إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفهوم الغيبة في المنظور الاسلامي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفهوم الغيبة في المنظور الاسلامي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    عن الصادق «عليه السلام» قال: «إنّ الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه ...» 1.



    الغيبة هي: أن تذكر أخاك المؤمن بما فيه ويكره أن يذكر به، سواء ذكرت نقصاناً في بدنه أو خلقه أو ملابسه أو عقله أو دينه أو دنياه، وسواء أظهرت ما يكره إظهاره عنه بالتصريح أو التعريض أو الإشارة أو الكتابة أو الغمز أو اللمز أو غير ذلك.
    فعن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أنه قال: «هل تدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقوله؟ قال: إن كان فيه ما تقوله فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته»2.
    وعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: «إنّما الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه مما قد ستره الله عزّ وجل، فإذا قلت فيه ما ليس فيه فذلك قول الله عزّ وجل: ﴿ ... فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ 3»4.
    وعن معاذ بن جبل قال: «ذكر رجل عند النبي، فقالوا: ما أعجزه، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: اغتبتم أخاكم، قلنا: يا رسول الله قلنا ما فيه، قال: إنْ قلتم ما فيه اغتبتموه، وإنْ قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه»2.
    إنّ الغيبة من الظواهر المتفشية والمنتشرة بين الناس انتشاراً واسعاً، فقد أصبحت مألوفة لدى الكثيرين، فلا تكاد تجد تجمّعاً من تجمعات الرجال والنساء إلاّ وتمارس فيه الغيبة، يمارسونها دون تحرز منها مع أنها من كبائر الذنوب، فنادراً ما يخلو تجمع من أن يمارس فيه هذا الذنب العظيم.
    إنّ البعض ممن أولغوا بالغيبة عندما يمارسونها وينهاهم بعض من حضر عندهم عنها، يقولون - تبريراً لارتكابهم هذا المنكر - نحن لا نتحاشى من ذكر هذه الصفات أمام من نتكلم عنه، والحق هذا ليس مبرراً للغيبة، فإنّ ذكر المؤمن بالسوء في حضرته إهانة له، وإهانة المؤمن محرمة، وذكره حال غيبته اغتياب وهو محرم أيضاً.
    ومنهم من يبرر اغتيابه لأخيه المؤمن بالقول أنه لا يكره أن أقول فيه ما قلت، فإن صح ما يقول أنه لا يكره ذلك فإن هذا مخالف للأخوة الإسلامية، فالنبي «صلى الله عليه وآله» قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»5، فإذا كنت أيّها المسلم لا تحب أن ينتقصك أحدٌ فكذلك عليك أن لا تنتقص الآخرين، وإلاّ فأنت ممن يحب لأخيه ما لا يحب لنفسه، وهو كذلك تحقير للمؤمن، وقد ورد النهي عنه، فعن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أنه قال: «حسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم»6، على أننا نشك أن هناك من لا يكره أن ينتقص، وكيف كان فالغيبة لا تجوز وإن رضي المغتاب.
    إنّ من أهم الأهداف والغايات التي اعتنى بها الإسلام عناية كبرى اتحاد المسلمين ليعيشوا إخوة متحابين متآزرين، فحثتهم الشريعة الإسلامية على كل ما ينمي الألفة والمودة بينهم، ويوثق العلائق الاجتماعية، ويحقق التآزر والتآخي، كحسن الخلق، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، والرأفة، وسد الفاقة، والاهتمام بشؤون بعضهم البعض، ونهاهم عن كل ما يعكر صفو القلوب، ويثير الأحقاد والضغائن، ويوجب تقاطعهم وتنافرهم، وبث روح الحقد والعداوة والبغضاء بينهم، كالكذب والغش والخيانة والسخرية وغير ذلك.. وحيث أنّ الغيبة تعد عاملاً خطيراً ومعولاً هداماً في إفساد العلاقات الوثيقة بين المسلمين، فقد حرمتها الشريعة الإسلامية وجعلتها من كبائر الذنوب والآثام.
    فمن مساوئها أنها تبذر سموم البغضاء والفرقة في صفوف المسلمين، وتعكر صفو المحبة، وتفصم عرى الصداقة، وتقطع وشائج القرابة.. هذا إلى مساوئها الأخرى، التي تعود على نفس ممارسها، فهي من موجبات عذاب الله الشديد.
    إنّ من الواجب على المؤمن أن يحفظ إخوانه المؤمنين في غيبتهم كما في حضورهم، ولا يجعل لسانه مركباً لغيبتهم، لأن الغيبة جرم عظيم، وآفة خطيرة من آفات اللسان، فإنّ فاعلها ممقوت من الله سبحانه وتعالى، فالله يبغض من يعصيه ويتجرأ على أمره ونهيه ويخالفه فيما نهى عنه أو أمر به، وكذلك هو ممقوت من الناس، فإن الناس يكرهون ويبغضون من يتحدث عنهم من ورائهم بما يكرهون.
    وكذلك من الواجب على المؤمن أن يستر عيوب أخيه المؤمن ما دام هو يتستر بها ويكره أن يعلمها الآخرون، لا أن ينشر عيوبه ويبثها بين الناس، لأن الإسلام يعتبر المؤمنين كلهم جسداً واحداً يتلاحم أفراده كما تتلاحم أعضاء الجسد الواحد، فعن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أنه قال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»7.
    فمن يستر على أخيه المؤمن في الحياة الدنيا عورته يستر الله سبحانه وتعالى عليه عورته في الآخرة، أمّا من يكشف وينشر عورة أخيه المؤمن فإن الله سبحانه وتعالى يكشف للناس عورته، فعن النبي المصطفى «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: «من ستر عورة أخيه المسلم، ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم، كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته»8.
    وفي رواية أخرى عنه «صلى الله عليه وآله» قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة»9.
    وعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: «أيّما مؤمن نفس عن مؤمن كربة وهو معسر يسر الله له حوائجه في الدنيا والآخرة، وقال: ومن ستر على مؤمن عورة يخافها ستر الله عليه سبعين عورة من عورات الدنيا والآخرة. قال: والله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه فانتفعوا بالعظة وارغبوا في الخير»10

    المصادر


    1. أمالي الصدوق، صفحة 54.
    2. الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا صفحة 121.
    3. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 112، الصفحة: 96.
    4. موسوعة الإمام الصادق 15/302.
    5. مسند أحمد 3/278.
    6. سنن ابن ماجة 2/1409.
    7. صحيح مسلم 8/20.
    8. سنن ابن ماجة 2/85.
    9. صحيح مسلم 8/18.
    10. الكافي 2/200.

    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X