إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقدمة كتابي التلقيح الصناعي بين العلم والشريعة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقدمة كتابي التلقيح الصناعي بين العلم والشريعة


    مقدمة كتابي التلقيح الصناعي بين العلم والشريعة
    سعيد كاظم العذاري

    الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين.
    انّ الرغبة في الانجاب دافع فطري مغروز في أعماق الانسان بحاجة إلى اشباع وإلى ارتواء; لانّ الحرمان منه يؤدي ـ غالباً ـ إلى خلق الاضطراب النفسي والروحي في كيان المحروم، وإلى تعكير صفو العلاقات الزوجية والاسرية; ولهذا ابدت الارشادات والتعاليم الدينية فيه عناية اضافية وحثت على التكاثر; لكي تتلاحم الفطرة مع التطلعات الدينية المتوجهة نحو اقرار المنهج الالهي في الواقع; بتكثير ذراري المسلمين لكي يحملوا الأمانة التي أناطها الله تعالى بهم في هذه الحياة الوثابة نحو التكامل والسمو والارتقاء.
    وقد أقرت الآيات القرآنية الكريمة هذا الحقّ الفطري الغريزي فلم تعطله أو تلغيه، بل حثت على التناسل والتوالد وابرزت للانسانية مظاهر متنوعة من رغبات أرقى نماذخ الشخصية الانسانية ألا وهم الانبياء الذين أعلنوا هذه الرغبة الفطرية في ارتباطهم المتواصل مع منعم الوجود وواهب الذرية; حيث كانوا يدعونه ليرزقهم الولد والذرية.
    ومن منطلق هذا الحق الفطري اعتبرت الارشادات والتعاليم الدينية العقم مرضاً أو خللاً في حياة الانسان; حيث انّ له اثاره السلبية على الجسد والنفس معاً، وعلى العلاقات الاُسرية والاجتماعية، وقد تصل السلبية إلى مرحلة كفران النعمة والاعتراض على قضاء الله وحكمته، وعلى ضوء ذلك فعلاجه من الامور المحببة لدى الشريعة الاسلامية، ومن مصاديق العلاج عملية التلقيح الصناعي، وهي اجراء التلقيح بين حيمن الرجل وبويضة المرأة عن غير الطريق المعهود والمتعارف عليه; حيث يضطر الطبيب في بعض الحالات والاوضاع النادرة إلى الالتجاء للتلقيح الصناعي كتدبير نهائي للتخلص من العقم القابل للعلاج.
    وأول تلقيح صناعي اجري كان في سنة 1780 قام به الكاهن الايطاليلازارد سبالاتراني، إذ اجرى التجربة على انثى الكلب، وقد استفاد من هذه التجربة ونتائجها الجراح جون هانتر فأعاد التجربة في سنة 1781م على أول امرأة وتكللت تجربته بالنجاح، وتطورت التجارب إلى ان وصلت إلى خلق الاجواء الصالحة لنمو الجنين في رحم صناعي ثمّ وضعه في رحم طبيعي، وكان ذلك في سنة 1978م حيث ولد أول جنين بهذه الطريقة.
    والتلقيح الصناعي كعلاج للعقم لامحذور فيه من الناحية الشرعية حيث ذهب المشهور من العلماء إلى حليته إذا تم بين نطفة الزوج وبويضة زوجته، وتم نمو الجنين في رحمها أو رحم زوجة ثانية له، والمحذور الاساسي هو اجراء العملية من قبل الاجنبي طبيباً كان أم طبيبة، ومع ذلك فإنّ الرأي المشهور هو الجواز إذا كان الحرمان من الانجاب يؤدي إلى ضرر شديد يصعب تحمّله.
    ويحرم التلقيح الصناعي بين حيمن وبويضة لاتربط بين صاحبيهما رابطة زوجية، وقد خالف هذا الرأي بعض الفقهاء وجوزوا التلقيح مطلقاً وإن كان بين اجنبيين.
    والكتاب الذي بين يديك ـ أيّها القارىء العزيز ـ تابع جميع ما يتعلق بالتلقيح الصناعي من وسائل ومقوّمات وأحكام شرعية وقانونية وعرفية استناداً إلى آيات القرآن الكريم، وإلى المأثور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن أهل بيته (عليهم السلام) واراء فقهاء المذاهب والفرق الإسلامية: (الامامية، الزيدية، الحنفية، المالكية، الشافعية، الحنبلية، الأباضية) من متقدمين ومتأخّرين، واراء بعض العلماء من غير المسلمين، وإلى الدراسات العلمية الحديثة واراء الأطباء ورجال القانون، اضافة إلى الحوارات الميدانية مع بعض الفقهاء.
    وقد تجنّب الكتاب استعمال المصطلحات الغامضة والعبارات المبهمة، والاستدلالات المعقدة; لتكون الاستفادة عامة وشاملة لجميع المستويات العقلية والفكرية.
    وقد وزعنا الكتاب على ستة فصول:
    تناولنا في الفصل الأوّل مباحث في الانجاب والعقم وموقعهما في تصنيف الغرائز وفي الارشادات القرآنية والطبية، وما يتعلق بهما من أوضاع وأسباب وعوامل وأحكام.
    وتناولنا في الفصل الثّاني التداوي ومحاولات علاج العقم وانواع التلقيح الصناعي وتاريخه وخطواته، والرحم الصناعي ومصرف الحيامن والبويضات.
    وتناولنا في الفصل الثالث آراء القائلين بحلية التلقيح الصناعي بين الزوجين والقائلين بحرمته، والشبهات المطروحة ثم اجبنا عليها بما ينسجم مع الثوابت الشرعية والحقائق العلمية.
    وتناولنا في الفصل الرابع الحكم العام في التلقيح بين غير الزوجين، وانواع التلقيح الصناعي المحرمة، وحكم التلقيح بعد وفاة الزوج، ثم حكم التلقيح عند غير المسلمين.
    وتناولنا في الفصل الخامس نسب طفل التلقيح الصناعي المتولد من زوجين أو اجنبيين وأحكام انتسابه إلى صاحبة البويضة وصاحبة الرحم الحامل، ثم تناولنا أحكام المصاهرة المترتبة على هذا النسب.
    وتناولنا في الفصل السادس الاحكام العامّة المتعلقة بالتلقيح الصناعي كاسقاط جنين التلقيح الصناعي وعدة الملقحة، ونفقة طفل التلقيح ومتعلقيه والرضاعة والحضانة، واخيراً ارث طفل التلقيح الصناعي بجميع صوره.
    وفي جميع المباحث اخترنا أحوط الآراء لانسجامه مع روح الشريعة وذوقها العام وخصوصاً في مثل هذه المسائل الحساسة في حياة الانسان والمجتمع والتي تترتب عليها آثار عملية خطيرة، وقد اقترحنا ان يتوصل الفقهاء والأطباء ورجال القانون إلى صيغة نهائية متفق عليها في تنظيم عملية التلقيح الصناعي، ووضع مادة قانونية تعالج من خلالها جميع المشاكل والنزاعات، ويتوصل إلى نتائج ترضي جميع الأطراف، وتعيد العلاقات الاسرية إلى مفاهيم وقيم التكافل والتراحم والتعاون لبناء مجتمع سليم.
    والله ولي التوفيق.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X