اللهم صل على محمد وآل محمد
سأل أحد العلماء تلميذه :
منذُ متى صحبتني ؟
فقال التلميذ : منذُ ثلاثٍ وثلاثين سنة ،
فقال العالم :
فما تعلمت منّي في هذه المدّة ؟
قال التلميذ : ثمانيَ ٨ مسائل ،
قال العالم : إنّا لله وإنّا إليه راجعون !
ذهب عمري معك ولم تتعلّم إلا ثماني مسائل فقط !
قال التلميذ : لم أتعلم غيرها ولا أحبّ أن اكذب عليك ،
فقال العالم : هات ما عندك لأسمع .
فقال التلميذ :
الأولى :
أني نظرت إلى الخلق فرأيت كلّ واحد يتخذ صاحباً ، فإذا ذهب إلى قبره فارقه صاحبُه ، فصاحبتُ الحسنات فإذا دخلتُ القبر دخلتْ معي .

الثانية :
أني نظرت في قول الله تعالى :
( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنّة هي المأوى ) ، فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله .

الثالثة :
أني نظرت إلى الخلْق فرأيت أنّ كلّ من معه شيءٌ له قيمة حفظه حتى لا يضيع ثم نظرت إلى قول الله تعالى :
( ما عندكم ينفد وما عند الله باق ) ، فكلما وقع في يدي شيءٌ له قيمة وجهته لله ليحفظه عنده .
الرابعة :
أني نظرت إلى الخلق فرأيت كلاً يتباهى بماله أو حسبه أو نسبه ثم نظرتُ إلى قول الله تعالى : ( إنّ أكرمكم عند الله اتقاكم ) ، فعملتُ في التقوى حتى أكونَ عند الله كريماً.

الخامسة :
أني نظرت إلى الخلق وهم يتحاسدون على نعيم الدنيا فنظرتُ إلى قول الله تعالى :
( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ) ، فعلمتُ أن القسمة من عند الله فتركتُ الحسد عنّي ؛ ورضيت بما قسمه الله لي .
السادسة :
أني نظرتُ إلى الخلق يعادي بعضهم بعضاً ويبغي بعضهم بعضا ويقاتل بعضهم بعضاً ونظرتُ إلى قول الله تعالى :
( إنّ الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوّاً ) ، فتركتُ عداوة الخلق وتفرغتُ لعداوة الشيطان وحده .

السابعة :
أني نظرتُ إلى الخلق فرأيتُ كل واحد منهم يُكابد نفسه ويُذلّها في طلب الرزق حتى أنّه قد يدخل فيما لا يحلّ له فنظرتُ إلى قول الله تعالى :
( وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، فعلمتُ أنّي واحدٌ من هذه الدوابّ ، فاشتغلتُ بما لله عليّ وتركتُ ما ليَ عنده .

الثامنة :
أنّي نظرتُ إلى الخلق فرأيتُ كلّ مخلوق منهم متوكّلاً على مخلوق مثله ؛ هذا على ماله وهذا على ضيعته وهذا على مركزه ونظرتُ إلى قول الله تعالى :
( ومن يتوكّل على الله فهو حسبه ) ، فتركتُ التوكّل على المخلوق واجتهدتُ في التوكّل على الله الخالق .
قال له الشيخ لتلميذه من اﻵن أنا تلميذك .