السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
******************************************
قال الشعبي : كنت بواسط وكان يوم أضحى فحضرت صلاة العيد مع الحجاج فخطب خطبة بليغة فلما انصرف جاءني رسوله فأتيته فوجدته جالسا مستوفزا
قال : يا شعبي هذا يوم أضحى وقد أردت أن اضحي فيه برجل من أهل العراق وأحببت أن تستمع قوله فتعلم أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به
فقلت : أيها الامير أوترى أن تستن بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وتضحي بما أمر أن يضحى به وتفعل مثل فعله وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره ؟
فقال : يا شعبي إنك إذا سمعت ما يقول ثوبت رأيي فيه لكذبه على الله وعلى رسوله وإدخال الشبهة في الاسلام
قلت : أفيرى الامير أن يعفيني من ذلك ؟
قال : لابد منه ثم أمر بنطع فبسط وبالسياف فاحضر وقال : احضر والشيخ فأتوا به فإذا هو يحيى بن يعمر
فاغتممت غما شديدا وقلت في نفسي : وأي شئ بقوله يحيى مما يوجب قتله .
فقال له الحجاج : أنت تزعم أنك زعيم العراق ؟
قال يحيى : أنا فقيه من فقهاء العراق ،
قال : فمن أي فقهك ؟ زعمت أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله !
قال ما أنا زاعم ذلك بل قائله بحق ،
قال : وبأي حق قلته ؟
قال : بكتاب الله عزوجل ،
فنظر إلي الحجاج وقال : اسمع ما يقول فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه أتعرف أنت في كتاب الله عزوجل أن الحسن والحسين من ذرية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
فجعلت افكر في ذلك ، فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك وفكر الحجاج مليا ثم قال ليحيى : لعلك تريد قول الله تعالى : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالواندع أبناءنا وأبناء كم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) وأن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن و الحسين ؟
قال الشعبي : فكأنما اهدي إلى قلبي سرورا وقلت في نفسي : قد خلص يحيى وكان الحجاج حافظا للقرآن
فقال له يحيى : والله إنها لحجة في ذلك بليغة ولكن ليس منها أحتج لما قلت
فاصفر وجه الحجاج وأطرق ملياثم رفع رأسه إلى يحيى وقال له : إن أنت جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك فلك عشرة ألف درهم وإن لم تأت بها فأنا في حل من دمك
قال : نعم .
قال الشعبي : فغمني قوله وقلت : أما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه ويتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه ؟ فإن جاءه بعد هذا بشئ لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل به حجته لئلا يقال أنه قد علم ما قد جهله هو ،
فقال يحيى للحجاج : قول الله تعالى : ( ومن ذريته داود وسليمان ) من عنى بذلك ؟
قال الحجاج : إبراهيم عليه السلام قال : فداود وسليمان من ذريته ؟
قال : نعم
قال يحيى : ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته ؟
فقرأ الحجاج ( وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين )
قال يحيى : ومن ؟
قال : ( وزكريا ويحيى وعيسى )
قال يحيى : ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم عليه السلام ولا أب له ؟
قال : من امه مريم عليها السلام
قال يحيى : فمن أقرب : مريم من إبراهيم عليه السلام أم فاطمة من محمد صلى الله عليه وآله ؟ وعيسى من إبراهيم والحسن والحسين عليهما السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
قال الشعبي : فكأنما ألقمه حجرا
فقال : أطلقوه قبحه الله وادفعوا إليه عشرة ألف درهم لا بارك الله له فيها .
ثم أقبل علي فقال : قد كان رأيك صوابا ولكنا أبيناه ودعا بجزور فنحره وقام فدعا بالطعام فأكل وأكلنا معه وما تكلم بكلمة حتى انصرفنا ولم يزل مما احتج به يحيى بن يعمر واجما .