الموضوع بصددالبحث الفقهي في كتاب (المقتل الحسيني اكسير العبادات)للفاضل:الدربندي الحائري أنموذجاً، إذ نجدفي بحوث اليقين الفكري، يصبح إقران البعد الجمالي كوسيلة من وسائل الثراء المضموني؛ كي يحمل النص رسالته لتقاربات جمالية فكرية، تجتهد في إيجاد المعنى التكويني؛ كونه بحثاً، وبحث الشيخ مسلم الرضائي من أفغانستان، وهو من بحوث مهرجان ربيع الشهادة الخامس عشر.
وكان البحث المعنون في كتاب (المقتل الحسيني اكسير العبادات) للفاضل الدربندي الحائري أنموذجاً انعكاسات واقعة الطف لها تأثير كبير في وجدان الأمة التي شكلت صدمة عاطفية، واثراء للكثير من الحركات السياسية المتعاطفة مع الطف ومصائب أهل البيت (عليهم السلام)، لو تابعنا السلم المتنامي لمقاتل الطف واثر الفاجعة من تأليف كتب المقتل الحسيني بدأت كتابة المقاتل منذ القرن الأول الهجري، تأليف الاصبغ بن نباتة التميمي، وهو رجل من خاصة امير المؤمنين،أصدر أبو عبد الله جابر بن يزيد الجعفي المتوفي سنة 127هـ وهو احد خاصة الإمام الباقر (عليه السلام)، ثم مقتل الحسين لابي مخنف لوط بن يحيى الازدي المتوفى سنة 157هـ، ثم مقتل الحسين لهاشم بن سائب محمد بن سائب الكلبي المتوفى سنة 204هـ.
السؤال المهم هو: من ينظر من أهل النقد لتلك القراءات لمعرفة ما وراء اختلاف تلك المناهج القرائية؟ وما هي أهم العوامل التي أثرت في اختلاف تلك المناهج، حيث شعروا بوجود الاختلافات التي تبدوا واضحة في افق تلك الحياة المعنوية، والجميع يؤمن بأن هذا الأمر منبع طبيعة الشخصية العلمية للمؤلف، ففيهم من اعتنق المذهب السردي باعتبار المؤلف موروثاً يروي ما سمعه يعتمد على منهج الترتيب والأبواب والصحابة ووجود الوعي الذي أسس النتاج.
وهناك بعض المناهج تبعثر التسلسل لأحداث المقتل الحسيني منهج السرد التاريخي الحديث، بدأ التفكير الجاد في البحث عن ملابسات التدوين كسردية ابن طاووس، ومثير الأحزان لابن نماء الحلي، وهناك عامل فرضي يجد القراءة تحويل البنية النصية الى بنية وعظيةاستذكاريةمؤثرة معدة للمجالس الحسينية، وهذه اسلوبية الصدوق محمد بن علي بابويه القمي (قدس سره) في أماليه.
القضية مثلما نجدها ليست في كد التحليل النصي، بل في تفاعل المؤثر النصي وترتيبه حسب المجالس المنبرية، وكذلك السيد الجلالي، والسيد ابن طاووس في كتاب الاقبال، وذكر اعمال يوم عاشوراء، وأنشأ مقتلاً بأسلوب ادبي (اللطيف في التصنيف) ونزلت كتابات لمقتل يمتلك الأثر الادبي، نجد أن ما يجمع رؤى الأزمنة المختلفة هو نقل الواقعة لأساليب مؤثرة تعتمد على ثقافة ورؤية المؤلف مع وجود تلك الفرضية المنبرية.
المهم الأسلوب الادبي بدأ في مقتل ابن طاووس الاقبال، ثم جمع في كتب كثيرة مثل: روحية الواعظ النيسابوري، ومنحت الشيخ الطريحي هذا المنهج الذي ساد في القرنين الثالث والرابع عشر، فكان هو المنهج الغالب، ومقتل الشيخ حسين ال عصفور البحراني وكلها تراعي مجالس ليالي عاشوراء وكثير من المقاتل.
يرى السيد الباحث بأن الكتابات اخذت منحى التصدي، ويعني الأسلوب التحليلي لتحليل الواقعة وشرح الفاجعة وبيان الأسباب، وهناك نماذج دراسية لبيان أهداف الثورة الحسينية، وهذا المنهج المستحدث يبحث عن أساليب التنوع، بين السيد الباحث مع الدخول الى مضامين عنونته كتاب اكسير العبادات في اسرار الشهادات للفقيه الشيخ اغا بن عابد الدربندي المتوفى سنة 286هـ في كربلاء المقدسة، وكان مقتله هذا فضاء كبيراً واثراً بارزاً، وسما بين قراء العزاء، وتباينت المواقف حول الكتاب.
ويرى السيد الباحثأن الموقف الصحيح من هذا الكتاب هو الاعتدال لا يدافع عنه ويفترض صحة كل ما ورد فيه، ولا يركنه مهملاً؛ بسبب وجود بعض الروايات الصحيحة.
ومن حسنات هذا الكتاب هو الارتكاز على الجانب الفقهي، فقد اعتمد على ابراز القضايا الفقهية، فكان البحث تسليط الضوء على هذا الجانب، ويلخص طلب البحث في الاعتماد البحثي على مضامين ابعد من عناوينها واختصاصها، ففي كتب أدبية نجد معلومات تاريخية وفي موسوعة فقهية نجد هناك أموراً اختصاصية عبر الظاهرة الإبداعية وتشكيلاتها ضمن المنهج العام،وتتشظى بأسئلة الخطاب التفاعلي اليقيني مع مفاهيم وعلوم توجد في مساعٍ أخرى.
وكتاب الفاضل الدربندي عمق الخطاب خارج اختناقات المنهجية وزحمتها، فقد درس عبر المقتل الحسيني ما يتعلق بالشعائر الحسينية، وما سمي بفقه الشعائر الحسينية عمل الباحث خطاباً بحثياً لرواية مرتكزة على الموقف من التراث، ويبني النقد وحسن الظن في باب اول هو التفسير العلمي، ولا يطلقللتأليف غير المعصوم، ولا يصل الى درجة إساءة الظن، نعم من الممكن أن نمتلك وعي النقد، لكن علينا أن نبتعد عن كيل التهم وإساءة الظن لإبراز مكامن الفائدة من خلال البحث في كل جوانبه تحرك النص البحثي لتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية منها: اضاءة السيرة العلمية للفاضل الدربندي، والتعريف باكسير العبادات، ومنهج استقاء الاخبار، والجهة الثالثة هو الجهد الفقهي، ويتجه نحو الاستنباط والنتائج، ويسلط الضوء في الخاتمة على حياة الفاضل الدربندي، هو احد اعلام الطائفة ومراجعها، هاجر الى قزوين ثم الى كربلاء والنجف والعودة الى كربلاء ليتصدى الى جملة من أصحاب الاهواء المضلة، هجموا على داره وأصيب بجراحات، هاجر على اثرها الى طهران.
لم يسلك مناهج الفقهاء بذكر الفرع الفقهي ثم الاستدلال الأقوى فيها اشتغل في محاور فضل البكاء، وفضل الزيارة، وفضل انشاد الشعر على سيد الشهداء، والبعد الدلالي قريب من الشروح الفقهية، الحزن على أهل البيت (عليهم السلام)، وكانت رؤية الباحث واضحة، شخّص المهم من البحث فأجاد التشخيص.