إشكال على آية التطهير، أشكل به أحد العلماء من أهل السنة، وحاصله أنّه ما المانع من حمل كلمة (إنّما) الواردة في آية التطهير على التعليل لا على الحصر، وذلك نحو قولك: ((كل يا ولدي، انّما أريد أن تقوى وتصح))، بمعنى آمرك بالأكل لأنّي أريدك أن تقوى وتصح، فما المانع أن (إنّما) في قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ )) (الاحزاب:33)، هي لا للحصر كما ندعي نحن الشيعة بل للتعليل.
وذلك، لأنّ (إنّما) إذا كانت للتعليل هنا، بطل استدلالنا بها على حصر التطهير بأهل البيت، وتعين إدخال نساء النبيّ معهم، وبذلك يبطل كون الارادة الواردة في الآية تكوينية،ويتم الجمع بين السياق وبين الروايات التي فسرت أهل البيت بأصحاب الكساء، وذلك لأنّ الأصل في الكلام هو جمع القرائن الداخلية والخارجية مع السياق، لأنّ الجمع مع التمكن أولى من العدول عن السياق، فإن تعذر الجمع قدمنا القرائن على دلالة السياق.
الجواب:
لا يمكن حمل (إنّما) على التعليل، لما نص عليه علماء اللغة من كونها أوضح أدوات الحصر.
نعم، أقصى ما يمكن أن يدّعى أنّها تحصر العلّة، كما في المثال الذي ذكره المستشكل ((كل يا ولدي إنّما أريد أن تقوى وتصح))، فمن الواضح أنّ (إنّما) جاءت هنا أيضاً للحصر ولكن لحصر العلة وسبب الأمر بالأكل فحصرت الإرادة بالقوة والصحة.
ولو قال: ((إنّما أريد يا ولدي أن تقوى وتصح))، لأصبح في قوله قصران، قصر الإرادة بالقوة والصحة وحصرها بولده، وهذا الذي جاء في آية التطهير (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ))، فإنّ فيها قصران، قصر الإرادة، وأنّها خاصّة بأهل البيت(عليهم السلام).
هذا ولا دخل لمعنى (إنّما) بمفرها في تعين المراد من أهل البيت، وإنّما لها دخل في تعيين المراد من الإرادة، وانّها التكوينية، سواء قلنا بان معنى (إنّما) للحصر أو لحصر العلّة، وسواء قلنا أنّ أهل بيت يشمل النساء أو لا، لأنّ الحصر عموماً لا يتوافق مع التشريع العام.
إذ يأتي السؤال: بأنّ إرادة التطهير التشريعية شاملة لكلّ الناس، فلمّا خصت هذه الارادة هنا بأهل البيت، حتى لو شمل النساء؟
ولكن لا يخفى أنّ هذا كلّه فيما لو ثبتت وحدة السياق وهي لا تثبت قطعاً، إذ من الواضح أنّ الروايات الصحيحة المستفيضة في سبب النزول تنص على أنّ هذا المقطع من الآية نزل وحده، إضافة إلى دلالة الآية على العصمة المخرجة للنساء.