كتبوا في ذمّ الدنيا وأحوالها الكثير، وقالوا في مكرها وغرورها أكثر من ذلك، فقد وصفها أمير المؤمنين (عليه السلام):
- «ولقد كان في رسوله الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كاف لك في الاسوة، ودليل على ذمّ الدنيا وعيبها، وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطأت لغيره أكنافها، وفطم عن رضاعها وزوى عن زخارفها».
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ووصفها أحد العرفاء السالكين:
- «فالمذموم من الدُّنْيا هو حُبُّها والتعلُّق بها، وهذا منشأ كلِّ المفاسد القلبية والظَّاهرية».
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
- وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «من أصبح وأمسى، والدنيا أكبر همّه، جعل اللّه تعالى الفقر بين عينيه، وشتت أمره، ولم ينل من الدنيا الا ما قُسِم له، ومن أصبح وأمسى والآخرة أكبر همّه، جعل اللّه تعالى الغُنى في قلبه، وجمع له أمره».
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
- وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنما الدنيا فناء وعَناء وغِيَر وعِبَر: فمن فنائها: أنك ترى الدهر موتِراً قوسه، مفوقاً نبله، لا تُخطئ سهامه، ولا يشفى جراحه، يرمي الصحيح بالسقم، والحي بالموت.
ومن عنائها: أن المرء يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكن، ثم يخرج إلى اللّه لا مالاً حمل ولا بناءً نقل.
ومن غِيَرِها أنك ترى المغبوط مرحوماً، والمرحوم مغبوطاً، ليس بينهم الا نعيم زلّ، وبؤس نزل.
ومن عِبَرها: أن المرء يشرف على أمله، فيتخطفه أجله، فلا أمَل مدروك، ولا مؤمّل متروك».
فحريّ بالمرء أن يفني عمره بما ينفعه من علم وعمل، ويجتمع بمن هم أهل للوفاء والنصيحة، ولا يذهبن بأحلامه وأمانيه الشيطان، راكباً صهوات الدنيا، حتى ترديه في مهالك الردى والخسران.
فالدنيا مذمومة إن استنزفت قوانا بملذات وشهوات لانهاية وأمد لها، من قبيل (أن النفس إذا أعطيتها سؤلها جرتك الى ما لا تقنع به)، وكذلك الدنيا محمودة إن كانت مضمارا للتنافس في الخيرات والمبرات، وصناعة المعروف.