(فائدة) روى فخر المحققين عن والده العلامة (قده) قال: حكى لنا والدي عن افضل المتأخرين الخواجة نصير الحق والدين الطوسي (طيب الله ثراه) قال: اني وقفت على جميع المذاهب اصولها وفروعها فوجدت من عدا الإمامية مشتركين في الأصول المعتبرة في الايمان وان اختلفوا في اشياء تساوى اثباتها ونفيها بالنسبة الى الايمان، ثم وجدت ان طائفة الامامية يخالفون الكل في أصولهم، فلو كانت فرقة من عداهم ناجية لكان الكل ناجين، فيدل على ان الناجين هم الامامية لا غير ـ انتهى.(قال) الفاضل المحدث السيد نعمة الله الجزائري بعد نقل ذلك وتحريره: ان جميع الفرق متفقون على ان مشاعر النجاة ودخول الجنة هو الإقرار بالشهادتين، وخالفهم الإمامية وقالوا: لابد من ضم ولاية اهل البيت((عليهم السلام)) والبراءة من اعدائهم وهي التي يدور عليها النجاة والهلاك. قال واجاب نصير الدين والملة الطوسي جوابا آخر حيث قال: انه((صلى الله عليه وآله)) عين الفرقة الناجية والهالكة في حديث او صحيح متفق عليه، وهو قوله((صلى الله عليه وآله)): «مثل اهل بيتي كسفينة نوح من ركبهانجا ومن تخلف عنها غرق» وهذا الحديث متفق عليه رواه الجمهور من طرق متعددة والإمامية، وهم مختصون بركوب هذه السفينة لأنهم اخذوا مذهبهم عن الإمام ابي عبدالله جعفر بن محمد الصادق((عليه السلام)) ولقب مذهبهم بالجعفري، وهو أخذه عن ابيه باقر العلوم، وهو اخذه عن ابيه زين العابدين، وهو اخذه عن ابيه سيد الشهداء، وهو اخذه عن ابيه امير المؤمنين((عليه السلام)) وهو اخذه عن اخيه وابن عمه رسول الثقلين((صلى الله عليه وآله))، وهو اخذه عن جبرئيل((عليه السلام)) وهو اخذه عن رب العزة جل شأنه، وكل فرقة غيرهم اخذت دينها عن امامها كأصحاب ابي حنيفة واصحاب الشافعي واصحاب احمد بن حنبل واصحاب المالكي. وهذا ظاهر لا يحتاج الى البيان، على ان الحديث روي بعدة اسانيد هكذا قال((صلى الله عليه وآله)): افترقت امة موسى على احد وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة وهي التي اتبعت خليفته يوشع بن نون، وافترقت امة عيسى على اثنين وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة وهي التي اتبعت وصيه شمعون، وستفترق امتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة وهي التي تتبع وصيي علياً ـ انتهى كلامه زيد مقامه. (يقول ناظم هذه الدرر ومطرز هذا الخبر) قد وقع لي تحقيق في هذا المقام قبل الوقوف على كلام هؤلاء الاعلام اذكره هنا بلفظه: اقول: من اقوى الالزامات للمخالفين واظهر الحجج والبراهين على صحة هذا المذهب ـ وهو مذهب الامامية ـ قوله((صلى الله عليه وآله)): «ستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة والباقون في النار» وقوله((صلى الله عليه وآله)): «مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق» والحديث الأول مما اجتمع على نقله المؤالف والمخالف، وقد صنف الشهرستاني كتاب الملل والنحل في ضبط تلك الفرق تصديقاً للخبر المذكور، ومقتضاه يجب ان يحكم بنجاة فرقة واحدة من تلك الفرق لا ازيد، والا الزم تكذيبه((صلى الله عليه وآله)) والرد عليه فيما قال وهو كفر محض. واما الحديث الثاني فقد استفاض بل تواتر نقله من طريق الجمهور ايضاً بالفاظ عديدة رواه احمد في مسنده ونقله صاحب المشكاة عن ابى ذر قال وهو متعلق بأستار الكعبة: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا جندب بن جنادة سمعت رسول الله((صلى الله عليه وآله)) بإذني و الا صمتا يقول: «الا ان مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى» وقد روى ابن المغازلي الشافعي هذا المعنى في كتاب المناقب بعدة اسانيد وبعبارات مختلفة. ويعضد هذا الخبر ايضاً ما تواتر عنه((صلى الله عليه وآله)) من قوله: «انى تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما» وقد رواه في مسنده من ثلاث طرق بعبارات متقاربة، ورواه مسلم في صحيحه والتغلبي في تفسيره وابن المغازلي في مناقبه ورزين العبدي في الجمع بين الصحاح الستة الى غير ذلك من المواضع. وانت خبير بانه لا معنى لكونهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ـ كما تضمنه الخبر الثاني ـ ولا معنى للتمسك بهم ـ كما تضمنه الخبر الثالث ـ الا الأخذ بأقوالهم والاقتداء بافعالهم والتدين بدينهم وشريعتهم والاقتداء بطريقتهم وسنتهم. وقد اعترف بذلك المخالفون قال التفتازاني في شرح المقاصد: فان قيل: «اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه الهدى» الى آخره وقال: «اني تارك فيكم ما ان اخذتم بهم لن تضلوا كتاب الله وعترتي اهل بيتي» ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره؟ قلت: نعم لاتصافهم بالعلم والتقوى مع شرف النسب، ألا ترى انه((عليه السلام)) قرنهم في كون التمسك بهم منقذاً من الضلال ولا معنى للتمسك بالكتاب الا الأخذ بما فيه الهداية وكذا العترة ـ انتهى. وقال الطيبي في شرح المشكاة: شبه الدنيا بما فيها من الكفر والضلالات والبدع والأهواء الزائغة ببحر لجي يغشاه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض وقد احاط باكناف واطراف الأرض كلها وليس منه خلاص ولا مناص الا بتلك السفينة ـ انتهى.

وحينئذ فنقول: من البين الواضح البيان والمستغني بذلك عن الحجة والبرهان انه لم يركب احد من الامة في تلك السفينة المنجية من الضلال ولم يتخذها احد من تلك الفرق العديدة ملجأ من الأهوال ولم يتمسك بحبل ولاء الائمة الطاهرين ((عليهم السلام))غير الشيعة الاثنى عشرية، فإنهم من زمن الائمة ((عليهم السلام)) هم القائلون بأمامتهم والعاكفون على احياء طريقتهم وسنتهم، فلا يعتمدون في معالم دينهم اصولا وفروعا إلا على اخبارهم عاكفون على زيارة قبورهم مقيمون شعائر احزانهم وتعزيتهم صابرون على الأذى بل القتل في حبهم. وهذا كله ظاهر لا ينكره الا من ينكر المحسوسات
الوجدانية و يقابل بالتمويهات السوفسطائية وبه يظهر ان الناجية من تلك الفرق الثلاث والسبعين هي فرقة الشيعة الاثنى عشرية و ان ما عداها من الهالكين .
ومن العجب نقل اولئك الفضلاء منهم لهذه الأخبار واعترافهم بكون التمسك بهم منقذاً من الضلالة وان التمسك بهم عبارة عن الأخذ بما فيه الهداية من اقوالهم وافعالهم مع انهم من العاكفين على خلافهم والتاركين للاقتداء بشريف اخلاقهم واوصافهم، فتراهم لا يروون بواسطة احد منهم رواية ولا يعدونه من جملة من اعتمدوه من ذوي الغواية فضلا عن ان يتخذوه مناراً للهداية ومقصداً فيها وغاية (انها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). فليت شعري بماذا يجيبون غداً عند الله سبحانه وعند الرسول((صلى الله عليه وآله)) بعد روايتهم لهذه الأخبار وبماذا يعتذرون بين يدي العزيز الجبار؟!
واعجب من ذلك ما رواه الحافظ محمد بن موسى الشيرازي من علماء السنة على ما نقله عنه جمع من اصحابنا منهم السيد الزاهد المجاهد رضي الدين بن طاووس في الطرائف والقاضي نور الله الشوشتري في احقاق الحق روى ذلك في كتابه الذي استخرجه من التفاسير الاثنى عشر: تفسير ابي يوسف يعقوب بن سفيان، وتفسيرا بن جريح، وتفسير مقاتل بن سليمان، وتفسير وكيع بن جراح، وتفسير يوسف بن موسى القطان، وتفسير قتادة، وتفسير ابو عبيدة القاسم بن سلام، وتفسير علي بن حرب، وتفسير السدي، وتفسير مجاهد، وتفسير مقاتل بن مقاتل بن حيان، وتفسير ابي صالح ـ وكلهم من اهل السنة ـ رووا عن انس بن مالك قال: كنا جلوسا عند رسول الله((صلى الله عليه وآله)) فتذاكرنا رجلا يصلي ويصوم ويتصدق ويزكي، فقال لنا رسول الله((صلى الله عليه وآله)): لا اعرفه، فقلنا: يا رسول الله انه يعبد الله ويسبحه ويقدسه ويهلله، فقال: لا اعرفه. فبينما نحن في ذكر الرجل اذ طلع علينا فقلنا: يا رسول الله هو ذا، فنظر اليه رسول الله((صلى الله عليه وآله)) وقال لأبي بكر: خذ سيفي هذا وامض الى هذا الرجل واضرب عنقه فانه من يجيء في حزب الشيطان، فدخل ابو بكر المسجد فرآه راكعاً فقال: والله لا اقتله فان رسول الله((صلى الله عليه وآله)) نهانا عن قتل المصلين، فرجع الى رسول الله((صلى الله عليه وآله)) فقال: يا رسول الله اني وجدت الرجل راكعاً وانت نهيتنا عن قتل المصلين الراكعين، فقال رسول الله((صلى الله عليه وآله)): اجلس فلست بصاحبه، ثم قال: قم يا عمر فخذ سيفي من يد ابي بكر وادخل المسجد واضرب عنقه، قال عمر: فاخذت السيف من يد ابي بكر ودخلت المسجد فرأيت الرجل ساجداً فقلت: والله لا اقتله فقد استأذنه من هو خير مني، فرجعت الى رسول الله((صلى الله عليه وآله)) فقلت: يا رسول الله اني وجدت الرجل ساجداً. فقال رسول الله: اجلس فلست بصاحبه قم يا علي فانك قاتله فان وجدته فاقتله فانك ان قتلته لم يبق بين امتي اختلاف ابداً، قال علي: فأخذت السيف ودخلت المسجد فلم اره فرجعت الى رسول الله((صلى الله عليه وآله)) فقلت: يا رسول الله ما رأيته فقال: يا ابا الحسن ان امة موسى افترقت على أحد وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون في النار، وان امة عيسى افترقت على اثنين وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون في النار، وستفترق امة محمد((صلى الله عليه وآله)) على ثلاث وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون في النار. فقلت: يا رسول الله فما الفرقة الناجية؟ قال: المتمسك بها انت واصحابك فأنزل الله: (ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله) يقول هذا اول من يظهر من اصحاب البدع والضلالات. قال ابن عباس: والله ما قتل ذلك الرجل الا امير المؤمنين((عليه السلام)) يوم النهروان، ثم قال الله تعالى: (له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق) اي بقتاله علي بن ابي طالب((عليه السلام)) يوم صفين.
(اقول) فانظر ايها العاقل المنصف الى رواية هؤلاء الأجلاء الأعلام لهذا الحديث المتضمن للنص الجلي على ان الفرقة الناجية هم علي وشيعته من بين تلك الفرق الثلاث والسبعين فرقة، والى ما تضمنه من النص الجلي على مخالفة ابي بكر وعمر له((صلى الله عليه وآله)) في حياته بحضوره ولم يمتثلا امره بقتل رجل لو قتل لم يقع بين امته اختلاف ويتعللان باشتغاله بالركوع والسجود، مع انه((صلى الله عليه وآله)) عالم بذلك، سيما مع تقدم وصفه والثناء عليه بذلك والله سبحانه يقول: (من اطاع الرسول فقد اطاع الله) فاذا كانت هذه حالهم معه((صلى الله عليه وآله)) في حياته فكيف يستبعد منهم ذلك بعد مماته، فهل يجوز عقلا او نقلا ان يروي احد مثل هذه الرواية ثم يتخذه اماماً يدين الله تعالى بطاعته ويجعله واسطة بينه وبين الله تعالى يتقرب اليه بولايته؟! ولكن سخ الطيبة الردية قد غلب ذلك على الأمة الغوية (فانه لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) والى الله سبحانه المشتكى منهم.
(كتاب الخصال) بسنده عن الصادق((عليه السلام)) قال: قال رسول الله((صلى الله عليه وآله)): اربع تميت القلب: الذنب على الذنب، وكثرة مناقشة النساء ـ يعني محادثتهن ـ ، ومماراة الأحمق تقول ولا يرجع الى خير، ومجالسة الموتى فقيل: يا رسول الله وما الموتى؟ قال: كل غني مترف.
(وعنه) ((صلى الله عليه وآله)) انه قال لأصحابه: اسمعوا مني كلاماً هو خير لكم من الدهم الموقفة: لا يتكلم احدكم بما لا يعنيه، وليدع كثيراً من الكلام فيما يعنيه. حتى يجد له موضعاً فرب متكلم في غير موضعه جنا على نفسه في كلامه، ولا يمارين احدكم سفيها ولا حليما فانه من مارى سفيها أراده، واذكروا أخاكم اذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون ان تذكروا به اذا غبتم عنه، واعملوا عمل من يعلم انه مجازى بالإحسان مأخوذ بالإحترام (بيان) الدهم جمع ادهم اي خير لكم من الخيول السود التي اوقفت لكم ولحوائجكم.