إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

على حافة الظهور الحلقة 1-5 (للنقاش)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • على حافة الظهور الحلقة 1-5 (للنقاش)

    على حافة الظهور - الحلقة (1)
    *هل بعث المهدي رسولا ممهدا؟




    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


    اشكالية الظهور


    ظهور رجل غاب 40 سنة ثم عاد الى اهله، يمثل صدمة لاتصدق، وتتطلب التحقق من هوية العائد، اذا كان الامر كذلك، فما بالك بالامام المهدي الذي سيظهر بعد غيبة 1200 سنة، لا يوجد من رآه، ليصدق انه هو هو!
    ستخطر في البال ان الرجل قد يكون ممن يدعون المهدية كذبا!


    وسيوجد من يتضرر من ظهوره سواء اكانوا رجال دين او حكام ينظرون اليه بانه خطر ينازع الفقهاء سلطانهم على القلوب او ينازع الحكام سلطانهم على الاجساد يضاف الى ذلك منازعة الطرفين سلطانهم على الاموال والاخماس والثروات والكراسي!!
    سيبدو الامر لغالبية الناس اشبه بالحلم من العلم، والخيال من الحقيقة، وسيبدو الظهور مفاجأة اقرب الى المستحيل، فهو لايكاد يصدق!. قد يحوز على الاهتمام والتساؤل الا ان سرعان ما ينفض الناس ويعودوا الى ممارسة حياتهم الرتيبة!
    لذلك سوف يتابع الجمهور ملوكهم من الفقهاء والسلاطين في الحكم على المهدي القادم "فالناس على دين ملوكهم"، لذلك يتوقع للظهور المفاجئ ان يتعرض الى نكبة وفشل ذريع!


    وسيعزل القادم من الزمن البعيد، ومن عمق التاريخ عن تحقيق الالتفاف حوله والنصرة لدعوته عندما يواجه بحملات التكذيب، والتنفير من دعوته، وسوف تطارده الاجهزة الامنية والاستخبارتية والفتاوي، ليكون كمسلم طريدا في أزقة الكوفة او كالحسين وحيدا في كربلاء بلا ناصر ولا معين، وستذهب صيحات استنصاره: هل من ناصر ينصرنا!. ادراج الرياح!
    فما هو الحل؟!.










    على حافة الظهور - الحلقة (2)
    *هل بعث المهدي رسولا ممهدا؟




    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
    اشكالية الظهور (2)


    قد يشكل البعض بالقول: كيف يكون الظهور مفاجئا وقد تحدث التراث عنه وعن علاماته ومهد له النبي والأئمة من آل محمد بتلك الاحاديث الجمة؟!


    في الواقع؛ لقد تحدث التراث الروائي ان الامام المهدي سيصاحب ظهوره بعض العلامات، وقد يكون الحديث عن تلك العلامات ليس حديثا عن امر خارق وانما استعمل للتعبير عنه الرمز، باعتباره امرا ليس مألوفا في زمن صدور الحديث فاريد من الرمز تقريبه للاذهان انذاك فمخترعات العصر تعتبر اسطورية في ذلك العصر.


    من تلك العلامات (الصيحة)، الا ان الحق مع علي وشيعته واخرى تتلوها الا ان الحق مع عثمان وشيعته، يسمعها اهل الارض، تصدر الاولى عن جبرائيل، والثانية عن ابليس مشككة.
    بينما قد يكون تفسير تلك الصيحة، ما هو الا تعبير عن ابواق الفضائيات -التي يسمعها اهل الارض- وما تمارسه من صيحات الجدل بين الشيعة واهل السنة، تتنازع في الحق والخصومة التاريخية بين علي واعداءه، وما يترتب على ذلك من استيقان البعض وشك البعض وتحول في العقيدة.


    فاذا كانت الصيحة تمارسها الفضائيات اذا كان الامر كذلك، فان الصيحة حدثت، وتحدث بينما الناس ينتظرون صيحة خارقة للمألوف، مما يعني ان هذه العلامة تمر دون ان يشعر بها..


    واذا جئنا للعلامات الاخرى مثل الرايات التي تخرج مصاحبة للظهور، فان الواقعية تفرض انها لا يمكن ان تكون كلها تخرج بصورة مفاجئة، بل تتولد في رحم الاختلاف والهرج والمرج الحادث، وتستغرق وقتا حتى تشتد وتقوى، مما يعني بالالتفات يمكن نجدها فيما هو ظاهر من حولنا، وقد ألفناها.


    فمثلا؛ من العلامات ان في الشام يحدث الاختلاف وتخرج على الاثر ثلاث رايات؛ وها نحن نرى ثلاث فرقاء؛ قوى النظام، وقوى الجيش الحر، وقوى جبهة النصرة(السفيانية)، دون ان يلتفت لها باعتبارها هي تلك المعنية بالنصوص!
    يضاف الى ذلك؛ ان راية اليماني هاهي تخرج في البصرة، بقيادة احمد الحسن اليماني، وقد مر على ظهورها حتى الان خمسة عشرة سنة، ويسود حولها الهرج والمرج وتتعرض للتكذيب، وغالبية الناس في غفلة منها.


    مما يعني ان الالفة الناتجة عن كون الظواهر تتولد وتنمو بالتدريج وبصورة طبيعية، قد تذهب بوهج تلك العلامات فلا تشعر الغالبية بظهورها رغم انها قد نصت عليها الروايات المتعلقة بعصر الظهور ..
    كل ذلك يجعل امر الظهور للمهدي مفاجأة للاغلبية التي تتوقع خروجا اسطوريا يقوم على تسخير الظواهر، ونزول الملائكة، وقيام الاموات من قبورهم، واهل الكهف من رقدتهم!
    فما هو الحل؟!.










    *
    على حافة الظهور - الحلقة (3)
    هل بعث المهدي رسولا ممهدا؟




    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وصل الله على محمد وآله




    المهدي
    بين توجس الغرب واغفال الشرق!


    دأب الغرب على دراسة تراث الحضارات الانسانية عبر مراكز الاستشراق واعتنى في النظر في نبوءات تلك الحضارات وفي هذا السياق نسمع حاليا تخصيصه مركزا يهتم بدراسة النبوءات التي تتحدث عن المهدي، اي ان هناك مبان مجهزة بكل مستلزماتها وباحثين يبحثون وتراث يجمع ومعلومات ترصد ومعطيات امنية تقرر وتقارير ترفع وبيانات تحلل وسيناريوهات ترسم وخطط توضع وتوصيات تقترح، للتعامل مع هذه الظاهرة التي تنذر بالخطر.


    ليس هذا غريبا على التفكير الغربي، المتصف بالعقلانية والذي لايترك الامور للصدفة، ويؤمن بان كل الظواهر لها بداية واطوار ونهاية تؤول اليها، ورجل الشرق هو ظاهرة من تلك الظواهر التي تجري عليها سنن الله في خلقه، لذلك ارتأى الغرب التوجس والحذر من النبوءات حول رجل الشرق الذي ستنطلق حركته من المنطقة العربية المسلمة ليقود جيشا جرارا ويخضع الغرب والشرق فتسقط الارض كلها في قبضته ويضعها تحت حكمه وسلطانه، ليسود الاسلام الكوكب باسره، كما تقول النبوءة.


    فالتفكير الاستراتيجي الغربي يعمل على حساب كل الاحتمالات ويقدر نسبة وقوع كل منها ويعد خطة لكل احتمال، مما يجعل الظاهرة المدروسة مهما طرأ التغير في مسارها او اسلوبها فانها في دائرة الحصر والاستيعاب لدى التفكير الاستراتيجي، الذي حسب التغيرات وجهز نفسه لكل الاحتمالات واصبح قادرا على الانتقال من الخطة الف التي حازت على النسبة الاعلى من التقدير الى الخطة باء فجيم ... متى ما دعت الضرورة، وفرضت متغايرات الواقع ذلك التغير والتبدل والانتقال.


    ويتظاهر اثر هذا الوعي الغربي في ارساله قوات عسكرية تحت ذرائع شتى الى المناطق التي يتوقع ظهور المهدي فيها، لتحتل وتطوق بالقواعد العسكرية المسندة بالاساطيل واستنفاره شبكة الاجهزة الاستخباراتيه المحلية والعالمية التي تضم الالاف من العملاء والخبراء في رصد وجمع وتحليل المعلومات لمراقبة كل الظواهر والعلامات المتصلة بالظهور الموعود للمهدي...
    ومؤدى هذا، ان الغرب يرصد معالم البداية للظهور والتعاطي معها سريعا كي لا تتحول الى خطر يهدد قوته المستحوذة على العالم تهديد وجود.


    ولذلك يقيم مراكز للدراسات التي ترتبط باجهزة الاستخبارات بتغذية متبادلة، اول باول، كي تحوز قصب السبق، وتكون قواته بالقرب من مواقع الظهور ليتمكن من تسديد ضربة وقائية لحركة المهدي ليقضي عليها في مهدها قبل ان تستفحل، هذا المسعى ياتي في سياق ايمان الغرب بامكانية السيطرة على الظواهر ومعالجتها والتحكم فيها وتبديد خطرها قبل ان تصبح امرا واقعا لا مفر منه، ففي اعتقاده الظواهر ليست قدرا، وانما القدر يصنع ولايفرض استنادا لمبدأ الاسباب والمسببات!
    يدل على هذا التصور ما تعرضت له الاسرة التالية من ملاحقة واعتقال، لتكشف الحادثة ان اجهزة الاستخبارات المحلية المرتبطة بامريكا تضع كل المعلومات الواردة في تراث المهدي قيد التحري والتحقق والتعقب على الارض، وان الامر جد لا لعب فيه:






    *
    في قبال هذا المشهد، نجد ان المؤسسة الدينية الشيعية (الحوزة) اهملت او اغفلت تراث الامام المهدي ولم تتداوله الا في اطار الحكاية والرواية واعتبرت واقعة الظهور قدرا لابد منه، واذا كان كذلك فليس مطلوبا من رجالها واتباعها من المؤمنين سوى الانتظار، فالانتظار شعيرة مقدسة ذات قيمة كبيرة!.


    ورغم محاولة البعض كسر المفهوم السلبي للانتظار واعادة تعريفه ايجابيا، ليحمل المؤمنين مسؤولية تجاه إمامهم المنتظر، لكن ظلت الفكرة الغالبة على الاذهان تنزع الى المفهوم السلبي وظل المفهوم الايجابي اثارات فكرية تتصف بالفجة والعقيمة والفارغة من المحتوى، ليس لها قيمة، واستحكم الموقف في الاهمال!
    وذلك باعتبار ان التحول في مفهوم الانتظار لا يتطلب اعادة تعريف، بمقدار ما بحاجة الى خطة عمل تقوم على التصور لسيناريو للظهور يتصف بالمسؤول..


    لما غاب التصور الجاد المستند الى الاسباب والمسببات ساد تصور اعجازي وغير عادي للظهور يخترق المألوف ويتجاوز المعروف، فهو يفترض ان قضية الظهور ستكون اسطورية تعتمد على القدرات الخارقة، التي يضخم فيها دور الغيب ويغيب دور الناس والاسباب! فالظهور سيقوم على نزول الملائكة، وتسخير الجن، وانبعاث الماضيين من القبور، ويحقق الانتصار بالرعب، فصُوّر الظهور وكأنه مسؤولية المهدي والرب والاموات والجن والملائكة واهل الغيب وأخليت ذمة المتبنين لهذه الثقافة من المسؤولية.


    ان هذا التصور عبارة عن حالة اغماء للعقل المتدين، بل يعتبر استيراد موارب لثقافة القعود عند بني اسرائيل وتمثل لخطاهم حذو النعل بالنعل كما تنبأ الرسول تماما، وكما صورها القران: (فاذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون)، لنرفع كلمة (قاعدون) ونعوض عنها او لنكملها بكلمة (منتظرون) ولنقرأ الاية بالصورة التالية: اذهب انت -يا مهدي- وربك فقاتلا انا ههنا منتظرون"، "اذهب انت -يا مهدي- وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون منتظرون"، هذا ما تؤول اليه ثقافة الانتظار التي سادت القرون السالفة ومازالت آثارها للعقول حاكمة!


    وهكذا يتضح ان مراكز الفكر في التشيع المتاخر -الحوزة الرثة- لم تكلف نفسها عناء دراسة ظاهرة الامام المهدي الموعود دراسة جادة على ضوء الاسباب لتقدم للامة وعيا وفهما جادا يوقظها على حركة الظهور، ولم تؤلف مركزا يدرس الظاهرة او يتوقع بعثة المهدي* لسفراء، وكيف يتم التعامل معهم بصورة علمية وجادة؟ ورغم وجود دولتين شيعيتين لم نسمع عن اجراءات عملية ترصد الظهور او تضع سيناريو لاحتضان الامام القادم .


    لم يتساءل الفكر الشيعي عن كيف سيكون الظهور؟ وكيف ستتوالى فصوله؟ وكيف ستقف منه الحوزة او الامة ؟!* هل سيناهضوه كما تتنبأ الاخبار؟ ما هي الاسباب المحتملة لمناهضته؟ وكيف يمكن تجنبها؟ ما الدور المناط بهم؟ وكيف ستسلم الحوزة ومراجعها الامر له او لرسوله بسلاسة مناصرة ولا تعاديه وتناهضه؟!


    ان المقارنة تكشف ان المهدي بين المشهدين، مشهد اعداءه الغربيين واحلافهم من الاعراب المجتهدين والمستميتين لاطفاء نور المهدي، وافشال حركته، ومشهد انصاره من الشرقيين الشيعة النائمين، ليحلموا بالمهدي!


    فهل رايت شيعة اكثر إثارة للشفقة من هؤلاء الشيعة، شيعة اخر الزمان؟!
    مصيبة!
    فانا لله وانا اليه راجعون!




    على حافة الظهور - الحلقة (4)
    *هل بعث المهدي رسولا ممهدا؟




    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على محمد وآله الطاهرين




    فشل المنتظرين (1)


    عندما تحدثنا عن الاشكاليات التي تحف بالظهور، والتي تتمثل في سوء فهم حدث الظهور، او سوء قراءة النبوءات المتعلقة بالظهور، وسوء تشخيص لعلامات الظهور، آن الآوان لنفهم أن هذه الاشكاليات حقيقية وليست موهومة، واقعية وليست خلبية، لنبرهن على ذلك من خلال وقائع التجارب الماضية وشواهد التاريخ.


    التجربة 1
    لقد بشرت البشارات بظهور موسى مخلص بني اسرائيل من العبودية، وانتظر بنو اسرائيل المخلص موسى ودفعوا ثمنا غاليا عندما اراد فرعون ان يمنع ولادة المخلص فاخذ بذبح المواليد من بني اسرائيل، ولكن المخلص ولد ثم بعث، ولكنه تعرض للتكذيب عندما ظهر، لقد كذبه كبار رجال الدين من بني اسرائيل، مثل بلعم بن باعوراء، العالم الذي اعطي الاسم الأعظم، لقد مال بلعم الى فرعون فتحالفت السلطة الدينية والسلطة السياسية ضد موسى، وهذا يعني ان قطاع واسع من بني اسرائيل ممن التف حول بلعم واشباهه ناهض المخلص موسى وعاداه، بعد ان كانوا ينتظرون خروجه ويبشرون الناس بولادة الفرج على يده.
    لقد فشلوا في تجربتهم مع المخلص رغم طول انتظارهم له، وتبشيرهم به!.


    التجربة 2
    وقد تنبأ عمران بولادة عيسى مخلص بني اسرائيل، وانتظر احبار اليهود ولادة المخلص وبشروا به الاسرائليين، وظلوا على امل خروجه، ولكن لما ولد اتهموا امه بالزنى، ووصفوه عدوانا بالمولود غير الشرعي، ولقبوه بابن الشهوة، وحاربوه، ونقل القران عنهم قولهم: "يامريم لقد جئت شيئا فريا يا اخت هارون ما كان ابوك امرء سوء وما كانت أمك بغيا".
    وهكذا كفر اليهود بالمخلص عيسى وحاربوه، وانتهى انتظارهم الى حرب المنتظر، بعد ان كانوا يبشرون به ويعيشون على أمل خروجه ليحقق لهم الخلاص من الرومان والانتصار على العدو.


    التجربة 3
    ثم ان موسى بشر اليهود بنبي اخر الزمان، ثم كرر البشارة عيسى لما بشر باحمد: "رسولا من بعدي اسمه أحمد". فانتظر اليهود والنصارى نبي اخر الزمان، الذي وصاهم موسى وعيسى بالايمان به ونصره، ووصل بهم الانتظار، ان هاجر قسم من اليهود ليستوطنوا البقعة التي تنص النبوءة على انها دار نبي آخر الزمان، فنزلوا في يثرب ينتظرون نبي آخر الزمان!.


    لقد انتظروه وأخذوا يبشرون الناس به، لقد سمع عرب يثرب الكثير من نبوءات اليهود عن نبي آخر الزمان، وامن عرب يثرب من الاوس والخزرج بنبي اخر الزمان لما سمعوا من اليهود من نبوءات. ففي سيرة ابن هشام نقرأ: "فلما انتشر امر الرسول في العرب وبلغ البلدان ذكر بالمدينة ولم يكن حي من العرب اعلم بامر الرسول حين ذكر وقبل ان يذكر من هذا الحي من الاوس والخزرج وذلك لما كانوا يسمعون من احبار اليهود وكانوا لهم حلفاء ومعهم في بلادهم."(سيرة ابن هشام:2/118).


    ولكن لما خرج نبي اخر الزمان كفر اليهود به وانذرهم القران بالقول:"وامنوا بنا انزلت مصدقا لما معكم ولاتكونوا اول كافر به"، "وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين".


    لقد جاء في تفسير هذه الاية قول الانصار:"لم يكن احد من العرب اعلم بشأن رسول الله منا كان معنا يهود وكانوا اهل كتاب وكنا اصحاب وثن، وكنا اذا بلغنا منهم ما يكرهون قالوا: ان نبيا يبعث الان قد أظل زمانه (اي اقترب) نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم! فلما بعث الله رسوله اتبعناه وكفروا به، ففينا والله وفيهم انزل الله: "وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين" (الدر المنثور:1/160).


    التجربة 4
    وانتظر الاحناف -نسبة الى الحنفية الابراهيمية- نبي اخر الزمان، ومنهم امية بن ابي الصلت الثقفي، حيث كان يتجر الى الشام فلقي اهل الكتابين واخبروه ان نبيا يبعث في العرب، فلما بلغه ظهور النبي اغتاظ وتأسف ثم اتى المدينة يسلم فرده الحسد، فرجع الى الطائف، ومات ولم يسلم.


    هذه النماذج توضح كيف ان الذين انتظروا المخلص ولهجوا بذكره فاجأهم خروجه وفشلوا في استيعابه* والتجاوب معه، فكانوا اول من كفر به بعد ان عاشوا ينتظروه ويبشروا به ويتوقعوا ان يكونوا اول انصاره، والبيئة الحاضنة له، فناموا وفاقوا على ذكره! ولكنهم ناموا مؤمنين واستفاقوا كافرين!


    فهل هذا مصير الشيعة في انتظارهم المهدي، مخلص* آخر الزمان، يبدو من خلال النماذج المتكررة، التي تروي قصة المنتظرين للمخلص، ان التاريخ يعيد نفسه، وان مصير الشيعة مصير الذين من قبلهم، لاسيما وان هناك احاديث تؤكد معاداة الفقهاء للمخلص عند ظهوره، وان مصيرهم ان يكونوا طعمة لسيفه الذي سياخذ في رقابهم!.
    وان معاداة الفقهاء للمخلص تعني انهم سوف يعملون على تضليل القاعدة الشعبية التي طالما عاشوا يبشرونها بالمهدي وينصبون انفسهم متحدثين بالنيابة عنه!
    فهل سيحدث هذا ام هو حادث؟!
    هل فشل الانتظار ام سيفشل؟!
    وما هو الحل؟!






    على حافة الظهور - الحلقة (5)
    *هل بعث المهدي رسولا ممهدا؟




    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


    لماذا فشل المنتظرون؟


    انتظر المنتظرون في كل أمة المُخَلِّص، ليخلصهم من تجربة العناء، وعيش الشقاء فيعبر بهم واقعهم المائج بالمحن والمضطرب بالفتن، من ظلمات الباطل الى نور الحق، من الظلم الى العدل عبور موسى للبحر المنفلق شطرين، وعن وظيفة المخلص هذه قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ). (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ).


    ان التساؤل: لماذا فشل المنتظرون في نصرة المُخَلِّص وانتهى انتظارهم بالانقلاب واعلان الحرب عليه؟!
    يعتبر سؤالا استراتيجيا بما يؤدي اليه من معرفة عوامل الفشل لاجتنابها، واكتشاف عوامل النجاح، لتكريسها* لايصال الانتظار الى غايته!
    ان فشل المنتظرين يرجع الى اربع عوامل فكرية وعقدية ومسلكية واجتماعية تتمثل في سيادة رؤية جاهلية، وعقيدة محرفة، واخلاق منحرفة، وقيادة باطلة وحاشية فاسدة.


    ان وصف المهدي بالمخلص يكشف القانون، الذي يحكم ظاهرة الخلاص، ان الظاهرة تخضع لقانون التطهر والصفاء بأبعادها الاربعة الفكرية والنفسية والمسلكية والاجتماعية.
    فالمخلص هو مربع:


    منطق قويم (رؤية قرآنية) *
    مشاعر نبيلة (عقيدة عرفانية)*
    سلوك سوي (اخلاق ربانية)*
    حراك اجتماعي (قيادة رشيدة)
    *
    ان القانون يفضي ان التطهر والصفاء الرباعي الابعاد هو الذي يؤدي الى الاصطفاء ودليله قوله تعالى: "ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك". اي ان كل مستوى من التطهر يحرز يقتضي اصطفاء الى درجة من درجات الايمان(:اسلام، ايمان، تقوى، يقين)، وازدياد الطهر يفرض اصطفاء للدرجة التي تلي، وهكذا الى ان يتم الطهر بارتقاء أعلى درجة فيتحقيق الخلاص، وعن ذلك يقول الحديث:"اخلص تستخلص"


    فاذا فهمنا ذلك فان الله ينظر الى البشر ويختار منتخبا وفق هذا القانون: "وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى". "الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس". ان الكلام عن الاصطفاء والاختيار خاضع لقانون الطهر والصفاء والخلاص او الاخلاص.
    ثم ان الله بعد ان يختار المخلص يبعثه الى جماعة بشرية تضيق او تتسع حجما-قرية او قرى او مدينة او مملكة او العالم- ليصطفي بالمخلص المخلصين بينما يتنافر معه الملوثين بتكذيبهم للمخلص:"فكذبوه فانهم محضرون الا عباد الله المخلصين".
    من مجموع المخلص ومن اتبعه من مخلصين تتكون حركة الخلاص، فالمعادلة:
    المخلص+ المخلصين= حركة الخلاص


    تعمل حركة الخلاص على محاربة الملوثين والمفسدين في عملية تطهير تعتمد جهاد الكلمة وتتطور لاحقا الى جهاد السيف حتى تعم حركة الخلاص الارض وتبلغ غاياتها بتحقق الخلاص.
    ان المخلص مطالب باطلاق حركة خلاص، تؤدي الى التخلص من كل عوامل الفشل والشقاء: الأمية والمرض والفقر والكفر والفسوق والعصيان والظلم وحكم الطغاة، وتكريس كل عوامل النجاح والسعادة: العلم والصحة والغنى والايمان والتقى واليقين والعدل وحاكمية الامرين بالقسط والصالحين والتقاة!


    ولما كان المنتظرون قد طال عليهم الامد، فتعفنوا داخليا، حيث عوامل الشقاء عشعشت في بيئتهم، وتفشت في نفوسهم، وترسبت في عقولهم، ونشبت أظافرها في مجتمعاتهم، فان ظهور المخلص سوف يفجر كل تلك التناقضات لتظهر الى العلانية وتمزق الظاهر المتزين بالصلاح، ليخرج المستور وينهي حالة الكمون* لتصبح السريرة علانية:"ما أسر امرؤ سريره إلا ألبسه الله ثوبها إن خيرا فخير وان شرا فشر".


    لنتفاجأ عند الظهور بالشيطان يخرج من عباءة المعمم، الذي ظل يلعب دور الملاك تمثيلا، ويخرج الذئب من تحت مسوح الحمل، ويمزق كاهن الجاهلية الزي الديني الذي يتملفع به، وتبرز لخطباء المنبر* قرونا وينطق الشيطان بالسنتهم ليشهدوا زورا ويقولون منكرا من القول ويدعون كفرا.


    مما يعني أن في المواجهة مع المخلص سنجد اعوجاج منطق المنتظرين يصبح مشهودا، وسوء السريرة يصبح علانية، وتظاهر الضغائن يصبح سمة، واللاخلاقية تتظاهر جهارا، وفساد الفقهاء يصير مفضوحا، وجرائم حاشية الوكلاء تمسي معلنة غير محجوبة ولا مستورة! بما يحيكون من مؤامرات تستهدف المخلص والمخلصين وحركة الخلاص!


    ان المنتظرين لما أضاعوا فهم الدين كمشروع خلاص يتطلب الارتقاء في مدارج الايمان والطهر والكمال هو الذي أدى الى التعفن الداخلي بجمود المنتظرين وتلوثهم، فكانوا بتوقفهم طلب الاخلاص والاستخلاص بمثابة الماء الذي توقف عن الحركة فصار آسنا عفنا.
    لهذا تخلف المنتظرون عن الشرط المؤهل لان يلتحقوا بالمخلص، مما يعني ان الانتظار الناجح يساوي الاخلاص:
    الانتظار= الاخلاص


    فاذا اردنا ان ننجح انتظارنا فعلينا ان نطلب الاخلاص فنكون المخلصين من بين المنتظرين الذين يشكلون مع المخلص حركة الخلاص لا الملوثين الذين سيكذبونه ويخذلونه او يقاتلونه: "فكذبوه ... الا عباد الله المخلصين"!
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X