قال تعالى(هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ))[1] وقال تعالى: ((وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ))[2]. قيل الهمزة: النمام، واللمزة: المغتاب[3].
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا يدخل الجنة نمام[4].
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: شراركم المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، المبتغون للبراء المعايب[5].
وقال الباقر عليه السلام: الجنة محرمة على المغتابين والمشائين بالنميمة[6].
والنمام هو من ينم قول الغير إلى المقول فيه ويكشف ما يكره كشفه، سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه: أو كرهه ثالث، وسواء كان الكشف بالقول أو بالكتابة أو بالرمز أو الإيماء، وسواء كان المنقول من الأعمال أو الأقوال، وسواء كان ذلك عيباً ونقصاناً على المنقول عنه أو لا. فحقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر وكشفه.
ومن حملت إليه النميمة فعليه بأمور ستة.
الأول: عدم تصديقه لأنه فاسق وقد قال تعالى(إِن جٰاءكُمْ فاسِقٌ بِنَبأٍ فَتَبَيَّنُوا))[7].
الثاني: أن ينهره عن ذلك لقوله تعالى: ((وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ))[8].
الثالث: أن يبغضه لأنه بغيض الله.
الرابع: أن لا يظن المنقول عنه السوء، لقوله تعالى: ((اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ))[9].
الخامس: أن لا يحمله ذلك على التجسس[10] والبحث ليتحقق حقيقة الحال، قال تعالى: ((وَلا تَجَسَّسُوا))[11].
السادس: أن لا يرضى لنفسه ما نهي عنه النمام فلا يحكي نميمته ويقول قال فلان فيك كذا. وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أن رجلاً أتاه يسعى إليه برجل فقال: يا هذا نحن نسأل عما قلت فإن كنت صادقاً مقتناك[12] وإن كنت كاذباً عاقبناك. وإن شئت أن نقيلك[13] أقلناك. قال: أقلني يا أمير المؤمنين[14].
ـــــــــــــ
[1] سورة القلم/ 11 ــ 13.
[2] سورة الهمزة/ 1.
[3] المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 5/ 275، كتاب آفات اللسان، الآفة السادسة عشر النميمة.
[4] كشف الريبة، الشهيد الثاني: 41، الفصل الرابع فيما يلحق بالغيبة عند التدبر.
[5] الكافي، الكليني: 2/ 369، باب الإيمان والكفر، باب النميمة/ ح3.
[6] الكافي، الكليني: 2/ 369، كتاب الإيمان والكفر، باب النميمة / ح2. ونصه: «مُحَرَّمَةٌ الْجَنَّةُ عَلى الْقَتّاتِينَ الْمَشّاءِينَ بِالنَّمِيمَةِ».
[7] سورة الحجرات/ 6.
[8] سورة لقمان/ 17.
[9] سورة الحجرات/ 12.
[10] التجسس: التفتيش عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في السر. النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير: 1/263، مادة "جسس".
[11] سورة الحجرات/ 12.
[12] المقت:بغض من أمر قبيح ركبه،فهو مقيت،وقد مقت إلى الناس مقاتة،ومقته الناس مقتا. كتاب العين، الفراهيدي: 5/ 132، مادة "مقت".
[13] أقال الله عثرتك و أقالكها، أي: صفح عنك. تاج العروس، الزبيدي: 8/ 92.
[14] كشف الريبة، الشهيد الثاني: 45، الفصل الرابع فيما يلحق بالغيبة عند التدبر.