ مضرّجٌ بالدم . اللهم !.. فبارك له في قتله ، واجعله من سادات الشهداء . اللهم !.. ولا تبارك في قاتله وخاذله ، وأصلِه حرّ نارك ، واحشره في أسفل درك الجحيم. جواهر البحار