تمتاز الحياة الزوجية عن غيرها بأنّ الله سبحانه قد جعل بين الزوجين المودّة والرحمة ، وهما عنصران أساسيان في صفاء الاُسرة ، وكمال الوئام والتفاهم وتمشية الاُمور على ما يرام ، وحلّ المشاكل والتغلّب على الصعاب ، وحكومة السعادة والوفاق والعيش الرغيد والهناء ، كلّ هذا ببركة المودّة أي المحبّة مع الإطاعة والرحمة . فالحياة التي يسودها الحبّ والرحمة إنّما هي حياة الجنّة ، والجنّة إنّما هي دار استراحة المؤمنين تحوطها الرحمة الإلهية والمودّة الأبدية ، فلا حزن فيها ولالغوب ولا قيل ولا قال ، كذلك البيت الذي يفوح منه عطر المودّة وطيب الرحمة ولكن مع هذا جعل الله سبحانه حقوقاً تخصّ الرجال ، كما جعل حقوقاً تخصّ النساء ، حتّى يعرف كلّ واحد حدّه ، فلا يتجاوز ذلك طغياناً وبطراً وأشراً ، فهناك ثوابت تلزم الزوج ويجب عليه أن يراعيها ، كما أنّ هناك حقوقاً تلزم الزوجة ويجب عليها أن تحفظها ولا تتعدّاها ، كما هناك خصال يشترك الزوجان فيها ، نذكر نبذة منها كما ورد في الروايات الشريفة ، إلاّ أ نّه نقول مقدّمةً من باب التوضيح : إنّ الحقّ لغةً بمعنى الشيء الثابت ، وأ نّه اسم من أسماء الله سبحانه ، كما في قوله تعالى ( سَنُرِيهِمْآيَاتِنَا فِي الآ فَاقِ وَفِي أ نْفُسِهِمْ حَتَّى يَـتَبَـيَّنَ لَهُمْ أ نَّهُ الحَقُّ ) واصطلاحاً بمعنى الشيء الذي ثبت بالعقل والشرع ، وفي الفقه يفرّق بين الحقّ والحكم بأنّ الحقّ ما كان إثباته بيد الشرع المقدّس ، ولكنّ إسقاطه ربما يكون بيد صاحب الحقّ ، كحقّ خيار المجلس في البيع ، فإنّ الله جعل للبائع والمشتري خيار المجلس ، ولكن جعل إسقاط هذا الحقّ بيدهما عند توافقهما ، بخلاف الحكم الشرعي ، فإنّ إثباته وإسقاطه إنّما هو بيد الشارع المقدّس وحقوق الزوجين تارةً شرعيّة ، كما يقال ليس من حقّ الرجل أن يستخدم زوجته لغسل ملابسه وطهي الطعام ، بل وحتّى إرضاع طفله دون الرضعة الاُولى ، فيجوز للزوجة أن تطالب باُجرة رضاعها ، ولكن من حقّ الرجل أن يتزوّج أربعة حرائر دائميات فيجوز لكلّ منهما أن يسقطا حقّهما بأن تشتغل الزوجة في دار زوجها ، وتخدمه بكلّ ما يحبّ ويريد ، وهو يتعهّد لها بعدم تعدّد الزوجة مثلا .
والمقصود من بيان حقوق الزوجين المشتركة أو المختصّة بأحدهما في هذا الفصل ، ليس الحقوق الشرعية وحسب بل الحقوق الأخلاقية والتربوية التي استنبطناها من الأحاديث الشريفة ، ويمكن للمحقّق أن يستنبط أكثر من هذا بكثير ، وفي الأخبار غنىً وثقافة ثريّة ومعطاء ومعين لا ينضب ، فتدبّر وتأمّل . وأمّا الحقوق المشتركة بين الزوجين ، فمنها :
1 ـ الصبر : قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : من صبر على سوء خلق امرأته ، أعطاه الله من الأجر ماأعطى أيوب (عليه السلام) على بلائه ، ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية بنت مزاحم ـ زوجة فرعون ـ وزوّج رسول الله (صلى الله عليه وآله) امرأةً من رجل ، فرأت منه بعض ما كرهت ، فشكت ذلك إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال : لعلّكِ تريدين أن تختلعي ـ تبذل له مالا ليطلّقها ، وهو الطلاق الخلعي ـ فتكوني عند الله أنتن من جيفة حمار .
عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : إنّ الله عزّ وجلّ كتب على الرجال الجهاد ، وعلى النساء الجهاد ، فجهاد الرجل أن يبذل ماله ودمه حتّى يقتل في سبيل الله ، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته . ومن الواضح أنّ غيرة الرجل إيمان ، إلاّ أ نّه لا يتجاوز الحدّ المعقول ، كماذكرنا .
2 ـ عدم الظلم وترك الأذى :
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أيما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل الله منها صرفاً ولا عدلا ولا حسنةً من عملها حتّى ترضيه ، وإن صامت نهارها وقامت ليلها ، وأعتقت الرقاب ، وحملت على جياد الخيل في سبيل الله ، فكانت أوّل من يرد النار ، وكذلك الرجل إذا كان لها ظالماً .ما أروع هذه الأحاديث الشريفة ، فإنّها تحذّر الزوجين عن إيراد الأذى والظلم على الآخر ، وما أعظم التخويف والتحذير أ نّه لا يقبل منهما عملا صالحاً إذا كان البيت فيه اللغط والاختلاف والعصيان والقيل والقال وعدم العفّة في الكلام من الفحش والسبّ وأذى اللسان بكلّ ما له من مصاديق .
والمقصود من بيان حقوق الزوجين المشتركة أو المختصّة بأحدهما في هذا الفصل ، ليس الحقوق الشرعية وحسب بل الحقوق الأخلاقية والتربوية التي استنبطناها من الأحاديث الشريفة ، ويمكن للمحقّق أن يستنبط أكثر من هذا بكثير ، وفي الأخبار غنىً وثقافة ثريّة ومعطاء ومعين لا ينضب ، فتدبّر وتأمّل . وأمّا الحقوق المشتركة بين الزوجين ، فمنها :
1 ـ الصبر : قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : من صبر على سوء خلق امرأته ، أعطاه الله من الأجر ماأعطى أيوب (عليه السلام) على بلائه ، ومن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية بنت مزاحم ـ زوجة فرعون ـ وزوّج رسول الله (صلى الله عليه وآله) امرأةً من رجل ، فرأت منه بعض ما كرهت ، فشكت ذلك إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال : لعلّكِ تريدين أن تختلعي ـ تبذل له مالا ليطلّقها ، وهو الطلاق الخلعي ـ فتكوني عند الله أنتن من جيفة حمار .
عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : إنّ الله عزّ وجلّ كتب على الرجال الجهاد ، وعلى النساء الجهاد ، فجهاد الرجل أن يبذل ماله ودمه حتّى يقتل في سبيل الله ، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته . ومن الواضح أنّ غيرة الرجل إيمان ، إلاّ أ نّه لا يتجاوز الحدّ المعقول ، كماذكرنا .
2 ـ عدم الظلم وترك الأذى :
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أيما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل الله منها صرفاً ولا عدلا ولا حسنةً من عملها حتّى ترضيه ، وإن صامت نهارها وقامت ليلها ، وأعتقت الرقاب ، وحملت على جياد الخيل في سبيل الله ، فكانت أوّل من يرد النار ، وكذلك الرجل إذا كان لها ظالماً .ما أروع هذه الأحاديث الشريفة ، فإنّها تحذّر الزوجين عن إيراد الأذى والظلم على الآخر ، وما أعظم التخويف والتحذير أ نّه لا يقبل منهما عملا صالحاً إذا كان البيت فيه اللغط والاختلاف والعصيان والقيل والقال وعدم العفّة في الكلام من الفحش والسبّ وأذى اللسان بكلّ ما له من مصاديق .