دخل أهل العريس محمّلين بالهدايا والابتسامات.. لإقامة مراسيم عقد القران على ابنة الحاج كامل.. ومن عادة البشر في تلك المناسبات أن تختلف أمزجتهم وأهواؤهم.. فهناك من يحاول أن يبرز أهميته ومكانته وثقافته.. وأنه العالِم بكل شيء.. وهناك على النقيض من ذلك.. يتصرف بحذر ولياقة ولباقة فائقة.. ربما مُبالَغ فيها.. وقد يكتنفها التصنع أيضاً.. في سبيل عدم الوقوع بخطأ ما سلوكي أو لفظي.. قد يُحسب عليه أو على الجهة التي يمثلها.. أو الفريق الذي ينتمي إليه..!
فهناك من يعيش اللحظة بمسراتها ويستمتع بها.. وهناك من يتعامل مع تلك اللحظات النادرة.. بقلق وتشنج وتوتر غير مبرر..!
المفارقة أن العريس لم يكن سوى ذلك الرجل الذي علا صياحه وتهكمه بألفاظ غير لائقة.. حين كان يسير يوما.. بسيارته الفارهة.. وأعاق تقدمه السريع الحاج كامل (عمه المستقبلي..!) حين أراد أن ينعطف ويستدير إلى الشارع المحاذي..!
الزمن يتغير.. والوجوه قد تُنسى.. وتأخذ أشكالاً وألواناً عدة ومغايرة.. والحاج كبر بالسن.. ولا تسعفه الذاكرة..!! ولكن أين العبرة من كل ذلك..؟ أليس الأحرى بنا التروي ومراقبة أقوالنا وأفعالنا.. وسلوكياتنا.. خاصة في الشارع والأماكن العامة..؟
فربّ لحظة من التصرف السيء قد لا تمحوها الأزمان.. وتبقى عالقة في الذاكرة.. في وقت قد لا يتسنى لنا دائماً.. مصادفة أشخاص ينسون بسرعة.. كالحاج كامل..!!