《 شجاعة أسير... 》
ـ أتى ( الحَجَّاج ) (1) بِقَوْمٍ كَانُوا قَدْ خَرَجُوا عَـلَيْهِ ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِم ْ، وبَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِد ، فَاُقِيمَتِ الصَّلوة ، فَقَالَ ( الحَجَّاج ) لِقُـتَـيْـبَة بن مُسْلِم : لِيَكُنْ عِنْدَك ، وتَغْدو بِهِ عَـلَيْنَا (2) ، قَالَ ( قُـتَـيـْبَة ) : فَخَرَجْتُ وَالرَّجُلُ مَعِي ،
ـ فَلَمَّا كُـنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيق قَالَ لِي : هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ قُـلْت ُ: وَمَا هُوَ ؟ قَال : إنَّ عِنْدِي وَدَايِعَ لِلنَّاس ، وإِنَّ صَاحِبَكَ لَقَاتِلي ؛ فَهَلْ لك أَنْ تُخْلِي سَبِيلِي لأوَدِّعَ أَهْلِي ، وَاُعْطِيَ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه ُ، وَأوصِي بِمَا عَلَيَّ و لِي ؛ واللهُ تَعَالَى كَفِيلٌ لِي أَنْ أَرجِعَ إِلَـيْكَ بُكْرَةً ؛
قَالَ : فَتَعَجَّبْتُ مِنْ قَوْلِهِ ، وَتَضَاحَكْتُ مِنْهُ قال : فَأعادَ عَـلَيَّ القَوْل ، وَقَال : يَا هَذَا ! للهِ عَـلَيَّ أَنْ أَعُودَ إِلَـيْك َ، وَمَا زَالَ يـُلِحُّ إِلَى أَنْ قـُلْت ُ: إِذْهَبْ فَلَمَّا تَوَارَى (3) عَنِّي كََأنَّـني انْتَبَهْتُ ؛
ـ فَقـُلُت ُ: مَا صَنَعْتُ بِنَفْسِي؟! ثُمَّ أَتَـيْتُ أَهْلِي فَـبَاتُوا بِأَطْوَلِ لَـيْلَـةٍ ، فَلَمَّا أَصـْبَحْنا إِذَا بِرَجُلٍ يَقَرَعُ البَاب . فَخَرَجْتُ وَإِذَا بِـهِ . قـُلْتُ : رَجِعْتَ ؟ قَالَ : جَعَلْتُ اللهَ كَفِيلاً وَلا أَرْجِع !
ـ فـَانْطـَلَقْتُ بِهِ فَـلَمَّا أَبْصَرَني( الحَجَّاج ) قَال : أَيْـنَ الأَسِير ؟ قُـلْتُ : بِالبَاب أَصْلَحَ اللهُ الأَمِير ، فَأَحْضَرْتُه ُ، وَقَصَصْتُ عَـلَيْهِ القِصَّة ، فَجَعَلَ يُرَدِّدُ نَظَرَهُ فِيه ِ، ثُمَّ قَال : وَهَبْتُهُ لَكَ (4) ، فَانْصَرَفْتُ بِه ِ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنَ الدَّار قـُلْتُ لَه ُ: إِذهبْ أَيْنَ شِئْتَ ، فَرَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السَّمَاء ، وَقَال : أَللهُمَّ لَكَ الحَمْد ، وَلا قَالَ لِي أَحْسَنْتَ وَلا أَسَأتَ
ـ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : مَجْـنُونٌ وَرَبِّ الكَعـْبَة ، فَلَمَّا كَانَ فِي اليَـوْمِ الثَّانِي جَاءَنِي ، فَقَال : يَا هَذَا ! جَزَاكَ اللهُ عَنِّي أَفْضَلَ الجَزَاء ، واللهِ مَا ذَهَبَ عَنِّي أَمْس مَا صَنَعْتَ ، ولَكِنّي كَرِهْتُ أَنْ اُشْرِكَ فِي حَمْدِ اللهِ تَعَالَى أَحَداً !
ــــــــــــــــــــــــ
《 شرح مفردات 》
ـ (1) هُوَ الحَجّاج الثَّقَفِي ، قَتَلَ شِيعَةَ أَمِيرِ المُؤمِنين علي بن أبي طالب عليه السلام كُلَّ قَتْلَة،وأَخَذَهُمْ بِكُلِّ ظِنَّةٍ وَتُهْمَة ، حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لَيُقالُ لَهُ الزِّنْديق أَوْ كَافِر أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُقَال َ: شِيعَة علي عليه السلام.
ـ وَقَد ماتَ سَنة خمس وتسعين ، وهو إبن أربع وخمسين سنة ، واُحْصِيَ مَنْ قَتَلَهُ صَبْراً سِوَى مَنْ قُتِلَ في عساكِرِهِ وحُرُوبِهِ فَوُجِدَ مائة ألف وعشرين ألفاً....
ـ (2) تَغْدُو بِهِ عَـلَـيْنَا : غَدَا عَلَيْهِ يعني بَكَّرَ .
ـ (3) تَوَارَى : إِسْتَتَرَ .
ـ ( 4) وَهَبْتُهُ لَك : وَهَبَهُ الشًَيءَ: أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِلا عَوَض.
ـ أتى ( الحَجَّاج ) (1) بِقَوْمٍ كَانُوا قَدْ خَرَجُوا عَـلَيْهِ ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِم ْ، وبَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِد ، فَاُقِيمَتِ الصَّلوة ، فَقَالَ ( الحَجَّاج ) لِقُـتَـيْـبَة بن مُسْلِم : لِيَكُنْ عِنْدَك ، وتَغْدو بِهِ عَـلَيْنَا (2) ، قَالَ ( قُـتَـيـْبَة ) : فَخَرَجْتُ وَالرَّجُلُ مَعِي ،
ـ فَلَمَّا كُـنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيق قَالَ لِي : هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ قُـلْت ُ: وَمَا هُوَ ؟ قَال : إنَّ عِنْدِي وَدَايِعَ لِلنَّاس ، وإِنَّ صَاحِبَكَ لَقَاتِلي ؛ فَهَلْ لك أَنْ تُخْلِي سَبِيلِي لأوَدِّعَ أَهْلِي ، وَاُعْطِيَ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه ُ، وَأوصِي بِمَا عَلَيَّ و لِي ؛ واللهُ تَعَالَى كَفِيلٌ لِي أَنْ أَرجِعَ إِلَـيْكَ بُكْرَةً ؛
قَالَ : فَتَعَجَّبْتُ مِنْ قَوْلِهِ ، وَتَضَاحَكْتُ مِنْهُ قال : فَأعادَ عَـلَيَّ القَوْل ، وَقَال : يَا هَذَا ! للهِ عَـلَيَّ أَنْ أَعُودَ إِلَـيْك َ، وَمَا زَالَ يـُلِحُّ إِلَى أَنْ قـُلْت ُ: إِذْهَبْ فَلَمَّا تَوَارَى (3) عَنِّي كََأنَّـني انْتَبَهْتُ ؛
ـ فَقـُلُت ُ: مَا صَنَعْتُ بِنَفْسِي؟! ثُمَّ أَتَـيْتُ أَهْلِي فَـبَاتُوا بِأَطْوَلِ لَـيْلَـةٍ ، فَلَمَّا أَصـْبَحْنا إِذَا بِرَجُلٍ يَقَرَعُ البَاب . فَخَرَجْتُ وَإِذَا بِـهِ . قـُلْتُ : رَجِعْتَ ؟ قَالَ : جَعَلْتُ اللهَ كَفِيلاً وَلا أَرْجِع !
ـ فـَانْطـَلَقْتُ بِهِ فَـلَمَّا أَبْصَرَني( الحَجَّاج ) قَال : أَيْـنَ الأَسِير ؟ قُـلْتُ : بِالبَاب أَصْلَحَ اللهُ الأَمِير ، فَأَحْضَرْتُه ُ، وَقَصَصْتُ عَـلَيْهِ القِصَّة ، فَجَعَلَ يُرَدِّدُ نَظَرَهُ فِيه ِ، ثُمَّ قَال : وَهَبْتُهُ لَكَ (4) ، فَانْصَرَفْتُ بِه ِ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنَ الدَّار قـُلْتُ لَه ُ: إِذهبْ أَيْنَ شِئْتَ ، فَرَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السَّمَاء ، وَقَال : أَللهُمَّ لَكَ الحَمْد ، وَلا قَالَ لِي أَحْسَنْتَ وَلا أَسَأتَ
ـ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : مَجْـنُونٌ وَرَبِّ الكَعـْبَة ، فَلَمَّا كَانَ فِي اليَـوْمِ الثَّانِي جَاءَنِي ، فَقَال : يَا هَذَا ! جَزَاكَ اللهُ عَنِّي أَفْضَلَ الجَزَاء ، واللهِ مَا ذَهَبَ عَنِّي أَمْس مَا صَنَعْتَ ، ولَكِنّي كَرِهْتُ أَنْ اُشْرِكَ فِي حَمْدِ اللهِ تَعَالَى أَحَداً !
ــــــــــــــــــــــــ
《 شرح مفردات 》
ـ (1) هُوَ الحَجّاج الثَّقَفِي ، قَتَلَ شِيعَةَ أَمِيرِ المُؤمِنين علي بن أبي طالب عليه السلام كُلَّ قَتْلَة،وأَخَذَهُمْ بِكُلِّ ظِنَّةٍ وَتُهْمَة ، حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لَيُقالُ لَهُ الزِّنْديق أَوْ كَافِر أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُقَال َ: شِيعَة علي عليه السلام.
ـ وَقَد ماتَ سَنة خمس وتسعين ، وهو إبن أربع وخمسين سنة ، واُحْصِيَ مَنْ قَتَلَهُ صَبْراً سِوَى مَنْ قُتِلَ في عساكِرِهِ وحُرُوبِهِ فَوُجِدَ مائة ألف وعشرين ألفاً....
ـ (2) تَغْدُو بِهِ عَـلَـيْنَا : غَدَا عَلَيْهِ يعني بَكَّرَ .
ـ (3) تَوَارَى : إِسْتَتَرَ .
ـ ( 4) وَهَبْتُهُ لَك : وَهَبَهُ الشًَيءَ: أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِلا عَوَض.