صفاته علي الاكبر
✍إن من مكارم الأخلاق أن يتحلى المرء بالصفات الحميدة ويتخلى من العادات الذميمة وهذه الأخلاق سواء كانت حميدة أو ذميمة يكتسبها المرء وراثيا، وبيتيا، ومجتمعا ومحيطا. وشرائع السماء التي بعثها الله سبحانه وتعالى لخلقه عن طريق رسله وأنبيائه كلها تدعو إلى مكارم الأخلاق،
لا سيما رسالة سيد الأنبياء ورسله "
🕌محمد المصطفى " (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: "
إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "
وصدع برسالته (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يريد منهم جزاء ولا شكورا،
يريد أن يجعل حياة البشرية كلها حياة هانئة رغيدة خالدة،
لا تبيدها الحقب والأعوام لأن رسالته خاتمة الرسالات،
وشهيدنا الغالي " علي الأكبر ".
هو ربيب ذلك البيت الطاهر الذي هو خلاصة الوجودمن طيب الأرومة ومكارم الأخلاق، من حلم، وعلم، وشجاعة، وكرم، وتواضع، وبلاغة.
وما إلى ذلك من المكارم التي ورثها عن آبائه، وترعرع في بيت النبوة،
هذا من ناحية أخلاقه
🔆- أما خلقته فكان أشبه الناس بجده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بشهادة أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) حينما استأذن أباه لمجاهدة الكفار المعاندين،
قائلا: اللهم كن أنت الشهيد عليهم. فقد برز إليهم غلام أشبه الخلق برسولك (صلى الله عليه وآله وسلم).
🕊ونحن إذ نقتطف شذرات من تلك الخصال الحميدة، لنجعلها مثالا لنا ودروسا لحياتنا وتهذيبا لنفوسنا وهديا لسلوكنا، وتحليتها بمكارم الأخلاق وتثبيت الملكات السامية.
📚 وهذا السيد ابن طاووس في كتابه اللهوف، في دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) لما برز علي الأكبر إلى القوم قائلا:
🤲اللهم اشهد أنه برز إليه أشبه الناس خلقا، وخلقا، ومنطقا، برسولك وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه (١).
☝️علي الأكبر كان مرآة الجمال النبوي ومثال كماله الأسمى،
حتى قال فيه حسان بن ثابت:
وأحسن منك لم تر قط عيني
* وأجمل منك لم تلد النساء خلقت مبرءا من كل عيب
* كأنك خلقت كما تشاء وإن الآثار تدل على تلكم الأخلاق الكريمة التي مدحها سبحانه وتعالى. " وإنك لعلى خلق عظيم " تشبه بها شهيدنا الغالي " علي الأكبر ". وليس ببعيد من فضل الباري جل ذكره أن يوجد ذاتا كاملة منزهة عن كل عيب، ومبرأة عن أي شين،
✍ وأن شهادة أبيه سيد الشهداء وهو الإمام المعصوم بحق ولدهالأكبر دليل على مصداقية شخصيته الكريمة.
✍ لقد كان علي الأكبر (عليه السلام) أبان شبابه عليه سيماء العظمة وسمو الذات، وظاهر الشجاعة والكرم وأن الواصف له مهما بالغ في وصفه لم يبلغ....... ما يتحلى به من مكارم الأخلاق ولا غرو فهو غصن من أغصان الدوحة الهاشمية وفرع من الشجرة العلوية.
📒 وفي مقاتل الطالبيين، قال معاوية:
من أحق الناس بهذا الأمر؟ قالوا أنت [نفاقا] قال لا:
أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي، جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيه شجاعة بني هاشم، وسخاء بني أمية [زورا وبهتانا] وزهو ثقيف. 🍃وفيه نظمت هذه الأبيات.
☝️ لم تر عين نظرت مثله
* من محتف يمشي ومن ناعليغلى نيئ اللحم حتى إذا
* انطبخ لم يغل على الآكل كانت إذا شبت له ناره
* أو قدها بالشرف القابل كيما يراها بائس مرمل
* أو فرد حي ليس بالآهل أعني ابن ليلى ذا السدى والندى
* أعني ابن الحسب الفاضل لا يؤثر الدنيا على دينه
* ولا يبيع الحق بالباطل ومما لا شك فيه أن الشهيد علي الأكبر كان جامعا للفضائل، وحائزا للمناقب، ومعتصما عن المآثم، جمع الخلق المحمدي بأكمل معانيه، وأمسك بأطراف رداء الشرف بكل ما فيه، ولا غرو فهو ابن من؟ ابن من هشم الثريد لقومه إلى آخر الأبيات.
وهاشم أول من سن رحلة الشتاء والصيف، كما سبق ذكرها في مؤلفاتنا وابن شيبة الحمد عبد المطلب بن هاشم فكان سيد قومه ولشرفه كان يفرش له بإزاء الكعبة. وهو أول من حرم نساء الآباء على الأبناء، وأول من تصدق بخمس أمواله على المستحقين والفقراء،
وأول من سن دية القتل بمئة من الإبل، ولم يكن عند قريش عدد الطواف حول البيت فسنه سبعة أشواط، وقطع يد السارق، وحرم الخمر والزنا، وأن لا يطوف بالبيت عريان ولا يستقسم بالأزلام ولا يؤكل ما ذبح على النصب (١) وذلك قبل ولادة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأما جده أبو طالب سيد البطحاء بدون منازع
- ومؤمل قريش وزعيمها المقدم بعد أبيه.
وما عساي أن أقول في من هو جده المصطفى، أشرف الكائنات وجده علي المرتضى الذي هو منه بمنزلة هارون من موسى فعلي الأكبر هو المتفرع من هذه الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، والوارث لهذه المآثر النيرة والحائز على كمال النبوة، وصدق من قال فيه:
ورث الصفات الغر فهي تراثه *
عن كل غطريف وشهم أصيد في بأس حمزة في شجاعته حيدر
* بأبي الحسين وفي مهابة أحمد وتراه في خلق وطيب خلائق
* وبليغ نطق كالنبي محمد بر علي الأكبر بوالديه الولد رشحة من رشحات أبيه، ولمعة مما تكنهجوانحه التي انطوت عليه أضالعه، ومظهر من مظاهره في طبائعه وغرائزه في صفاته، لذلك تجد الولد على سر أبيه مهما كان الأب برا أو شقيا، وقد أوجب سبحانه وتعالى للأبوين حقوقا على الولد.
ومن عظيم حقوقهما عند الله تعالى أن قرن طاعتهما بطاعته، وشكرهما بشكره فقال: * (أن اشكر لي ولوالديك)
* كما أن جعل الإحسان إليهما مقارنة بتوحيده فقال جل شأنه
* (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)
* ومن هذا المنطلق ألزم الشارع المقدس الأولاد بطاعة أبويهما واجتناب مخالفتهما وما يغيظهما، فيقول سبحانه وتعالى
* (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما)
*، ولو كانت أقل من آلاف كلمة لذكرها سبحانه وهي تعني الضجر والسأم ثم البر بالوالدين لا يخص بحال الإسلام، وحتى لو كانامشركين لوجب مصاحبتهما بالمعروف لقوله تعالى:
* (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما)
*. فحث سبحانه الولد على الإحسان لوالديه وخفض جناح الطاعة ولو كانا مشركين، إلا متابعتهما على الشرك بالله تعالى. وليس الإحسان إلى الأبوين مقصورا على حياتهما فحسب بل يشمل ذلك بعد مماتهما، وهناك أحاديث وروايات كثيرة بهذا الشأن.
وشهيدنا الغالي " علي الأكبر " كان مثالا لبر الوالدين وإطاعتهما جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
وقال قمت ببر أمي حتى حملت الحاجتين من تحتها فهل وفيت بحقها؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا.
فتعجب وقال كيف؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لما خدمتك وكنت صغيرا ترجو حياتك والآن أنت تخدمها وترجو مماتها
- قال صدقت يا رسول الله. هذا حال الأبناء مع آبائهم، ومما لا شك فيه أن الأبناء يتفاوتون في بر والديهم، بحسب تفاوت نفسياتهم، وإيمانهم وطاعتهم. محاورة علي الأكبر مع أبيه (عليه السلام) في حديث لعقبة بن سمعان قال: لما كان السحر من الليلة التي بات الحسين (عليه السلام) فيها بقصر بني مقاتل أمرنا بالاستسقاء ثم ارتحلنا، فبينا هو يسير إذ خفق الإمام الحسين (عليه السلام) برأسه خفقة وانتبه وهو يسترجع ويقول: " إنا لله وإنا إليه راجعون " " والحمد لله رب العالمين " كرر ذلك ثلاثا. فأقبل إليه ابنه علي الأكبر وكان على فرس له، وقال له جعلت فداك مم استرجعت وحمدت الله؟ فقال الحسين (عليه السلام).. خفقت برأسي خفقة فعن لي فارس يقول: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم،فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا. قال علي الأكبر (عليه السلام) يا أبت ألسنا على الحق؟ فقال الحسين (عليه السلام): بلى والذي إليه مرجع العباد. فقال علي الأكبر (عليه السلام): إذا لا نبالي أن نموت محقين. فقال الحسين (عليه السلام): جزاك الله من ولد خير ما جزى، ولدا عن والده (١). علي الأكبر على المشرعة الماء عنصر حيوي لكافة الموجودات، * (وجعلنا من الماء كل شئ حي) *، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " الناس شرع سواء في الماء والكلاء " فلا يصدر عنه إلا كل لئيم العنصر خسيس الطبع، لا يهمه حياة البشر والمخلوقات، وبعكس ذلك فلا تجد في قاموس قادةالحق ودعاة الشرائع منع الماء عن مناوئيهم. مثال ذلك لما استولى معاوية على الماء في صفين منع أصحاب الإمام علي (عليه السلام) من وروده والانتهال من غيره، ولما استرد الإمام علي (عليه السلام) الماء وملك الشريعة بسيوفهم، أباح لبني أمية من شربه والانتهال من غيره غيره. هذه طيب أرومة بني هاشم، وتلك خساسة طبع بني أمية، كما سقى الإمام الحسين (عليه السلام) الحر وجيشه لما وصلوا لصد الحسين وهم زهاء ألف فارس، ورشف خيولهم، وكاد العطش أن يهلكهم في تلك الصحراء القاحلة، والشمس المحرقة. ملكنا فكان العفو منا سجية * ولما ملكهم سال بالدم أبطح " فحسبكم هذا التفاوت بيننا * وكل إناء بالذي فيه ينضح " ولما وصل الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه أرض كربلاء القريبة من نهر الفرات الجاري، منع عمر بن سعد الحسين وأصحابه من ورود الماء والانتهال من غيره - وجعل على الشريعة أربعة آلاف من عسكره بإمرة الحجاج الزبيدي - عليه اللعنة. ولما أضر العطش بالحسين سيد شباب أهل الجنة وأهل بيته وأصحابه في اليوم الثامن من محرم الحرام سنة ٦١ ه أخرج الإمام (عليه السلام) ولده علي الأكبر (عليه السلام) للاستقاء، وخرج معه ثلاثين فارسا وعشرين راجلا يحملون القرب لحمل الماء، وبعد جهاد شديد ملكوا المشرعة وملأوا أسقيتهم وعادوا إلى المخيم سالمين بالماء، ليرووا ظماء الأطفال والعيال والأصحاب. وما عسى أن تنفع هذه الكمية القليلة من الماء وهم زهاء المأتين مع خيولهم ودوابهم، فسرعان ما نفذ الماء وعاد الظماء إليهم. وإلى الله المشتكى.
✍إن من مكارم الأخلاق أن يتحلى المرء بالصفات الحميدة ويتخلى من العادات الذميمة وهذه الأخلاق سواء كانت حميدة أو ذميمة يكتسبها المرء وراثيا، وبيتيا، ومجتمعا ومحيطا. وشرائع السماء التي بعثها الله سبحانه وتعالى لخلقه عن طريق رسله وأنبيائه كلها تدعو إلى مكارم الأخلاق،
لا سيما رسالة سيد الأنبياء ورسله "
🕌محمد المصطفى " (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: "
إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "
وصدع برسالته (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يريد منهم جزاء ولا شكورا،
يريد أن يجعل حياة البشرية كلها حياة هانئة رغيدة خالدة،
لا تبيدها الحقب والأعوام لأن رسالته خاتمة الرسالات،
وشهيدنا الغالي " علي الأكبر ".
هو ربيب ذلك البيت الطاهر الذي هو خلاصة الوجودمن طيب الأرومة ومكارم الأخلاق، من حلم، وعلم، وشجاعة، وكرم، وتواضع، وبلاغة.
وما إلى ذلك من المكارم التي ورثها عن آبائه، وترعرع في بيت النبوة،
هذا من ناحية أخلاقه
🔆- أما خلقته فكان أشبه الناس بجده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بشهادة أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) حينما استأذن أباه لمجاهدة الكفار المعاندين،
قائلا: اللهم كن أنت الشهيد عليهم. فقد برز إليهم غلام أشبه الخلق برسولك (صلى الله عليه وآله وسلم).
🕊ونحن إذ نقتطف شذرات من تلك الخصال الحميدة، لنجعلها مثالا لنا ودروسا لحياتنا وتهذيبا لنفوسنا وهديا لسلوكنا، وتحليتها بمكارم الأخلاق وتثبيت الملكات السامية.
📚 وهذا السيد ابن طاووس في كتابه اللهوف، في دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) لما برز علي الأكبر إلى القوم قائلا:
🤲اللهم اشهد أنه برز إليه أشبه الناس خلقا، وخلقا، ومنطقا، برسولك وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه (١).
☝️علي الأكبر كان مرآة الجمال النبوي ومثال كماله الأسمى،
حتى قال فيه حسان بن ثابت:
وأحسن منك لم تر قط عيني
* وأجمل منك لم تلد النساء خلقت مبرءا من كل عيب
* كأنك خلقت كما تشاء وإن الآثار تدل على تلكم الأخلاق الكريمة التي مدحها سبحانه وتعالى. " وإنك لعلى خلق عظيم " تشبه بها شهيدنا الغالي " علي الأكبر ". وليس ببعيد من فضل الباري جل ذكره أن يوجد ذاتا كاملة منزهة عن كل عيب، ومبرأة عن أي شين،
✍ وأن شهادة أبيه سيد الشهداء وهو الإمام المعصوم بحق ولدهالأكبر دليل على مصداقية شخصيته الكريمة.
✍ لقد كان علي الأكبر (عليه السلام) أبان شبابه عليه سيماء العظمة وسمو الذات، وظاهر الشجاعة والكرم وأن الواصف له مهما بالغ في وصفه لم يبلغ....... ما يتحلى به من مكارم الأخلاق ولا غرو فهو غصن من أغصان الدوحة الهاشمية وفرع من الشجرة العلوية.
📒 وفي مقاتل الطالبيين، قال معاوية:
من أحق الناس بهذا الأمر؟ قالوا أنت [نفاقا] قال لا:
أولى الناس بهذا الأمر علي بن الحسين بن علي، جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيه شجاعة بني هاشم، وسخاء بني أمية [زورا وبهتانا] وزهو ثقيف. 🍃وفيه نظمت هذه الأبيات.
☝️ لم تر عين نظرت مثله
* من محتف يمشي ومن ناعليغلى نيئ اللحم حتى إذا
* انطبخ لم يغل على الآكل كانت إذا شبت له ناره
* أو قدها بالشرف القابل كيما يراها بائس مرمل
* أو فرد حي ليس بالآهل أعني ابن ليلى ذا السدى والندى
* أعني ابن الحسب الفاضل لا يؤثر الدنيا على دينه
* ولا يبيع الحق بالباطل ومما لا شك فيه أن الشهيد علي الأكبر كان جامعا للفضائل، وحائزا للمناقب، ومعتصما عن المآثم، جمع الخلق المحمدي بأكمل معانيه، وأمسك بأطراف رداء الشرف بكل ما فيه، ولا غرو فهو ابن من؟ ابن من هشم الثريد لقومه إلى آخر الأبيات.
وهاشم أول من سن رحلة الشتاء والصيف، كما سبق ذكرها في مؤلفاتنا وابن شيبة الحمد عبد المطلب بن هاشم فكان سيد قومه ولشرفه كان يفرش له بإزاء الكعبة. وهو أول من حرم نساء الآباء على الأبناء، وأول من تصدق بخمس أمواله على المستحقين والفقراء،
وأول من سن دية القتل بمئة من الإبل، ولم يكن عند قريش عدد الطواف حول البيت فسنه سبعة أشواط، وقطع يد السارق، وحرم الخمر والزنا، وأن لا يطوف بالبيت عريان ولا يستقسم بالأزلام ولا يؤكل ما ذبح على النصب (١) وذلك قبل ولادة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأما جده أبو طالب سيد البطحاء بدون منازع
- ومؤمل قريش وزعيمها المقدم بعد أبيه.
وما عساي أن أقول في من هو جده المصطفى، أشرف الكائنات وجده علي المرتضى الذي هو منه بمنزلة هارون من موسى فعلي الأكبر هو المتفرع من هذه الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، والوارث لهذه المآثر النيرة والحائز على كمال النبوة، وصدق من قال فيه:
ورث الصفات الغر فهي تراثه *
عن كل غطريف وشهم أصيد في بأس حمزة في شجاعته حيدر
* بأبي الحسين وفي مهابة أحمد وتراه في خلق وطيب خلائق
* وبليغ نطق كالنبي محمد بر علي الأكبر بوالديه الولد رشحة من رشحات أبيه، ولمعة مما تكنهجوانحه التي انطوت عليه أضالعه، ومظهر من مظاهره في طبائعه وغرائزه في صفاته، لذلك تجد الولد على سر أبيه مهما كان الأب برا أو شقيا، وقد أوجب سبحانه وتعالى للأبوين حقوقا على الولد.
ومن عظيم حقوقهما عند الله تعالى أن قرن طاعتهما بطاعته، وشكرهما بشكره فقال: * (أن اشكر لي ولوالديك)
* كما أن جعل الإحسان إليهما مقارنة بتوحيده فقال جل شأنه
* (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)
* ومن هذا المنطلق ألزم الشارع المقدس الأولاد بطاعة أبويهما واجتناب مخالفتهما وما يغيظهما، فيقول سبحانه وتعالى
* (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما)
*، ولو كانت أقل من آلاف كلمة لذكرها سبحانه وهي تعني الضجر والسأم ثم البر بالوالدين لا يخص بحال الإسلام، وحتى لو كانامشركين لوجب مصاحبتهما بالمعروف لقوله تعالى:
* (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما)
*. فحث سبحانه الولد على الإحسان لوالديه وخفض جناح الطاعة ولو كانا مشركين، إلا متابعتهما على الشرك بالله تعالى. وليس الإحسان إلى الأبوين مقصورا على حياتهما فحسب بل يشمل ذلك بعد مماتهما، وهناك أحاديث وروايات كثيرة بهذا الشأن.
وشهيدنا الغالي " علي الأكبر " كان مثالا لبر الوالدين وإطاعتهما جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
وقال قمت ببر أمي حتى حملت الحاجتين من تحتها فهل وفيت بحقها؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا.
فتعجب وقال كيف؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لما خدمتك وكنت صغيرا ترجو حياتك والآن أنت تخدمها وترجو مماتها
- قال صدقت يا رسول الله. هذا حال الأبناء مع آبائهم، ومما لا شك فيه أن الأبناء يتفاوتون في بر والديهم، بحسب تفاوت نفسياتهم، وإيمانهم وطاعتهم. محاورة علي الأكبر مع أبيه (عليه السلام) في حديث لعقبة بن سمعان قال: لما كان السحر من الليلة التي بات الحسين (عليه السلام) فيها بقصر بني مقاتل أمرنا بالاستسقاء ثم ارتحلنا، فبينا هو يسير إذ خفق الإمام الحسين (عليه السلام) برأسه خفقة وانتبه وهو يسترجع ويقول: " إنا لله وإنا إليه راجعون " " والحمد لله رب العالمين " كرر ذلك ثلاثا. فأقبل إليه ابنه علي الأكبر وكان على فرس له، وقال له جعلت فداك مم استرجعت وحمدت الله؟ فقال الحسين (عليه السلام).. خفقت برأسي خفقة فعن لي فارس يقول: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم،فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا. قال علي الأكبر (عليه السلام) يا أبت ألسنا على الحق؟ فقال الحسين (عليه السلام): بلى والذي إليه مرجع العباد. فقال علي الأكبر (عليه السلام): إذا لا نبالي أن نموت محقين. فقال الحسين (عليه السلام): جزاك الله من ولد خير ما جزى، ولدا عن والده (١). علي الأكبر على المشرعة الماء عنصر حيوي لكافة الموجودات، * (وجعلنا من الماء كل شئ حي) *، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " الناس شرع سواء في الماء والكلاء " فلا يصدر عنه إلا كل لئيم العنصر خسيس الطبع، لا يهمه حياة البشر والمخلوقات، وبعكس ذلك فلا تجد في قاموس قادةالحق ودعاة الشرائع منع الماء عن مناوئيهم. مثال ذلك لما استولى معاوية على الماء في صفين منع أصحاب الإمام علي (عليه السلام) من وروده والانتهال من غيره، ولما استرد الإمام علي (عليه السلام) الماء وملك الشريعة بسيوفهم، أباح لبني أمية من شربه والانتهال من غيره غيره. هذه طيب أرومة بني هاشم، وتلك خساسة طبع بني أمية، كما سقى الإمام الحسين (عليه السلام) الحر وجيشه لما وصلوا لصد الحسين وهم زهاء ألف فارس، ورشف خيولهم، وكاد العطش أن يهلكهم في تلك الصحراء القاحلة، والشمس المحرقة. ملكنا فكان العفو منا سجية * ولما ملكهم سال بالدم أبطح " فحسبكم هذا التفاوت بيننا * وكل إناء بالذي فيه ينضح " ولما وصل الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه أرض كربلاء القريبة من نهر الفرات الجاري، منع عمر بن سعد الحسين وأصحابه من ورود الماء والانتهال من غيره - وجعل على الشريعة أربعة آلاف من عسكره بإمرة الحجاج الزبيدي - عليه اللعنة. ولما أضر العطش بالحسين سيد شباب أهل الجنة وأهل بيته وأصحابه في اليوم الثامن من محرم الحرام سنة ٦١ ه أخرج الإمام (عليه السلام) ولده علي الأكبر (عليه السلام) للاستقاء، وخرج معه ثلاثين فارسا وعشرين راجلا يحملون القرب لحمل الماء، وبعد جهاد شديد ملكوا المشرعة وملأوا أسقيتهم وعادوا إلى المخيم سالمين بالماء، ليرووا ظماء الأطفال والعيال والأصحاب. وما عسى أن تنفع هذه الكمية القليلة من الماء وهم زهاء المأتين مع خيولهم ودوابهم، فسرعان ما نفذ الماء وعاد الظماء إليهم. وإلى الله المشتكى.