ونجد في فاطمة الزهراء مثالاً تطبيقيّاً آخر على كون المرأة هي استجابة لتلك التربية الممتازة ولادةً وتنشئةً، عملاً وإيحاءً.
لقد ربّيت فاطمة في حضن أُمٍّ كان الحنان يذوب من أردانه، وحنان الأُمّ ما فاض من قلب أُمّ إلاّ بمقدار ما تفيض عليها في البيت السعادة، ولن تقاس السعادة في بيوت المتزوّجين إلاّ بميزان واحد، هو ميزان الحبّ في تفاهم وتبادل وانسجام. فالبيت بكلّ ما فيه وحدة حياتية دون تمييز أو مفاضلة، دون محاسبة على أخذ أكثر أو عطاء أقلّ، ثمّ إجراء مناقصة أو مزايدة.. كلّ ذلك بعفويّة يشملها الغفلة والنسيان، وبعطف يفرضه العقل السليم نظافة وصدق شعور وتلبية وتنزيه ميول.
لقد وجدت فاطمة في بيتها كلّ هذا عمراً موفور.. وجدته حتّى من قبل أن تنزل تكويناً في بطن أُمّه، لقد مهّد لها هذا الجوّ وأُمّها لتزال بعد تداعب طيف الحبّ في قلبها ومحمّد غائب بالقافلة بين مكّة والشام..
وجدته وهي جنين في الحش، تتلمّس أُمّها بها خاصرتيها مع الليالي الطوال بمناجاة كأنّها عذوبة الأحلام..
وجدته مع أوّل شعاع أبصرته بعينيها بعد هبوطها إلى الحضن الرفيق..
وجدته مع قطرة الرضاع حاملة كلّ أشواق الأُمومة.
وجدته في طفولة بريئة قفزاً من حضن إلى حضن، ومن عنق إلى زند، بين أُمّ حانية ذائبة، وأب وادع حالم، وأخوات ناعمات راغدات، ورفيق تطوف في عينيه لمعة سيف..
وجدته في فتوّتها تنفتح على أسرار الحياة فهماً وتيسير فهم، وحسّاً وترهيف حسّ، وشموخاً وتعزيز شموخ.
لقد تولّد لفاطمة في هذا الجوّ الرائع رأي شخصي حرّ، هو كلّ ما أمّنه لها مناخ البيت.. لقد كان يسأل النبي في قضية فيجيب: «لنأخذ أوّلاً رأي فاطمة».
هكذا كان لفاطمة رأي في تربية صحيحة، كانت لشخصيّتها فيها تلك التنمية.
ولم تخب التربية، فبمقدار ما توفّرت أجابت، توفّرت غزيرة وأجابت بغزارة..
هكذا تزوّجت فاطمة رجوعاً إلى رأيه، واقتناعاً منها بصدق الرجل الذي تزوّجته.
لم تكن تجيب ـ كما أفصحت عن نظرتها ذات مرّة لأبيها أن ترى رجلاً رأياً منها بأنّ المرأة إذ تعتبر سلعة وتحقيق شهوة للرجل، تتدنّى مرتبتها في الحياة وتنحطّ، في الوقت التي هي فيه نصف الحياة في جدّ الحياة، نصف البيت في تكوين البيت، نصف المجتمع في تدعيم المجتمع، نصف السعادة في استقطاب واستكمال السعادة. وميول الرجل وميول المرأة هي من معدن واحد، تأخذ منه الحياة مزيج عصارتها وطبخة قِدره، فلا يجوز أن يفسد شطر من المزيج بامتهان أو بتقليل قيمة.
هكذا تنشأ الأُسرة الفاضلة، وهكذا ينمو المجتمع الفاضل.. نظرة صحيحة، وتطبيقاً صحيح، وإنتاجاً صحيح، ونتيجة صحيحة.
وكان لفاطمة البيت الصحيح، البيت الذي تركّز على نظرة صحيحة. ولقد وجد علي في فاطمة تكميل حياته، فاطمأنّ وراح يعمل من وحي هذه الطمأنينة، باندغام استجابته قبل أن يتمّ تأليف البيت، لولا ذلك الاقتناع الموحى من قبل لما تمّت بينه وبين فاطمة هذه الوحدة التي لم يفرطها إلاّ الموت.
لقد ربّيت فاطمة في حضن أُمٍّ كان الحنان يذوب من أردانه، وحنان الأُمّ ما فاض من قلب أُمّ إلاّ بمقدار ما تفيض عليها في البيت السعادة، ولن تقاس السعادة في بيوت المتزوّجين إلاّ بميزان واحد، هو ميزان الحبّ في تفاهم وتبادل وانسجام. فالبيت بكلّ ما فيه وحدة حياتية دون تمييز أو مفاضلة، دون محاسبة على أخذ أكثر أو عطاء أقلّ، ثمّ إجراء مناقصة أو مزايدة.. كلّ ذلك بعفويّة يشملها الغفلة والنسيان، وبعطف يفرضه العقل السليم نظافة وصدق شعور وتلبية وتنزيه ميول.
لقد وجدت فاطمة في بيتها كلّ هذا عمراً موفور.. وجدته حتّى من قبل أن تنزل تكويناً في بطن أُمّه، لقد مهّد لها هذا الجوّ وأُمّها لتزال بعد تداعب طيف الحبّ في قلبها ومحمّد غائب بالقافلة بين مكّة والشام..
وجدته وهي جنين في الحش، تتلمّس أُمّها بها خاصرتيها مع الليالي الطوال بمناجاة كأنّها عذوبة الأحلام..
وجدته مع أوّل شعاع أبصرته بعينيها بعد هبوطها إلى الحضن الرفيق..
وجدته مع قطرة الرضاع حاملة كلّ أشواق الأُمومة.
وجدته في طفولة بريئة قفزاً من حضن إلى حضن، ومن عنق إلى زند، بين أُمّ حانية ذائبة، وأب وادع حالم، وأخوات ناعمات راغدات، ورفيق تطوف في عينيه لمعة سيف..
وجدته في فتوّتها تنفتح على أسرار الحياة فهماً وتيسير فهم، وحسّاً وترهيف حسّ، وشموخاً وتعزيز شموخ.
لقد تولّد لفاطمة في هذا الجوّ الرائع رأي شخصي حرّ، هو كلّ ما أمّنه لها مناخ البيت.. لقد كان يسأل النبي في قضية فيجيب: «لنأخذ أوّلاً رأي فاطمة».
هكذا كان لفاطمة رأي في تربية صحيحة، كانت لشخصيّتها فيها تلك التنمية.
ولم تخب التربية، فبمقدار ما توفّرت أجابت، توفّرت غزيرة وأجابت بغزارة..
هكذا تزوّجت فاطمة رجوعاً إلى رأيه، واقتناعاً منها بصدق الرجل الذي تزوّجته.
لم تكن تجيب ـ كما أفصحت عن نظرتها ذات مرّة لأبيها أن ترى رجلاً رأياً منها بأنّ المرأة إذ تعتبر سلعة وتحقيق شهوة للرجل، تتدنّى مرتبتها في الحياة وتنحطّ، في الوقت التي هي فيه نصف الحياة في جدّ الحياة، نصف البيت في تكوين البيت، نصف المجتمع في تدعيم المجتمع، نصف السعادة في استقطاب واستكمال السعادة. وميول الرجل وميول المرأة هي من معدن واحد، تأخذ منه الحياة مزيج عصارتها وطبخة قِدره، فلا يجوز أن يفسد شطر من المزيج بامتهان أو بتقليل قيمة.
هكذا تنشأ الأُسرة الفاضلة، وهكذا ينمو المجتمع الفاضل.. نظرة صحيحة، وتطبيقاً صحيح، وإنتاجاً صحيح، ونتيجة صحيحة.
وكان لفاطمة البيت الصحيح، البيت الذي تركّز على نظرة صحيحة. ولقد وجد علي في فاطمة تكميل حياته، فاطمأنّ وراح يعمل من وحي هذه الطمأنينة، باندغام استجابته قبل أن يتمّ تأليف البيت، لولا ذلك الاقتناع الموحى من قبل لما تمّت بينه وبين فاطمة هذه الوحدة التي لم يفرطها إلاّ الموت.