ليس المال شيئاً مهماً في حد ذاته، وإنما تأتي أهميته من الدور الذي يلعبه، بجانب الوضع الاجتماعي للإنسان، في مساندة الحياة والارتقاء بها. كذلك المزيد من المال لا يعني سعادة أكثر أو صحة أفضل، فكثير من الدول الفقيرة تكون فيها الحياة أفضل نسبياً من الحياة في كثير من الدول الغنية.
من جانب آخر، فإن الشعور بالسيطرة على حياتنا، والتمتع بفرص تمكن من التواصل الاجتماعي الكامل، وضمان لعب دور حيوي في المجتمع، مهما كان صغيراً، يمنح الإنسان الإحساس بكيانه في المجتمع، وهو الأمر الذي يعد من أهم دعامات الصحة النفسية والجسدية، ومن ثم يتحول هذا الشعور إلى إحساس شامل بالسعادة الحقيقية، التي يعجز المال والثراء في توفيرها.
إن الدرجة التي نسيطر بها على حياتنا تعد مؤشراً قوياً على الإحساس بالسعادة، فالشخص السعيد لا يترك نفسه للأهواء تأخذه إلى حيث لا يريد، مستشعراً ثقة في النفس دون أن يخوض أي صراع يقطع خيوط نسيجه النفسي المتماسك.
وهناك دلائل أخرى تدل على أن شخصاً يعيش حياة سعيدة؛ منها أسلوب حياته، واختياراته المتوازنة، وسعيه الدائم إلى الاحتفاظ بتوازنه النفسي، وامتناعه عن المغالاة في أمور الحياة، وادخار أوقات لممارسة الرياضة والقراءة، وتبادل المودة مع الأهل والأصدقاء.
وإذا كان الثراء ليس شرطاً للسعادة، فإن من شروط السعادة حصول المرء على مكانة اجتماعية؛ تجعله يستشعر بأهميته في المجتمع، وبأنه لا غنى عنه. ومن شروطالسعادة أيضاً -غير المال- هو الدور الذي يتحرك من خلاله الإنسان ويُشعره بالرضا التام عن أدائه، وعن وجوده بين الآخرين.
ويوضح الدكتور «مايكل ماديسون»، أستاذ علم النفس بإحدى جامعات «بريطانيا»، أن الوضع الاجتماعي للشخص هو مصدر لسعادته؛ نتيجة تقديمه خدمات لكل من حوله، ونتيجة شعوره بأنه يحوز على رضا الجميع، عندئذ يستشعر الشخص بالرضا عن نفسه، وينمو داخله دافع قوي للاستمرار في كسب حب الناس، وزيادة تقديره لذاته، وتتحسن صحته الجسمانية والنفسية
ام زهراء