اشكر مروركم وثنائكم، واما بخصوص ما سألتم:
فمعنى قولي
وبالتالي فالموت ليس عدما وفناءا ولا هو وجودا كما هو الحال مع باقي الموجودات
والثاني: المفاهيم التي ليست لها ما بأزاء في الخارج لكن لها منشأ انتزاع، ومثاله الفوقية والتحتية فمن الواضح عدم وجود شئ في الخارج اسمه فوقيه لكن الموجود هو السقف والارضية فاذا نسبنا السقف الى الارضية انتزعنا الفوقية فالفوقية ليس لها ما بازاء في الخارج لكن لها منشأ انتزاع وهو السقف، وكذا الحال في الموت فهو ليس له ما بأزاء في الخارج اي ليس له تحقق ومصداق في الخارج لكن له منشأ انتزاع وهو فيما لو قسنا حالة الانسان قبل موته الى ما بعد انتقاله فننتزع مفهوم الانتقال الذي هو الموت، فهو من المفاهيم الانتزاعية التي ليس لها ما بازاء في الخارج ولكن لها منشأ انتزاع.
اذا اتضح ما تقدم يتضح معنى ما ذكرته من ان الموت ليس عدما ولا وجودا كسائر الموجودات.وبعبارة اصطلاحية هو ان الموت عرض وليس جوهر.
واما بخصوص الرواية المذكورة فنكتفي بما علقه العلامة المجلسي (ره) في مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج 14، ص: 261:
قوله عليه السلام:" خلقان من خلق الله"
إشارة إلى قوله تعالى" الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" و استدل به على أن الموت وجودي إذ العدم لا يخلق إذ الخلق بمعنى الإيجاد و أيضا الخلق لا يكون إلا بالإرادة و هي لا تتعلق بالعدم و كلاهما ممنوعان، و القائلون بوجوده أكثرهم على أنه عرض.
و ربما يقال بجوهريته كما يتوهم من هذا الخبر، قال في المواقف و شرحه الموت عدم الحياة عما من شأنه أن يكون حيا، و الأظهر أن يقال: عدم الحياة عما اتصف بها و على التفسيرين فالتقابل بين الحياة و الموت. تقابل الملكة و العدم.
و قيل: الموت كيفية وجودية يخلقها الله في الحي فهو ضدها لقوله تعالى" خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ" و الخلق لكونه بمعنى الإيجاد لا يتصور إلا فيما له وجود.
و الجواب أن الخلق ههنا معناه التقدير دون الإيجاد و تقدير الأمور العدمية جائز كتقدير الوجوديات انتهى.
و قال الرازي في تفسيره: قالوا: الحياة هي الصفة التي يكون الموصوف بها بحيث يصح أن يعلم و يقدر، و اختلفوا في الموت فقال: قوم إنه عبارة عن عدم هذه الصفة و قال أصحابنا: إنه صفة وجودية مضادة للحيوة. و احتجوا بقوله تعالى" خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ" و العدم لا يكون مخلوقا و هذا هو التحقيق و روى الكلينيبإسناده عن ابن عباس أنه تعالى خلق الموت في صورة كبش أملح لا يمر بشي ء أو لا يجد رائحته شي ء إلا مات و خلق الحياة في صورة فرس بلقاء فوق الحمار و دون البغل لا يمر بشي ء و لا يجد رائحته شي ء إلا حي.
و اعلم: أن هذا لا بد و أن يكون مقولا على سبيل التمثيل و التصوير و إلا فالتحقيق هو الذي ذكرناه انتهى، ففي هذا الخبر أيضا يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير أو إيجاد ما يكون سببا لذهاب الحياة و خروج الروح الحيوانية و ذهاب الحرارة الغريزية من برودة و ضعف في القوي و نحوهما و الله تعالى يعلم.
اترك تعليق: