تويت
منظر البقال المتعجرف لا تفارق مخيلته.. حين انهال بالضرب والإهانات على مجموعة من البائسين سائقي العربات الخشبية.. لمجرد أنهم أعاقوا سيره.. في شارع مزدحم بالمتبضعين.. ومكتظ بعابري السبيل..!
مشاهد يومية تمر بمخيلته.. وتعتصره ألماً.. لا يستطيع لها دفعاً.. فهو الذي ينأى بنفسه عن ولوج المشاكل التي لا يسعفه وضعه البسيط.. وعضلاته الفاترة.. وانعدام أنصاره ومريديه في عالم مثقل بالوجاهات والسلطات والنفوذ.. عن انصاف ونصرة المظلومين.. فضلاً عن الانتصاف لنفسه..!!
كان يعلل تقاعسه ذاك بأوهام شتى.. آخرها وهي ما كان يمنّي النفس بها كثيراً.. بأن تكون صائبة.. لكي لا يعاني من وخزات الضمير..!! بأنها سُنّة إلهية ومشيئة كونية.. فلماذا يتدخل في إبعاد الأسد عن فريسته.. وقد خلقه اللهُ تبارك وتعالى لذلك الناموس الذي تعاهدت عليه الخليقة منذ نشأتها..؟! فهو يركض كل صباح وراء فريسته؛ كي لا يجوع، والغزال يركض كل صباح أيضاً؛ كي لا يفترسه الأسد..! في كل صباح ينبغي على الجميع أن يركض..! هذا هو ظاهر الحياة أم هناك فلسفة أخرى..؟ تفسيرات عدة تدعو للتفكر والتأمل، وربما الرثاء لما وصلنا إليه من حال..!