إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اني قريب اجيب دعوة الداعي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اني قريب اجيب دعوة الداعي



    سؤالٌ يتبادر إلى الأذهان، فمنهم مَن يبوحُ بهِ، ومِنهم مَن لم يسأل أهل الاختصاص فتبقى تتلاطمُ به أمواج الشُبهات، ويتزلزل عقيدةً؛ نتيجةً لأجوبةٍ ركيكةٍ يشوبها الخلل، لـذا على المرء طرح سؤاله على المختصين.

    ولو تأملنا في آياتِ الكتابِ الكريمِ لوجدنا الله تعالى يوجبُ علينا السؤال، كقوله تعالى:
    ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾(1).

    وكذلك النصوص الروائيّة توجب السؤال مع مراعاة الآداب وتحقيق المنفعة العلميّة، حيثُ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام) أَنهُ قَالَ:
    "إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ عَلَيْهِ قُفْلٌ وَ مِفْتَاحُهُ الْمَسْأَلَةُ"(2).

    فقد يكونُ السؤال تعلّماً، أو تعنتاً، أو وسوسةً، فالأوّل لابأس به حيثُ يزيدُ صاحبهُ نوراً، والثاني يزيدُ صاحبهُ ذلّةً وغروراً، والثالثُ لابدّ مِن معالجته.
    إنّ الوسواسَ في العقيدةِ وما يلحق به مِن الأفكار المـزعجة كالتفكر في ذات وحقيقة الله عز وجل، والأفكـار في الدّين، والعقيدة، والخوف من الكفر، والردة، وغيرها ليست جديدة على المسلمين، بل هي موجودة منذ فجر الإسلام، وقد وقعت في عصر النبي (صلى الله عليه وآله).
    وأنّ حدوث هذا الأمر ليس دليلاً على ضلال الإنسان وكفره وفسقه وخبثه، فيجب على الإنسان الموسوس إذا جاءته هذه الأفكار المزعجة أن يتوقف عنها مباشرة ثم يفعل ما يلي:
    أولاً: يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويقول: آمنت بالله ورسله، ويتجاهل الأفكار ولا يكررها.

    ثانياً: أن يهدأ ولا يُفسّق نفسه ولا يكفرها، بل يتيقن أنه مؤمن وهذه الوساوس لا تضره أبداً. ويتذكر أنّ غضبه وحزنه ومدافعته لهذه الأفكار إنّما هو صريح الإيمان، وأنّ هذه الوساوس غير مقصودة بل هي من الشيطان.

    ثالثاً: أن يعلم علماً يقينياً أنّه غير آثم، وغير مؤاخذ بهذه الأفكار لقوله تعالى: (لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها)(3).

    وجواباً على السؤال نقولُ إجمالاً ما نعتقدُ به:
    إنّ الله في كلِّ مكان، ولا يخلو منه شيء.
    فإن قيل: لماذا يتوجه الإنسان بدعائه للأعلى نحو السماء؟
    قُلنا: لأن الله سبحانه قال: (وفِي السّمَاء رَزقكم وَمَا تَدعون)(4).
    ولأنّ اللهَ تعالى شأنه عالٍ، والأعلى دائماً يدل على الرفعة والعلو في الشأن، كما هو غير خافٍ على أحد.

    فإن قيلَ: ما المقصود بأنّه في كلّ مكان؟
    -قُلنا: أي إنّهُ تعالى عالم بكل مكان وما فيه، وهو ما عبرت عنه النصوص العقائدية بعدة تعبيرات، منها ما روي عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في خطبته: " داخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، وخارج منها لا كشيء من شيء خارج "(5).
    " هو في الأشياء على غير ممازجة خارج منها على غير مباينة "(6).
    ويقول (عليهِ السلام): "مع كلّ شيءٍ لا بمقارنة، وغير كلّ شيء لا بمزايلة".(7)
    ويقولُ أيضاً: " قريب من الاشياء غير ملامس بعيد عنها غير مباين ".(8)

    -فإن قيل: كيف يكون في الأشياء، وخارج عنها؟ هل هو مبهم أو هو مجرد كلام ينطوي على مغالطات، ووصف لله مباين؟
    -قُلنا: كلا بل الإجابة واضحة، "داخل في الأشياء، خارج عنها" أي عالم بها، ومحيطٌ بالأشياء.
    مثالٌ توضيحي:
    إنك إذا لاحظت البحر، أو حوض الأسماك فستجد الماء محيطاً بالحيوانات، والأسماك.
    فالماء داخل في هذه الأشياء، ولكنّه خارج عنها، هذا بالنسبة للماديات مع الفارق.
    أي إنّ الماء خارج عن جوفها، وليس بداخلها ، وإحاطة الله كليّة، بكل ذرةٍ منها حتى أجزاء الذرة. والماءُ محيطٌ بها فقط، ولا يدخل في باطنها، لأنّك لو فتحت باطن السمكة، لا تراها مملؤة بالماء؛ لأنّ الماء خارج عنها أو محيط بها فقط.
    وإن لم يتضح لك المثال فأعلم أنّ الموجود إمّا مادّي، وإمّا غير مادّي.
    والموجود المادّي هو: الموجود الذي له مادّة وجسم – أي إنه ذو أبعاد ثلاثة: طول وعرض وعمق - والجسم يستدعي كونه في مكانٍ خاص، وجهة خاصّة، ولا يمكن للجسم أن يكون في مكانين أو جهتين أو أكثر، وإلاّ لصار جسمين أو أكثر لا جسماً واحداً.
    والموجود غير المادّي هو: الموجود الذي ليس له مادّة وجسم، بل هو مجرّد عن المادة، فهو ليس له مكان خاص ولا جهة خاصّة، إذ لا يخضع لقوانين المادّة، ومنها: المكان.
    فاللهُ تعالى وجودهُ غير ماديّ حتى يخضع للحلولِ في مكان، وإلاّ لصار مادياً، ولكان في مكان ولخلا منه مكان، وهو خلاف كونه واجب الوجود المحيط بكل الوجود المادي.
    رويَ عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه أجابَ ابن أبي العوجاء قائلاً:
    "إنّما وصفتَ المخلوق الذي إذا انتقل من مكان اشتغل به مكان، وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأمّا الله العظيم الشأن، الملك الديّان، فلا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان"(9).
    فلو كانَ اللهُ في مكانٍ للزم إحاطة المكانِ به، فيُحيطُ المُحيطُ بالمُحاط، ويلزم منهُ الحدّ والتجسيم، وهذا خُلفُ كونه واجب وجود، وأيضاً لزمَت الإشارة إليه حسيّاً، وكلّ مشار إليهِ محدود، والمحدوديّة مِن سمات الممكنات لا الواجب.

    والخلاصة: أنّ عقيدتنا في الله تعالى أنّهُ منزّهٌ عن المكانِ.
    __________________________
    (1) الأنبياء: 21.
    (2) الكافي: الشيخ الكليني, ج1, ص40 .
    (3) البقرة :286.
    (4) الذاريات: 22.
    (5) التوحيد: للشيخ الصدوق, حديث ذعلب, ص 306.
    (6) المصدر نفسه.
    (7) حق اليقين: السيّد عبد الله شبّر, ص 43 .
    (8) حديث ذعلب المشهور.
    (9) الاحتجاج: 2ج, ص75، الكافي, ج1, ص 126, ح3,كتاب التوحيد، باب الحركة والانتقال.

  • #2
    أخرج الصدوق في توحيده في حديث احتجاج الصادق على الثنوية والزناقة بإسناده عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبدالله (ع) قال: سأله عن قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:5]، قال أبو عبدالله (ع): بذلك وصف نفسه، وكذلك هو مستول على العرش، بائن من خلقه من غير أن يكون العرش حاملاً له، ولا أن يكون العرش حاوياً له، ولا أن العرش محتاز له، ولكنّا نقول: هو حامل العرش، وممسك العرش، ونقول من ذلك ما قال: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ [البقرة:255]، فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته، ونفينا أن يكون العرش أو الكرسي حاوياً له، وأن يكون عز وجل إلى مكان أو إلى شيء مما خلق بل خلقه محتاجون إليه.

    قال السائل: فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض؟ قال أبو عبدالله (ع): ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء، ولكنه عز وجل أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش؛ لأنه جعله معدن الرزق فثبتنا ما ثبته القرآن والأخبار عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حين قال: ارفعوا أيديكم إلى الله عز وجل وهذا يجمع عليه فرق الأمة كله. قال السائل: فتقول: أنه ينزل إلى السماء الدنيا؟ قال أبوعبدالله (ع): نقول: ذلك لأن الروايات قد صحت به والأخبار، قال السائل: فإذا نزل أليس قد حال عن العرش، وحووله عن العرش صفة حدثت، قال أبوعبدالله (ع) ليس ذلك منه ما على يوجد من المخلوقين الذي تنتقل باختلاف الحال عليه والملالة والسأمة وناقلة ينقله ويحوله من حال الى حال بل هو تبارك وتعالى لا يحدث عليه الحال ولا يجري عليه الحدوث فلا يكون نزوله كنزول المخلوق الذي متى تنحى عن مكان الى مكان خلا منه المكان الأول، ولكنه ينزل إلى السماء الدنيا بغير معاناة وحركة فيكون كما هو في السماء السابعة على العرش كذلك هو في السماء الدنيا، إنما يكشف عن عظمته ويرى أولياءه نفسه حيث شاء ويكشف ما شاء من قدرته، ومنظره في القرب والبعد سواء.

    وأخرج الكليني في كافيه من كتاب التوحيد بإسناده عن محمد بن عيسى قال: كتبت الى أبي الحسن على بن محمد (ع): يا سيدي قد روي لنا أن الله في موضع دون موضع على العرش استوى، وأنه ينزل كل ليلة في النصف الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، وروي أنه ينزل عشية عرفة ثم يرجع إلى موضعه، فقال بعض مواليك في ذلك: إذا كان في موضع دون موضع، فقد يلاقيه الهواء، ويتكيف عليه والهواء جسم رقيق يتكيف على كل شيء بقدره، فكيف يتكيف عليه جل ثناؤه على هذا المثال؟ فوقع (ع): علم ذلك عنده وهو المقدر له بما هو أحسن تقديراً، وأعلم أنه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو على العرش الأشياء كلها له سواء علماً وقدرة وملكاً وإحاطة.

    قال مصحح ومعلق الكافي السيد علي أكبر الغفاري في تعليقه على هذا الحديث ما نصه: (قوله (ع): علم ذلك عنده أي علم كيفية نزوله عنده سبحانه، وليس عليكم معرفة ذلك).

    وهذا جيد يدل أن مذهب الإمام هو عدم التأويل وهو مذهب السلف رحمهم الله تعالى. نعم هذا هو مذهب أهل البيت في صفات الله إثبات دون تكييف ولا تمثيل ولا تأويل ولا تعطيل، قال أبو عبد الله (ض): نقول: ذلك لأن الروايات قد صحت به والأخبار كما سبق ذكره.

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X