السؤال: آيات قرآنية تدفع دعوى عدم إمكان ما ورد فيها
هناك من يدّعي انه يتبع المنهج العقلي عند النظر للاحداث التاريخيه فينكر رزية الخميس مثلا لانها تجعل السلطة للبشر لمنع امر الله وهذا فيه قدحا للرسول صلى الله عليه وآله لانه لم بيلغ امته ما فيه نجاتهم من الضلال , فما رد سماحتكم على هذه المقولة ؟
وهل من الممكن الاستدلال بالآيات التالية لنقض هذا الاشكال :
(( وَكَتَبنَا لَهُ فِي الأَلوَاحِ مِن كُلِّ شَيءٍ مَّوعِظَةً وَتَفصِيلاً لِّكُلِّ شَيءٍ فَخُذهَا بِقُوَّةٍ وَأمُر قَومَكَ يَأخُذُوا بِأَحسَنِهَا سَأُرِيكُم دَارَ الفَاسِقِينَ * سَأَصرِفُ عَن آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وَإِن يَرَوا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوا سَبِيلَ الرُّشدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُم كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنهَا غَافِلِينَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الآخِرَةِ حَبِطَت أَعمَالُهُم هَل يُجزَونَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ * وَاتَّخَذَ قَومُ مُوسَى مِن بَعدِهِ مِن حُلِيِّهِم عِجلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَم يَرَوا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُم وَلاَ يَهدِيهِم سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ * وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيدِيهِم وَرَأَوا أَنَّهُم قَد ضَلُّوا قَالُوا لَئِن لَّم يَرحَمنَا رَبُّنَا وَيَغفِر لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ * وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَومِهِ غَضبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئسَمَا خَلَفتُمُونِي مِن بَعدِيَ أَعَجِلتُم أَمرَ رَبِّكُم وَأَلقَى الألوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيهِ قَالَ ابنَ أُمَّ إِنَّ القَومَ استَضعَفُونِي وَكَادُوا يَقتُلُونَنِي فَلاَ تُشمِت بِيَ الأعدَاء وَلاَ تَجعَلنِي مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ * قَالَ رَبِّ اغفِر لِي وَلأَخِي وَأَدخِلنَا فِي رَحمَتِكَ وَأَنتَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا العِجلَ سَيَنَالُهُم غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِم وَذِلَّةٌ فِي الحَياةِ الدُّنيَا وَكَذَلِكَ نَجزِي المُفتَرِينَ (152) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الغَضَبُ أَخَذَ الأَلوَاحَ وَفِي نُسخَتِهَا هُدًى وَرَحمَةٌ لِّلَّذِينَ هُم لِرَبِّهِم يَرهَبُونَ )) (الاعراف:145-154).
وهل من الممكن الاستدلال بهذه الآيات على الاشياء التاليه:
أ- بعد ما رأى نبي الله موسى عليه السلام ضلال قومه لم يأمر عبدة العجل بما جاءه لانهم كانوا من المتكبرين ؟
وهذا المنع كان بسبب اعمالهم فاستحقوا الضلال على الهدى ولا يعني هذا قدحا بتيلغ نبي الله موسى؟
ب- وسكوت غضب موسى (عليه السلام) عن قومه هو الذي جعله يعرضها على قومه ولن تهدي الا المتقين , وعدم كتابة رسول الله ص للكتاب بعدما منعه البعض هو دليل على عدم سكوت غضبه عليهم؟
الجواب:
نعم ، يمكن الاستدلال بهذه الآيات لبيان عدول النبي(صلى الله عليه وآله) عن كتابة الكتاب في حادثة يوم الخميس، فالفعل التشريعي أو التبليغي يتبع الغرض، وبما أن الغرض قد حالت دونه الموانع ـ وهو تصدي عمر وبعض الصحابة للنبي(صلى الله عليه وآله) ورميه بالهجر والهذيان، فيكون أمر كتابة الكتاب بعد هذا المانع الخطر ـ لا ثمرة فيه ، بل قد يفتح الباب هذا الأمر للقدح في الرسالة كلها ذلك بعد أن تم القدح علانية بالمرسل في هذا هذا الموقف...
فالمنهج العقلي المدّعى هنا في تفسير هذه الحادثة لا يمكن له ان يتغاضي عن اعتبار تبعية الافعال للاغراض والغايات، فإذا حالت أمام الغاية عوائق وموانع انتفت الحاجة إلى صدور الفعل في ذلك الظرف الذي يمنعه من تحقيق غايته، ويكون البحث عن البديل هو الأسلوب الأمثل في تحقيق الغرض بدل التشبث بفعل لا يحقق غرضه في الزمان والمكان المعينين.
مع ملاحظة مهمة في وجوب التفريق بين (الإرادة التشريعية) و(الإرادة التكوينية)، والفرق بينهما مفصل في كتب علم الكلام، وهذا القائل لجهله لم يفرق بين الإرادة التشريعية التي يمكن تخلّف المراد فيها وبين الإرادة التكوينية التي لا يمكن تخلف المراد فيها.
موقع مركز الابحاث العقائدية