إطلاقات معنى التقوى في القرآن الكريم
صفحة البلاغ
التقوى تُطلَق في القرآن الكريم على عدد من الأُمور:
تأتي بمعنى التوحيد والإيمان، من ذلك قوله سبحانه: (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى) (الفتح/ 26)، قال الطبري: هي لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، وقال مجاهد: كلمة التقوى (الإخلاص)، ونحو هذا قوله سبحانه: (أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى) (الحجرات/ 3)، أي: أخلص قلوبهم لتوحيده.
وتأتي بمعنى الإخلاص، من ذلك قوله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحجّ/ 32)، أي: مَن يقدّر شعائر الله التي شرّعها حقّ قدرها، ويؤدِّيها حقّ الأداء، فإنّ ذلك دليل على الإخلاص، وسلامة القصد.
وتأتي بمعنى الخشية والهيبة، كما قال تعالى: (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) (البقرة/ 41) أي: اخشوني وهابوني، وكذلك في قوله: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) (البقرة/ 281).
تأتي بمعنى الطاعة والعبادة كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) (آل عمران/ 102)، يعني: اطيعوه حقّ الطاعة واعبدوه حقّ العبادة، وهو قول مجاهد: أن يُطاع فلا يُعصَى وأن يُذكر فلا يُنسى وأن يُشكر فلا يُكفَر.
تطلق على التنزه عن الذنوب وهذه هي الحقيقة في تعريف التقوى في الاصطلاح، قال عزّوجلّ: (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور/ 52)، يتقه أي: يترك المعاصي والذنوب، فترك الطاعة والخشية ثمّ ذكر التقوى فعلمنا أنّ حقيقة التقوى شيء إضافي غير الطاعة والخشية في هذا النص وهو تنزيه القلب عن كلّ قبيح، وكذلك يُقال في مراتب التقوى أو حالات التقوى: 1ـ اتقاء الشِّرك، 2ـ اتقاء البدعة، 3ـ اتقاء المعصية، والله عزّوجلّ ذكر التقوى ثلاث مرات في آية واحدة، فقال سبحانه وتعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا) (المائدة/ 93)، فهذا التكرار ليس تكراراً مجرّداً، فقال بعضهم: التقوى الأُولى تقوى عن الشِّرك، والثانية تقوى عن البدعة، والثالثة عن المعاصي، ويقابل الأُولى التوحيد، والثانية السنّة، والثالثة الطاعة، فجمع بين هذه المنازل الثلاث: منزلة الإيمان ومنزلة السنّة ومنزلة الاستقامة والطاعة.
وكذلك التقوى يدخل فيها كما تقدّم الحذر من المكروهات والمشتبهات، فلا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً ممّا به بأس، ومن الناس مَن يتقي نفسه الخلود في النار، هذه همته، ولا يتقي المعاصي التي تدخله جهنم ولو حيناً من الدهر فيقرّ بالتوحيد ويصدّق بالرسول (ص)، ويقول أنا مُسلِم، ويأتي بأركان الإسلام والإيمان لكن لا يحرص على أن يقي نفسه دخول النار بالكلّية فيفرط في واجبات ويفعل مُحرّمات، فينبغي أن يعلم أي درجة من التقوى هو عليها، وهذا لا يستحقّ صاحبه اسم المتقي بإطلاق. لماذا..؟ لأنّه متعرّض للعذاب مستحقّ للعقاب بما يفعله إلّا أن يتداركه الله برحمته ويدخل في المشيئة، لأنّ أهل التوحيد ممكن أن يدخلوا في المشيئة، أي يعفو الله عنهم وإن شاء عذّبهم بحسب أعمالهم حتى يخرجوا من النار يوماً من الأيّام.
قال بعض أهل العلم: حقيقة (التقوى) تنزيه القلب والجوارح عن الذنوب، ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) ذكر الطاعة والخشية ثمّ ذكر التقوى فعلم بهذا أنّ حقيقة التقوى غير الطاعة والخشية هي الابتعاد عن المعاصي.
وقد ذكر الرازي أنّ لفظ التقوى يأتي أيضاً بمعنى التوبة ومثل له، بقوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ) (الأعراف/ 96)، أي: تابوا. ولم نجد غير الرازي من المفسرين من ذكر هذا المعنى للفظ (التقوى).
بقي أن نقول: إنّ ما ذكرناه من معاني لفظ (التقوى) في القرآن، وما سقناه من آيات تدلّ على هذا المعنى أو ذاك، لا يمنع أن يكون للفظ (التقوى) معنى آخر، فتعيين المفسّر لمعنى ما أمر عائد لما يرجحه من دليل، وقد يرجح غيره معنى آخر لدليل يراه، ولا حرج في ذلك، ما دام اللفظ يحتمل هذه المعاني، ويبقى في المحصلة أنّ معاني لفظ (التقوى) في القرآن تندرج في تلك المعاني الخمسة التي ذكرناها.
لكن هنا مسألة مهمّة وهي فائدة العلم في قضية التقوى، لابدّ أن تعرف أوّلاً ما هو الذي تتقيه؟
إنّ ممّا يجب أن تعلم أن تحقق التقوى يكون، بتعلّم أحكام الدِّين، تعلّم الحلال والحرام، وكذلك أنّ الإنسان من جهله قد يمتنع من حلال خالص ظنّاً منه أنّه حرام ولا يكون في هذا ورع ولا تقوى ولكن حرمان نفس بدون فائدة.
قال بعض أهل العلم: «إذا كنت لا تحسن تتقي، أكلت الربا، وإذا كنت لا تحسن تتقي، لقيتك امرأة لم تغض بصرك عنها، وإذا كنت لا تحسن تتقي، وضعت سيفك على عاتقك»، وهنا مسألة وهي أنّ التقوى لا تصلح واستباحة الصغائر.
فمسألة الاستصغار للذنوب التي تقع من كثير من الناس ويراها سهلة وليست بشيء، كذباب وقع على أنفه فطار، فإنّ النبيّ (ص) حذّر منها وشبهها بالأعواد التي يجمعها المسافر أو النازل في مكان فيجمع الأعواد فيوقد ناراً فهذه أعواد ممكن أن توقد عليه نار جهنّم فقال (ص): «إيّاكم ومحقرات الذنوب».
ولفظ (التقوى) توارد في القرآن الكريم في ثمانية وخمسين ومائتي موضع، جاء في اثنين وثمانين ومائة موضع بصيغة الفعل، من ذلك قوله تعالى: (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (البقرة/ 24)، وجاء بصيغة الاسم في ستة وسبعين موضعاً، من ذلك قوله سبحانه: (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) (البقرة/ 197) .
تأتي بمعنى التوحيد والإيمان، من ذلك قوله سبحانه: (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى) (الفتح/ 26)، قال الطبري: هي لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، وقال مجاهد: كلمة التقوى (الإخلاص)، ونحو هذا قوله سبحانه: (أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى) (الحجرات/ 3)، أي: أخلص قلوبهم لتوحيده.
وتأتي بمعنى الإخلاص، من ذلك قوله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحجّ/ 32)، أي: مَن يقدّر شعائر الله التي شرّعها حقّ قدرها، ويؤدِّيها حقّ الأداء، فإنّ ذلك دليل على الإخلاص، وسلامة القصد.
وتأتي بمعنى الخشية والهيبة، كما قال تعالى: (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) (البقرة/ 41) أي: اخشوني وهابوني، وكذلك في قوله: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) (البقرة/ 281).
تأتي بمعنى الطاعة والعبادة كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) (آل عمران/ 102)، يعني: اطيعوه حقّ الطاعة واعبدوه حقّ العبادة، وهو قول مجاهد: أن يُطاع فلا يُعصَى وأن يُذكر فلا يُنسى وأن يُشكر فلا يُكفَر.
تطلق على التنزه عن الذنوب وهذه هي الحقيقة في تعريف التقوى في الاصطلاح، قال عزّوجلّ: (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور/ 52)، يتقه أي: يترك المعاصي والذنوب، فترك الطاعة والخشية ثمّ ذكر التقوى فعلمنا أنّ حقيقة التقوى شيء إضافي غير الطاعة والخشية في هذا النص وهو تنزيه القلب عن كلّ قبيح، وكذلك يُقال في مراتب التقوى أو حالات التقوى: 1ـ اتقاء الشِّرك، 2ـ اتقاء البدعة، 3ـ اتقاء المعصية، والله عزّوجلّ ذكر التقوى ثلاث مرات في آية واحدة، فقال سبحانه وتعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا) (المائدة/ 93)، فهذا التكرار ليس تكراراً مجرّداً، فقال بعضهم: التقوى الأُولى تقوى عن الشِّرك، والثانية تقوى عن البدعة، والثالثة عن المعاصي، ويقابل الأُولى التوحيد، والثانية السنّة، والثالثة الطاعة، فجمع بين هذه المنازل الثلاث: منزلة الإيمان ومنزلة السنّة ومنزلة الاستقامة والطاعة.
وكذلك التقوى يدخل فيها كما تقدّم الحذر من المكروهات والمشتبهات، فلا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً ممّا به بأس، ومن الناس مَن يتقي نفسه الخلود في النار، هذه همته، ولا يتقي المعاصي التي تدخله جهنم ولو حيناً من الدهر فيقرّ بالتوحيد ويصدّق بالرسول (ص)، ويقول أنا مُسلِم، ويأتي بأركان الإسلام والإيمان لكن لا يحرص على أن يقي نفسه دخول النار بالكلّية فيفرط في واجبات ويفعل مُحرّمات، فينبغي أن يعلم أي درجة من التقوى هو عليها، وهذا لا يستحقّ صاحبه اسم المتقي بإطلاق. لماذا..؟ لأنّه متعرّض للعذاب مستحقّ للعقاب بما يفعله إلّا أن يتداركه الله برحمته ويدخل في المشيئة، لأنّ أهل التوحيد ممكن أن يدخلوا في المشيئة، أي يعفو الله عنهم وإن شاء عذّبهم بحسب أعمالهم حتى يخرجوا من النار يوماً من الأيّام.
قال بعض أهل العلم: حقيقة (التقوى) تنزيه القلب والجوارح عن الذنوب، ألا ترى إلى قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) ذكر الطاعة والخشية ثمّ ذكر التقوى فعلم بهذا أنّ حقيقة التقوى غير الطاعة والخشية هي الابتعاد عن المعاصي.
وقد ذكر الرازي أنّ لفظ التقوى يأتي أيضاً بمعنى التوبة ومثل له، بقوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ) (الأعراف/ 96)، أي: تابوا. ولم نجد غير الرازي من المفسرين من ذكر هذا المعنى للفظ (التقوى).
بقي أن نقول: إنّ ما ذكرناه من معاني لفظ (التقوى) في القرآن، وما سقناه من آيات تدلّ على هذا المعنى أو ذاك، لا يمنع أن يكون للفظ (التقوى) معنى آخر، فتعيين المفسّر لمعنى ما أمر عائد لما يرجحه من دليل، وقد يرجح غيره معنى آخر لدليل يراه، ولا حرج في ذلك، ما دام اللفظ يحتمل هذه المعاني، ويبقى في المحصلة أنّ معاني لفظ (التقوى) في القرآن تندرج في تلك المعاني الخمسة التي ذكرناها.
لكن هنا مسألة مهمّة وهي فائدة العلم في قضية التقوى، لابدّ أن تعرف أوّلاً ما هو الذي تتقيه؟
إنّ ممّا يجب أن تعلم أن تحقق التقوى يكون، بتعلّم أحكام الدِّين، تعلّم الحلال والحرام، وكذلك أنّ الإنسان من جهله قد يمتنع من حلال خالص ظنّاً منه أنّه حرام ولا يكون في هذا ورع ولا تقوى ولكن حرمان نفس بدون فائدة.
قال بعض أهل العلم: «إذا كنت لا تحسن تتقي، أكلت الربا، وإذا كنت لا تحسن تتقي، لقيتك امرأة لم تغض بصرك عنها، وإذا كنت لا تحسن تتقي، وضعت سيفك على عاتقك»، وهنا مسألة وهي أنّ التقوى لا تصلح واستباحة الصغائر.
فمسألة الاستصغار للذنوب التي تقع من كثير من الناس ويراها سهلة وليست بشيء، كذباب وقع على أنفه فطار، فإنّ النبيّ (ص) حذّر منها وشبهها بالأعواد التي يجمعها المسافر أو النازل في مكان فيجمع الأعواد فيوقد ناراً فهذه أعواد ممكن أن توقد عليه نار جهنّم فقال (ص): «إيّاكم ومحقرات الذنوب».
ولفظ (التقوى) توارد في القرآن الكريم في ثمانية وخمسين ومائتي موضع، جاء في اثنين وثمانين ومائة موضع بصيغة الفعل، من ذلك قوله تعالى: (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (البقرة/ 24)، وجاء بصيغة الاسم في ستة وسبعين موضعاً، من ذلك قوله سبحانه: (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) (البقرة/ 197) .
صفحة البلاغ