بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا يُعدّ نمط رؤية الإنسان مهماً؟ لأن الرؤية هي حصيلة معرفة الإنسان وميوله، تلك الميول التي لا يكتشفها الناس ببساطة في وجودهم ولا يدركونها بوعيهم. فإن ذرة من الغرور، أو من الحسد أو من حب الجاه أو حب المال (بمعناه السلبي طبعاً)، وأي صفة أخرى من هذه الصفات السلبية من شأنها أن تؤثر على رؤية الإنسان.
🔹الرؤية تعني المعرفة بالإضافة إلى ميول الإنسان ورغباته. النظرة والرؤية تعني العلم ممزوجاً بالرغبات الموجودة في كيان الإنسان.
🔹يروى عن أمير المؤمنين(ع) قوله: «لَوْ ضَرَبْتُ خَیْشُومَ الْمُؤْمِنِ بِسَیْفِي هَذَا عَلَى أَنْ یُبْغِضَنِي مَا أَبْغَضَنِي» (نهجالبلاغة/ الحکمة 45). والمقصود هو أن رؤية المؤمن لا تتغير بالنسبة للإمام(ع). وبالطبع كان هناك من تتغير وجهة نظره بمجرد مشاهدة أدنى حركة من أولياء الله (لا تعجبه). فماذا حلّ بابن ملجم مثلاً لتتغير رؤيته تجاه أمير المؤمنين(ع) بعد ما كان له ما كان من المعرفة بالإمام والمعلومات عنه؟ ما الذي كان يضمره في قلبه لتتغيّر رؤيته تبعا لذلك؟ المعلومات التي كانت لدى ابن ملجم حول الإمام علي(ع) كانت لدى الآخرين أيضاً فلماذا لم يحصل ذلك مع باقي أصحاب الإمام والمحيطين به؟ على سبيل المثال لماذا لم يتغير كميل أو مالك الأشتر؟ إذن ليست المعرفة هي العامل المؤثر في رؤية الإنسان فحسب، بل إن ميوله أيضاً لها عظيم الأثر وبالغ الأهمية في هذه الرؤية.
🔹 في زمن الرسول الأكرم(ص) أيضاً كانت نظرة الناس للنبي(ص) تتحول أحياناً إلى نظرة سلبية بمجرد سماع خبر ما. فمثلاً في الطريق إلى غزوة تبوك حاول المنافقون إثارة الخلاف وتضعيف المجتمع عبر النيل من بعض الصحابة - حيث نزلت آنذاك سورة «المنافقون» بشأنهم – وفي تلك الظروف التي كان المنافقون يحاولون تشكيك المؤمنين برسول الله(ص)، أصدر النبي(ص) أوامره فجأة بالحركة، وما إن أراد الناس الحركة افتقدت ناقة رسول الله(ص) فأخذ ينادي باحثاً عن ناقته، فاستغلّ المنافقون هذا الموقف قائلين: كيف يستطيع هذا الرجل أن يرينا سُبُل السماء بينما يعجز عن العثور على ناقته؟ «...فَأَرْجَفَ الْمُنَافِقُونَ فَقَالُوا یُخْبِرُنَا بِأَسْرَارِ السَّمَاءِ وَلا یَدْرِي أَیْنَ نَاقَتُهُ» (الخرائج والجرائح/ ج1/ ص30).
🔹وفي هذه القضية، تزعزعت رؤية البعض بالنسبة للرسول(ص). فالكثير من الامتحانات الإلهية ليست إلا امتحان "رؤية"، إذ قد يبتليك الله بمشكلة ما، ثم لا يحلّها لك، لا بل يزيدها تعقيداً! فهو يريد أن يرى كيف تكون رؤيتك تجاه الله؟ هل تبقى تقول "يا إلهي، أنت في منتهى الرحمة والإحسان!" هل تبقى تتودّد وتتحبّب إلى الله كما كنت سابقاً أم ينتهي أوان هذا الكلام وتصبح رؤيتك سلبية!
🔹رؤية المرء تُعدّ من العوامل المهمة لتقييمه. لماذا تتميز رؤية الإنسان بهذا القدر من الأهمية والتأثير؟ لأن الرؤية هي حصيلة كيان الإنسان بأكمله. فإن كانت نزعات الإنسان وتوجهاته صحيحة فلن تتشوه رؤيته حتى وإن كانت معلوماته خاطئة أو ناقصة.
🔹لا يستطيع أحد أن يلتمس الذريعة لانحرافه قائلاً "وصلتني معلومات خاطئة، معلوماتي كانت ناقصة...." فإن كانت توجهاتك صحيحة فلن تنحرف بالمعلومات الخاطئة أو الناقصة أبداً. وقد ورد في الحديث أن المؤمن لا يشك بالحق بتاتاً، وأن الكافر أو المنافق لا يتيقّن بالحق أبداً: «عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(ع) قال: أَبَى اللهُ أَنْ یَجْعَلَ الْحَقَّ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ بَاطِلاً لا شَكَّ فِیهِ، وَأَبَى اللهُ أَنْ یَجْعَلَ الْبَاطِلَ فِي قَلْبِ الْکَافِرِ الْمُخَالِفِ حَقّاً لا شَكَّ فِیه» (المحاسن/ ج1/ ص277) وعنه(ع): «لا یَستَیقِنُ القلبُ أنَّ الحقَّ باطلٌ أبداً ولا یَستَیقِنُ أنَّ الباطلَ حقٌّ أبداً» (تفسیر العياشي/ ج2/ ص53).
🔹مهما جئت للمنافق بالأدلّة والبراهين العقلية والمستندات المُحكمة في إثبات الحق لا يتقبّله وسيقول لك مثلاً: "كانت أدلتك منطقية تماماً، سأفكر فيها!" لكنه لا يقبل الكلام الحق في نهاية المطاف. ومن جانب آخر، حين تشيع إشاعة موافقة لميوله ورغباته فإنه سيتقبل هذا الكلام الباطل بسهولة ودون أي دليل وبرهان! ويجدر القول لمثل هذا الشخص أن "اطلب من هؤلاء أيضاً دليلاً على الأقل ولا تتقبل الأمر من دون دليل! فلِمَ تقبّلته هنا من دون أي دليل وبرهان؟"
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا يُعدّ نمط رؤية الإنسان مهماً؟ لأن الرؤية هي حصيلة معرفة الإنسان وميوله، تلك الميول التي لا يكتشفها الناس ببساطة في وجودهم ولا يدركونها بوعيهم. فإن ذرة من الغرور، أو من الحسد أو من حب الجاه أو حب المال (بمعناه السلبي طبعاً)، وأي صفة أخرى من هذه الصفات السلبية من شأنها أن تؤثر على رؤية الإنسان.
🔹الرؤية تعني المعرفة بالإضافة إلى ميول الإنسان ورغباته. النظرة والرؤية تعني العلم ممزوجاً بالرغبات الموجودة في كيان الإنسان.
🔹يروى عن أمير المؤمنين(ع) قوله: «لَوْ ضَرَبْتُ خَیْشُومَ الْمُؤْمِنِ بِسَیْفِي هَذَا عَلَى أَنْ یُبْغِضَنِي مَا أَبْغَضَنِي» (نهجالبلاغة/ الحکمة 45). والمقصود هو أن رؤية المؤمن لا تتغير بالنسبة للإمام(ع). وبالطبع كان هناك من تتغير وجهة نظره بمجرد مشاهدة أدنى حركة من أولياء الله (لا تعجبه). فماذا حلّ بابن ملجم مثلاً لتتغير رؤيته تجاه أمير المؤمنين(ع) بعد ما كان له ما كان من المعرفة بالإمام والمعلومات عنه؟ ما الذي كان يضمره في قلبه لتتغيّر رؤيته تبعا لذلك؟ المعلومات التي كانت لدى ابن ملجم حول الإمام علي(ع) كانت لدى الآخرين أيضاً فلماذا لم يحصل ذلك مع باقي أصحاب الإمام والمحيطين به؟ على سبيل المثال لماذا لم يتغير كميل أو مالك الأشتر؟ إذن ليست المعرفة هي العامل المؤثر في رؤية الإنسان فحسب، بل إن ميوله أيضاً لها عظيم الأثر وبالغ الأهمية في هذه الرؤية.
🔹 في زمن الرسول الأكرم(ص) أيضاً كانت نظرة الناس للنبي(ص) تتحول أحياناً إلى نظرة سلبية بمجرد سماع خبر ما. فمثلاً في الطريق إلى غزوة تبوك حاول المنافقون إثارة الخلاف وتضعيف المجتمع عبر النيل من بعض الصحابة - حيث نزلت آنذاك سورة «المنافقون» بشأنهم – وفي تلك الظروف التي كان المنافقون يحاولون تشكيك المؤمنين برسول الله(ص)، أصدر النبي(ص) أوامره فجأة بالحركة، وما إن أراد الناس الحركة افتقدت ناقة رسول الله(ص) فأخذ ينادي باحثاً عن ناقته، فاستغلّ المنافقون هذا الموقف قائلين: كيف يستطيع هذا الرجل أن يرينا سُبُل السماء بينما يعجز عن العثور على ناقته؟ «...فَأَرْجَفَ الْمُنَافِقُونَ فَقَالُوا یُخْبِرُنَا بِأَسْرَارِ السَّمَاءِ وَلا یَدْرِي أَیْنَ نَاقَتُهُ» (الخرائج والجرائح/ ج1/ ص30).
🔹وفي هذه القضية، تزعزعت رؤية البعض بالنسبة للرسول(ص). فالكثير من الامتحانات الإلهية ليست إلا امتحان "رؤية"، إذ قد يبتليك الله بمشكلة ما، ثم لا يحلّها لك، لا بل يزيدها تعقيداً! فهو يريد أن يرى كيف تكون رؤيتك تجاه الله؟ هل تبقى تقول "يا إلهي، أنت في منتهى الرحمة والإحسان!" هل تبقى تتودّد وتتحبّب إلى الله كما كنت سابقاً أم ينتهي أوان هذا الكلام وتصبح رؤيتك سلبية!
🔹رؤية المرء تُعدّ من العوامل المهمة لتقييمه. لماذا تتميز رؤية الإنسان بهذا القدر من الأهمية والتأثير؟ لأن الرؤية هي حصيلة كيان الإنسان بأكمله. فإن كانت نزعات الإنسان وتوجهاته صحيحة فلن تتشوه رؤيته حتى وإن كانت معلوماته خاطئة أو ناقصة.
🔹لا يستطيع أحد أن يلتمس الذريعة لانحرافه قائلاً "وصلتني معلومات خاطئة، معلوماتي كانت ناقصة...." فإن كانت توجهاتك صحيحة فلن تنحرف بالمعلومات الخاطئة أو الناقصة أبداً. وقد ورد في الحديث أن المؤمن لا يشك بالحق بتاتاً، وأن الكافر أو المنافق لا يتيقّن بالحق أبداً: «عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(ع) قال: أَبَى اللهُ أَنْ یَجْعَلَ الْحَقَّ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ بَاطِلاً لا شَكَّ فِیهِ، وَأَبَى اللهُ أَنْ یَجْعَلَ الْبَاطِلَ فِي قَلْبِ الْکَافِرِ الْمُخَالِفِ حَقّاً لا شَكَّ فِیه» (المحاسن/ ج1/ ص277) وعنه(ع): «لا یَستَیقِنُ القلبُ أنَّ الحقَّ باطلٌ أبداً ولا یَستَیقِنُ أنَّ الباطلَ حقٌّ أبداً» (تفسیر العياشي/ ج2/ ص53).
🔹مهما جئت للمنافق بالأدلّة والبراهين العقلية والمستندات المُحكمة في إثبات الحق لا يتقبّله وسيقول لك مثلاً: "كانت أدلتك منطقية تماماً، سأفكر فيها!" لكنه لا يقبل الكلام الحق في نهاية المطاف. ومن جانب آخر، حين تشيع إشاعة موافقة لميوله ورغباته فإنه سيتقبل هذا الكلام الباطل بسهولة ودون أي دليل وبرهان! ويجدر القول لمثل هذا الشخص أن "اطلب من هؤلاء أيضاً دليلاً على الأقل ولا تتقبل الأمر من دون دليل! فلِمَ تقبّلته هنا من دون أي دليل وبرهان؟"