بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
س : هل إرتكب آدم (عليه السلام) ذنباً مع كونه معصوماً ؟
ج : قال تعالى : [[ ... وَعَصَى ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ]] طه ١٢١ .
"غوى" أُخذت من مادّة الغي ، أي العمل الصبياني الناشىء من إعتقاد خاطىء ، ولمّا كان آدم هنا قد أكل - جهلاً وإشتباهاً - من الشجرة ، نتيجة للظنّ الذي حصل له من قول الشيطان ، فقد عُبّر عن عمله بـ(غوى) .
و"الغي" يقابل "الرشد" ، والرشد هو أن يسلك الإنسان طريقاً يوصله إلى هدفه ومقصده ، أمّا الغي فهو عدم الوصول إلى المقصود .
ولكن لمّا كان آدم نقيّاً ومؤمناً في ذاته ، وكان يسير في طريق رضى الله سبحانه ، وكان لهذا الخطأ الذي أحاط به نتيجة وسوسة الشيطان صفة إستثنائية ، فإنّ الله سبحانه لم يبعده عن رحمته إلى الأبد ، بل (ثمّ إجتباه ربّه فتاب عليه وهدى) .
س : هل إرتكب آدم معصية ؟
ج : أولاً : أنّ العصيان يأتي في عرف اليوم - عادةً - بمعنى الذنب والمعصية ، إلاّ أنّه في اللغة يعني الخروج عن الطاعة وعدم تنفيذ الأمر سواء كان الأمر واجباً أو مستحبّاً ، وبناءً على هذا فإنّ إستعمال كلمة العصيان لا يعني بالضرورة ترك واجب أو إرتكاب محرّم ، بل يمكن أن يكون ترك أمر مستحبّ أو إرتكاب مكروه .
ثانياً : إنّ الأمر والنهي قد يكون إرشادياً ، كأمر ونهي الطبيب حيث يأمر المريض أن يتناول الدواء الفلاني ، وأن يجتنب الغذاء الفلاني غير المناسب ، ولا شكّ أنّ المريض إذا خالف أمر الطبيب فإنّه لا يضرّ إلاّ نفسه ، لأنّه لم يعبأ بإرشاد الطبيب ونصيحته .
وكذلك كان الله قد أمر آدم أن لا تأكل من ثمرة الشجرة ، فإنّك إن أكلت ستخرج من الجنّة ، وستبتلى بالألم والمشقّة الكبيرة في الأرض ، فخالف هذا الأمر الإرشادي ، ورأى نتيجة مخالفته أيضاً .
ثالثاً : أنّ صدور ذلك الأمر الالهي كان في مرحلة وجود آدم في الجنّة ، وهي مرحلة إختبار لا تكليف لان وجوده في ذلك المكان ليس لأجل التكليف ولذا لم يأمر بالصلاة والصوم وبقية الواجبات والنواهي .
رابعاً : إنّ العصيان أو الذنب يكون أحياناً متّصفاً بالإطلاق ، أي إنّه يُعدّ ذنباً من قبل مرتكبيه جميعاً وبدون إستثناء كالكذب والظلم وأكل المال الحرام ، ويكون أحياناً نسبيّاً ، أي العمل الذي إن صدر من شخص ما فقد لا يكون ذنباً ، بل قد يعتبر أحياناً عملاً مطلوباً ولائقاً لصدوره من مثله ، أمّا إذا صدر من آخر فإنّه لا يناسبه نظراً إلى مكانته ومنزلته .
فمثلاً : تطلب المساعدة من قبل بعض الناس لبناء مستشفى ، فيعطى العامل أُجرة يوم من عمله والتي لا تتجاوز أحياناً أكثر من عدّة دراهم .
إنّ هذا الفعل الصادر من مثل هذا الشخص يُعدّ إيثاراً وحسنةً وهو مطلوب تماماً ، أمّا إذا أعطى رجل ثري هذا المقدار من المال مثلاً فإنّه لا يناسبه ولا يليق به فحسب ، بل سيكون موضع ملامة ومذمّة وتعنيف مع أنّه أساساً لم يرتكب حراماً ، بل ساهم ولو بمقدار يسير في عمل الخير والبرّ .
إنّ هذا هو ما نعبّر عنه بـ( حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ) وهو المعروف بترك الأُولى ، ونحن نعبر عنه بالذنب النسبي الذي لا يعدّ ذنباً ، ولا يخالف مقام العصمة .
وفي الأحاديث الإسلامية أيضاً أُطلقت المعصية على مخالفة المستحبّات ، فنرى في حديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال في النوافل اليوميّة : وإنّما هذا كلّه تطوّع وليس بمفروض ... ولكنّها معصية ، لأنّه يستحبّ إذا عمل الرجل عملاً من الخير أن يدوم عليه .
وفي كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : تميم القرشي ، عن أبيه ، عن حمدان بن سليمان ، عن علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى عليه السلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك : إن الأنبياء معصومون ؟
قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عز وجل " وعصى آدم ربه فغوى " .
فقال عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى قال لآدم عليه السلام :
(أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة ) وأشار لهما إلى شجرة الحنطة ( فتكونا من الظالمين ) ولم يقل لهما : لا تأكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسها فلم يقربا تلك الشجرة وإنما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما وقال : ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة ) وإنما نهاكما أن تقربا غيرها ولم ينهكما عن الأكل منها ( إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ) (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) ولم يكن آدم وحواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا ( فدلاهما بغرور ) فأكلا منها ثقة بيمينه بالله ، وكان ذلك من آدم قبل النبوة ، ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار ، وإنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا " كان معصوما " لا يذنب صغيرة ولا كبيرة ، قال الله عز وجل : ( وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) ، وقال الله عز وجل :
( إن الله اصطفى ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) .
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
س : هل إرتكب آدم (عليه السلام) ذنباً مع كونه معصوماً ؟
ج : قال تعالى : [[ ... وَعَصَى ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ]] طه ١٢١ .
"غوى" أُخذت من مادّة الغي ، أي العمل الصبياني الناشىء من إعتقاد خاطىء ، ولمّا كان آدم هنا قد أكل - جهلاً وإشتباهاً - من الشجرة ، نتيجة للظنّ الذي حصل له من قول الشيطان ، فقد عُبّر عن عمله بـ(غوى) .
و"الغي" يقابل "الرشد" ، والرشد هو أن يسلك الإنسان طريقاً يوصله إلى هدفه ومقصده ، أمّا الغي فهو عدم الوصول إلى المقصود .
ولكن لمّا كان آدم نقيّاً ومؤمناً في ذاته ، وكان يسير في طريق رضى الله سبحانه ، وكان لهذا الخطأ الذي أحاط به نتيجة وسوسة الشيطان صفة إستثنائية ، فإنّ الله سبحانه لم يبعده عن رحمته إلى الأبد ، بل (ثمّ إجتباه ربّه فتاب عليه وهدى) .
س : هل إرتكب آدم معصية ؟
ج : أولاً : أنّ العصيان يأتي في عرف اليوم - عادةً - بمعنى الذنب والمعصية ، إلاّ أنّه في اللغة يعني الخروج عن الطاعة وعدم تنفيذ الأمر سواء كان الأمر واجباً أو مستحبّاً ، وبناءً على هذا فإنّ إستعمال كلمة العصيان لا يعني بالضرورة ترك واجب أو إرتكاب محرّم ، بل يمكن أن يكون ترك أمر مستحبّ أو إرتكاب مكروه .
ثانياً : إنّ الأمر والنهي قد يكون إرشادياً ، كأمر ونهي الطبيب حيث يأمر المريض أن يتناول الدواء الفلاني ، وأن يجتنب الغذاء الفلاني غير المناسب ، ولا شكّ أنّ المريض إذا خالف أمر الطبيب فإنّه لا يضرّ إلاّ نفسه ، لأنّه لم يعبأ بإرشاد الطبيب ونصيحته .
وكذلك كان الله قد أمر آدم أن لا تأكل من ثمرة الشجرة ، فإنّك إن أكلت ستخرج من الجنّة ، وستبتلى بالألم والمشقّة الكبيرة في الأرض ، فخالف هذا الأمر الإرشادي ، ورأى نتيجة مخالفته أيضاً .
ثالثاً : أنّ صدور ذلك الأمر الالهي كان في مرحلة وجود آدم في الجنّة ، وهي مرحلة إختبار لا تكليف لان وجوده في ذلك المكان ليس لأجل التكليف ولذا لم يأمر بالصلاة والصوم وبقية الواجبات والنواهي .
رابعاً : إنّ العصيان أو الذنب يكون أحياناً متّصفاً بالإطلاق ، أي إنّه يُعدّ ذنباً من قبل مرتكبيه جميعاً وبدون إستثناء كالكذب والظلم وأكل المال الحرام ، ويكون أحياناً نسبيّاً ، أي العمل الذي إن صدر من شخص ما فقد لا يكون ذنباً ، بل قد يعتبر أحياناً عملاً مطلوباً ولائقاً لصدوره من مثله ، أمّا إذا صدر من آخر فإنّه لا يناسبه نظراً إلى مكانته ومنزلته .
فمثلاً : تطلب المساعدة من قبل بعض الناس لبناء مستشفى ، فيعطى العامل أُجرة يوم من عمله والتي لا تتجاوز أحياناً أكثر من عدّة دراهم .
إنّ هذا الفعل الصادر من مثل هذا الشخص يُعدّ إيثاراً وحسنةً وهو مطلوب تماماً ، أمّا إذا أعطى رجل ثري هذا المقدار من المال مثلاً فإنّه لا يناسبه ولا يليق به فحسب ، بل سيكون موضع ملامة ومذمّة وتعنيف مع أنّه أساساً لم يرتكب حراماً ، بل ساهم ولو بمقدار يسير في عمل الخير والبرّ .
إنّ هذا هو ما نعبّر عنه بـ( حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ) وهو المعروف بترك الأُولى ، ونحن نعبر عنه بالذنب النسبي الذي لا يعدّ ذنباً ، ولا يخالف مقام العصمة .
وفي الأحاديث الإسلامية أيضاً أُطلقت المعصية على مخالفة المستحبّات ، فنرى في حديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال في النوافل اليوميّة : وإنّما هذا كلّه تطوّع وليس بمفروض ... ولكنّها معصية ، لأنّه يستحبّ إذا عمل الرجل عملاً من الخير أن يدوم عليه .
وفي كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : تميم القرشي ، عن أبيه ، عن حمدان بن سليمان ، عن علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسى عليه السلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك : إن الأنبياء معصومون ؟
قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عز وجل " وعصى آدم ربه فغوى " .
فقال عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى قال لآدم عليه السلام :
(أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة ) وأشار لهما إلى شجرة الحنطة ( فتكونا من الظالمين ) ولم يقل لهما : لا تأكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسها فلم يقربا تلك الشجرة وإنما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما وقال : ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة ) وإنما نهاكما أن تقربا غيرها ولم ينهكما عن الأكل منها ( إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ) (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) ولم يكن آدم وحواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا ( فدلاهما بغرور ) فأكلا منها ثقة بيمينه بالله ، وكان ذلك من آدم قبل النبوة ، ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار ، وإنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا " كان معصوما " لا يذنب صغيرة ولا كبيرة ، قال الله عز وجل : ( وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) ، وقال الله عز وجل :
( إن الله اصطفى ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) .