قال الراوي: وأصبح البقيع ليلة دفنت " سلام الله عليها " وفيه أربعون قبرا جددا وإن المسلمين لما علموا وفاتها جاؤوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور فضج الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا: لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها ولا تعرفوا قبرها، ثم قال ولاة الأمر منهم: هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها ونزور قبرها. فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فخرج مغضبا قد احمرت عيناه ودرت أوداجه وعليه قباه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة وهو متكأ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع فسار إلى الناس النذير وقالوا: هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبر حجر ليضعن السيف على غابر الآخر. فتلقاه عمر ومن معه من أصحابه وقال له: ما لك يا أبا الحسن؟ والله لننبشن قبرها ولنصلين عليها، فضرب علي عليه السلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب به الأرض وقال له: يا بن السوداء أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم، وأما قبر فاطمة عليها السلام فوالذي نفس علي بيده لئن رمت وأصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم فإن شئت فأعرض يا عمر، فتلقاه أبو بكر فقال: يا أبا الحسن بحق رسول الله وبحق من فوق العرش إلا خليت عنه فإنا غير فاعلين شيئا تكرهه قال فخلا عنه وتفرق الناس ولم يعودوا إلى ذلك
بحار الأنوار ج 43 ص 171
بحار الأنوار ج 43 ص 171