عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ :
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْإِسْلَامَ دِينَهُ ، وَجَعَلَ كَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ حُسْناً لَهُ ، فَمَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَشَهِدَ شَهَادَتَنَا وَأَحَلَّ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ مُسْلِمٌ ، لَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا .
المصدر : (نوادر الراوندي : ص21.)
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
مَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا وَآمَنَ بِنَبِيِّنَا وَشَهِدَ شَهَادَتَنَا دَخَلَ فِي دِينِنَا ، أَجْرَيْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَحُدُودَ الْإِسْلَامِ ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى ، أَلَا وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلَ الثَّوَابِ وَأَحْسَنَ الْجَزَاءِ وَالْمَآبِ .
المصدر : (الكافي : ج8، ص361. | مشكاة الأنوار : ص38.)
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَقَاتَلَ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا بِيَدِهِ فَهُوَ مَعَنَا فِي الْجَنَّةِ فِي دَرَجَتِنَا ، وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا فَهُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ بِدَرَجَةٍ ، وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُعِنَّا بِلِسَانِهِ وَلَابِيَدِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ .
وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ فَهُوَ مَعَ عَدُوِّنَا فِي النَّارِ ، وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُعِنْ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَلَا بِيَدِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ .
ثُمَّ قَالَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : أَنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ . وَاللَّهِ ، لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ .
المصادر : (الخصال : ج2، ص164. | البحار : ج27، ص89.)
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ، بَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ ، وَبَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ الشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ ، وَخَمْسَةُ أَبْوَابٍ يَدْخُلُ مِنْهَا شِيعَتُنَا وَمُحِبُّونَا ، فَلَا أَزَالُ وَاقِفاً عَلَى الصِّرَاطِ أَدْعُو وَأَقُولُ رَبِّ سَلِّمْ شِيعَتِي وَمُحِبِّيَّ وَأَنْصَارِي وَمَنْ تَوَالانِي فِي دَارِ الدُّنْيَا . فَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكَ وَشُفِّعْتَ فِي شِيعَتِكَ . وَيَشْفَعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ شِيعَتِي وَمَنْ تَوَلَّانِي وَنَصَرَنِي وَحَارَبَ مَنْ حَارَبَنِي بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ فِي سَبْعِينَ أَلْفاً مِنْ جِيرَانِهِ وَأَقْرِبَائِهِ ، وَبَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ مِقْدَارُ ذَرَّةٍ مِنْ بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ .
المصدر : (البحار : ج8، ص121، عن الخصال.)
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
الْإِيمَانُ مَا اسْتَقَرَّ فِي الْقَلْبِ ، وَأَفْضَى بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ .
وَالْإِسْلَامُ مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنَ الْفِرَقِ كُلِّهَا ، وَبِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ وَعَلَيْهِ جَرَتِ الْمَوَارِيثُ وَجَازَ النِّكَاحُ وَاجْتَمَعُوا عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ ، فَخَرَجُوا بِذَلِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَأُضِيفُوا إِلَى الْإِيمَانِ .
وَالْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ وَالْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ ، وَهُمَا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ يَجْتَمِعَانِ كَمَا صَارَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ فِي الْكَعْبَةِ ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَالْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَ : ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ ، فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْدَقُ الْقَوْلِ .
فَقِيلَ لَهُ : فَهَلْ لِلْمُؤْمِنِ فَضْلٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْأَحْكَامِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لَا ، هُمَا يَجْرِيَانِ فِي ذَلِكَ مَجْرًى وَاحِداً ، وَلَكِنْ لِلْمُؤْمِنِ فَضْلٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي أَعْمَالِهِمَا وَمَا يَتَقَرَّبَانِ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
فَقِيلَ لَهُ : أَلَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِهَا﴾ ؟
وَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ مَعَ الْمُؤْمِنِ !
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَ : ﴿فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾ ؟ فَالْمُؤْمِنُونَ هُمُ الَّذِينَ يُضَاعِفُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ حَسَنَاتِهِمْ لِكُلِّ حَسَنَةٍ سَبْعِينَ ضِعْفاً ، فَهَذَا فَضْلُ الْمُؤْمِنِ ، وَيَزِيدُ اللَّهُ فِي حَسَنَاتِهِ عَلَى قَدْرِ صِحَّةِ إِيمَانِهِ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَيَفْعَلُ اللَّهُ بِالْمُؤْمِنِينَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْخَيْرِ .
فَقِيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَلَيْسَ هُوَ دَاخِلًا فِي الْإِيمَانِ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لَا ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أُضِيفَ إِلَى الْإِيمَانِ وَخَرَجَ بِهِ مِنَ الْكُفْرِ ، وَسَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا تَعْقِلُ بِهِ فَضْلَ الْإِيمَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ .
أَرَأَيْتَ لَوْ أَبْصَرْتَ رَجُلًا فِي الْمَسْجِدِ ، أَكُنْتَ تَشْهَدُ أَنَّكَ رَأَيْتَهُ فِي الْكَعْبَةِ ؟
فَقِيلَ لَهُ : لَا يَجُوزُ لِي ذَلِكَ .
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : فَلَوْ أَبْصَرْتَ رَجُلًا فِي الْكَعْبَةِ ، أَكُنْتَ شَاهِداً أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ؟
فَقِيلَ لَهُ : نَعَمْ !
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟
فَقِيلَ لَهُ : لَا يَصِلُ إِلَى دُخُولِ الْكَعْبَةِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ .
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ ! كَذَلِكَ الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ .
المصدر : (الكافي : ج2، ص26.)
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّمَا يَعْرِفُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَعْبُدُهُ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَعَرَفَ إِمَامَهُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَمَنْ لَا يَعْرِفِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَعْرِفِ الْإِمَامَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ، فَإِنَّمَا يَعْرِفُ وَيَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ هَكَذَا وَاللَّهِ ضَلَالًا .
المصدر : (الكافي : ج1، ص181.)
عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ الْقَلْبَ لَيَتَرَجَّجُ فِيمَا بَيْنَ الصَّدْرِ وَالْحَنْجَرَةِ حَتَّى يُعْقَدَ عَلَى الْإِيمَانِ ، فَإِذَا عُقِدَ عَلَى الْإِيمَانِ قَرَّ ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ . قَالَ يَسْكُنُ .
المصدر : (البحار : ج65، ص255 ، عن المحاسن.)
رُوِيَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رَجُلٌ .
قَالَ لَهُ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : مِنْ مُحِبِّيكُمْ وَمَوَالِيكُمْ .
فَقَالَ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لَا يُحِبُّ اللَّهُ عَبْداً حَتَّى يَتَوَلَّاهُ ، وَلَا يَتَوَلَّاهُ حَتَّى يُوجِبَ لَهُ الْجَنَّةَ . ثُمَّ قَالَ لَهُ : مِنْ أَيِّ مُحِبِّينَا أَنْتَ ؟
فَسَكَتَ الرَّجُلُ وَقِيلَ لِلْإِمَامِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : وَكَمْ مُحِبُّوكُمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ ، طَبَقَةٌ أَحَبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَلَمْ يُحِبُّونَا فِي السِّرِّ ، وَطَبَقَةٌ يُحِبُّونَنَا فِي السِّرِّ وَلَمْ يُحِبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ ، وَطَبَقَةٌ يُحِبُّونَنَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ هُمُ النَّمَطُ الْأَعْلَى ، شَرِبُوا مِنَ الْعَذْبِ الْفُرَاتِ وَعَلِمُوا تَأْوِيلَ الْكِتَابِ وَفَصْلَ الْخِطَابِ وَسَبَبَ الْأَسْبَابِ فَهُمُ النَّمَطُ الْأَعْلَى ، الْفَقْرُ وَالْفَاقَةُ وَأَنْوَاعُ الْبَلَاءِ أَسْرَعُ إِلَيْهِمْ مِنْ رَكْضِ الْخَيْلِ ، مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا وَفُتِنُوا فَمِنْ بَيْنِ مَجْرُوحٍ وَمَذْبُوحٍ مُتَفَرِّقِينَ فِي كُلِّ بِلَادٍ قَاصِيَةٍ ، بِهِمْ يَشْفِي اللَّهُ السَّقِيمَ وَيُغْنِي الْعَدِيمَ وَبِهِمْ تُنْصَرُونَ وَبِهِمْ تُمْطَرُونَ وَبِهِمْ تُرْزَقُونَ وَهُمُ الْأَقَلُّونَ عَدَداً الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً وَخَطَراً .
وَالطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ النَّمَطُ الْأَسْفَلُ ، أَحَبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَسَارُوا بِسِيرَةِ الْمُلُوكِ ، فَأَلْسِنَتُهُمْ مَعَنَا وَسُيُوفُهُمْ عَلَيْنَا .
وَالطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ النَّمَطُ الْأَوْسَطُ ، أَحَبُّونَا فِي السِّرِّ وَلَمْ يُحِبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ ، وَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانُوا أَحَبُّونَا فِي السِّرِّ دُونَ الْعَلَانِيَةِ ، فَهُمُ الصَّوَّامُونَ بِالنَّهَارِ الْقَوَّامُونَ بِاللَّيْلِ تَرَى أَثَرَ الرَّهْبَانِيَّةِ فِي وُجُوهِهِمْ ، أَهْلُ سِلْمٍ وَانْقِيَادٍ .
فَقَالَ الرَّجُلُ : فَأَنَا مِنْ مُحِبِّيكُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ .
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : إِنَّ لِمُحِبِّينَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا .
قَالَ الرَّجُلُ : وَمَا تِلْكَ الْعَلَامَاتُ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : تِلْكَ خِلَالٌ أَوَّلُهَا أَنَّهُمْ عَرَفُوا التَّوْحِيدَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَأَحْكَمُوا عِلْمَ تَوْحِيدِهِ ، وَالْإِيمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا هُوَ وَمَا صِفَتُهُ ، ثُمَّ عَلِمُوا حُدُودَ الْإِيمَانِ وَحَقَائِقَهُ وَشُرُوطَهُ وَتَأْوِيلَهُ .
فَقِيلَ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، مَا سَمِعْتُكَ تَصِفُ الْإِيمَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ؟!
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : نَعَمْ يَا سَدِيرُ ، لَيْسَ لِلسَّائِلِ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ حَتَّى يَعْلَمَ الْإِيمَانَ بِمَنْ .
فَقِيلَ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُفَسِّرَ مَا قُلْتَ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللَّهَ بِتَوَهُّمِ الْقُلُوبِ فَهُوَ مُشْرِكٌ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللَّهَ بِالاسْمِ دُونَ الْمَعْنَى فَقَدْ أَقَرَّ بِالطَّعْنِ ، لِأَنَّ الِاسْمَ مُحْدَثٌ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ الِاسْمَ وَالْمَعْنَى فَقَدْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ شَرِيكاً .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ الْمَعْنَى بِالصِّفَةِ لَا بِالْإِدْرَاكِ ، فَقَدْ أَحَالَ عَلَى غَائِبٍ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ الصِّفَةَ وَالْمَوْصُوفَ فَقَدْ أَبْطَلَ التَّوْحِيدَ ، لِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُضِيفُ الْمَوْصُوفَ إِلَى الصِّفَةِ فَقَدْ صَغَّرَ الْكَبِيرَ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ .
قِيلَ لَهُ : فَكَيْفَ سَبِيلُ التَّوْحِيدِ ؟!
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : بَابُ الْبَحْثِ مُمْكِنٌ وَطَلَبُ الْمَخْرَجِ مَوْجُودٌ ، إِنَّ مَعْرِفَةَ عَيْنِ الشَّاهِدِ قَبْلَ صِفَتِهِ وَمَعْرِفَةَ صِفَةِ الْغَائِبِ قَبْلَ عَيْنِهِ .
قِيلَ : وَكَيْفَ تُعْرَفُ عَيْنُ الشَّاهِدِ قَبْلَ صِفَتِهِ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : تَعْرِفُهُ وَتَعْلَمُ عِلْمَهُ ، وَتَعْرِفُ نَفْسَكَ بِهِ وَلَا تَعْرِفُ نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِكَ ، وَتَعْلَمُ أَنَّ مَا فِيهِ لَهُ وَبِهِ كَمَا قَالُوا لِيُوسُفَ : ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي﴾ ، فَعَرَفُوهُ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ بِغَيْرِهِ ، وَلَا أَثْبَتُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِتَوَهُّمِ الْقُلُوبِ .
أَمَا تَرَى اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : ﴿مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا﴾ ، يَقُولُ لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَنْصِبُوا إِمَاماً مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِكُمْ تُسَمُّونَهُ مُحِقّاً بِهَوَى أَنْفُسِكُمْ وَإِرَادَتِكُمْ .
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : ثَلَاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ، مَنْ أَنْبَتَ شَجَرَةً لَمْ يُنْبِتْهُ اللَّهُ (يَعْنِي مَنْ نَصَبَ إِمَاماً لَمْ يَنْصِبْهُ اللَّهُ) أَوْ جَحَدَ مَنْ نَصَبَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لِهَذَيْنِ سَهْماً فِي الْإِسْلَامِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ : ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ .
المصدر : (البحار : ج65، ص275، عن تحف العقول.)
عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ :
دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَوْماً ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ :
يَا سَلْمَانُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً وَلَا رَسُولًا إِلَّا جَعَلَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَقَدْ عَرَفْتُ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ .
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، فَهَلْ عَلِمْتَ مَنْ نُقَبَائِي الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِلْإِمَامَةِ مِنْ بَعْدِي ؟
فَقُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ !
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، خَلَقَنِيَ اللَّهُ مِنْ صَفْوَةِ نُورِهِ ، وَدَعَانِي فَأَطَعْتُهُ ، وَخَلَقَ مِنْ نُورِي عَلِيّاً (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ، فَدَعَاهُ فَأَطَاعَهُ ، وَخَلَقَ مِنْ نُورِي وَنُورِ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) ، فَدَعَاهَا فَأَطَاعَتْهُ ، وَخَلَقَ مِنِّي وَمِنْ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا) ، فَدَعَاهُمَا فَأَطَاعَا . فَسَمَّانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِخَمْسَةِ أَسْمَاءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ : فَاللَّهُ الْمَحْمُودُ وَأَنَا مُحَمَّدٌ وَاللَّهُ الْعَلِيُّ وَهَذَا عَلِيٌّ وَاللَّهُ فَاطِرٌ وَهَذِهِ فَاطِمَةُ وَاللَّهُ ذُو الْإِحْسَانِ وَهَذَا الْحَسَنُ وَاللَّهُ الْمُحْسِنُ وَهَذَا الْحُسَيْنُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ) . ثُمَّ خَلَقَ مِنَّا وَمِنْ نُورِ الْحُسَيْنِ تِسْعَةَ أَئِمَّةٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) ، فَدَعَاهُمْ فَأَطَاعُوا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَاءً مَبْنِيَّةً وَأَرْضاً مَدْحِيَّةً أَوْ هَوَاءً أَوْ مَاءً أَوْ مَلَكاً أَوْ بَشَراً ، وَكُنَّا بِعِلْمِهِ أَنْوَاراً نُسَبِّحُهُ وَنَسْمَعُ لَهُ وَنُطِيعُ .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا لِمَنْ عَرَفَ هَؤُلَاءِ ؟!
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، مَنْ عَرَفَهُمْ حَقَّ مَعْرِفَتِهِمْ وَاقْتَدَى بِهِمْ فَوَالَى وَلِيَّهُمْ وَتَبَرَّأَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَهُوَ وَاللَّهِ مِنَّا ، يَرِدُ حَيْثُ نَرِدُ وَيَسْكُنُ حَيْثُ نَسْكُنُ .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَهَلْ يَكُونُ إِيمَانٌ بِهِمْ بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ ؟
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : لَا يَا سَلْمَانُ .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَنَّى لِي بِهِمْ ؟
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : قَدْ عَرَفْتَ إِلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، قَالَ ثُمَّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَاقِرُ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِسَانُ اللَّهِ الصَّادِقُ ، ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْكَاظِمُ غَيْظَهُ صَبْراً فِي اللَّهِ ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الرِّضَا لِأَمْرِ اللَّهِ ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْمُخْتَارُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْهَادِي إِلَى اللَّهِ ، ثُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الصَّامِتُ الْأَمِينُ عَلَى دِينِ اللَّهِ ، ثُمَّ محمد سَمَّاهُ بِاسْمِهِ ابْنُ الْحَسَنِ الْمَهْدِيُّ (عَجَّلَ اللَّهُ تَعَالَى فَرَجَهُ) النَّاطِقُ الْقَائِمُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى .
فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَنَّى لِسَلْمَانَ لِإِدْرَاكِهِمْ ؟!
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، إِنَّكَ مُدْرِكُهُمْ وَأَمْثَالُكَ وَمَنْ تَوَلَّاهُمْ حَقِيقَةَ الْمَعْرِفَةِ .
فَشَكَرْتُ اللَّهَ كَثِيراً ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي مُؤَجَّلٌ إِلَى عَهْدِهِمْ .
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، اقْرَأْ : ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ .
فَاشْتَدَّ بُكَائِي وَشَوْقِي وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِعَهْدٍ مِنْكَ ؟
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : إِي وَالَّذِي أَرْسَلَ مُحَمَّداً (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ، إِنَّهُ لَبِعَهْدٍ مِنِّي وَلِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَتِسْعَةِ أَئِمَّةٍ وَكُلِّ مَنْ هُوَ مِنَّا وَمَظْلُومٌ فِينَا . إِي وَاللَّهِ يَا سَلْمَانُ ، ثُمَّ لَيَحْضُرَنَّ إِبْلِيسُ وَجُنُودُهُ وَكُلُّ مَنْ مَحَضَ الْإِيمَانَ مَحْضاً وَمَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً حَتَّى يُؤْخَذَ بِالْقِصَاصِ وَالْأَوْتَارِ وَالثَّارَاتِ ، وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً وَنَحْنُ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ : ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ﴾ .
قَقُمْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) .
قَالَ الرَّاوِي (رَحِمَهُ اللَّهُ) : (وَمَا يُبَالِي سَلْمَانُ مَتَى لَقِيَ الْمَوْتَ أَوْ لَقِيَهُ) .
المصدر : (بحار الأنوار : ج53، ص142.)
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْإِسْلَامَ دِينَهُ ، وَجَعَلَ كَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ حُسْناً لَهُ ، فَمَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَشَهِدَ شَهَادَتَنَا وَأَحَلَّ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ مُسْلِمٌ ، لَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا .
المصدر : (نوادر الراوندي : ص21.)
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
مَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا وَآمَنَ بِنَبِيِّنَا وَشَهِدَ شَهَادَتَنَا دَخَلَ فِي دِينِنَا ، أَجْرَيْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَحُدُودَ الْإِسْلَامِ ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى ، أَلَا وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلَ الثَّوَابِ وَأَحْسَنَ الْجَزَاءِ وَالْمَآبِ .
المصدر : (الكافي : ج8، ص361. | مشكاة الأنوار : ص38.)
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
مَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَقَاتَلَ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا بِيَدِهِ فَهُوَ مَعَنَا فِي الْجَنَّةِ فِي دَرَجَتِنَا ، وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَنَا بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَنَا أَعْدَاءَنَا فَهُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ بِدَرَجَةٍ ، وَمَنْ أَحَبَّنَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُعِنَّا بِلِسَانِهِ وَلَابِيَدِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ .
وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَأَعَانَ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ فَهُوَ مَعَ عَدُوِّنَا فِي النَّارِ ، وَمَنْ أَبْغَضَنَا بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُعِنْ عَلَيْنَا بِلِسَانِهِ وَلَا بِيَدِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ .
ثُمَّ قَالَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : أَنَا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَالُ يَعْسُوبُ الظَّلَمَةِ . وَاللَّهِ ، لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ .
المصادر : (الخصال : ج2، ص164. | البحار : ج27، ص89.)
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ، بَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ ، وَبَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ الشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ ، وَخَمْسَةُ أَبْوَابٍ يَدْخُلُ مِنْهَا شِيعَتُنَا وَمُحِبُّونَا ، فَلَا أَزَالُ وَاقِفاً عَلَى الصِّرَاطِ أَدْعُو وَأَقُولُ رَبِّ سَلِّمْ شِيعَتِي وَمُحِبِّيَّ وَأَنْصَارِي وَمَنْ تَوَالانِي فِي دَارِ الدُّنْيَا . فَإِذَا النِّدَاءُ مِنْ بُطْنَانِ الْعَرْشِ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكَ وَشُفِّعْتَ فِي شِيعَتِكَ . وَيَشْفَعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ شِيعَتِي وَمَنْ تَوَلَّانِي وَنَصَرَنِي وَحَارَبَ مَنْ حَارَبَنِي بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ فِي سَبْعِينَ أَلْفاً مِنْ جِيرَانِهِ وَأَقْرِبَائِهِ ، وَبَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ مِقْدَارُ ذَرَّةٍ مِنْ بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ .
المصدر : (البحار : ج8، ص121، عن الخصال.)
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
الْإِيمَانُ مَا اسْتَقَرَّ فِي الْقَلْبِ ، وَأَفْضَى بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ .
وَالْإِسْلَامُ مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنَ الْفِرَقِ كُلِّهَا ، وَبِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ وَعَلَيْهِ جَرَتِ الْمَوَارِيثُ وَجَازَ النِّكَاحُ وَاجْتَمَعُوا عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ ، فَخَرَجُوا بِذَلِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَأُضِيفُوا إِلَى الْإِيمَانِ .
وَالْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ وَالْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ ، وَهُمَا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ يَجْتَمِعَانِ كَمَا صَارَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ فِي الْكَعْبَةِ ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَالْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَ : ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ ، فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْدَقُ الْقَوْلِ .
فَقِيلَ لَهُ : فَهَلْ لِلْمُؤْمِنِ فَضْلٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْأَحْكَامِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لَا ، هُمَا يَجْرِيَانِ فِي ذَلِكَ مَجْرًى وَاحِداً ، وَلَكِنْ لِلْمُؤْمِنِ فَضْلٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي أَعْمَالِهِمَا وَمَا يَتَقَرَّبَانِ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
فَقِيلَ لَهُ : أَلَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِهَا﴾ ؟
وَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ مَعَ الْمُؤْمِنِ !
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَ : ﴿فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾ ؟ فَالْمُؤْمِنُونَ هُمُ الَّذِينَ يُضَاعِفُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ حَسَنَاتِهِمْ لِكُلِّ حَسَنَةٍ سَبْعِينَ ضِعْفاً ، فَهَذَا فَضْلُ الْمُؤْمِنِ ، وَيَزِيدُ اللَّهُ فِي حَسَنَاتِهِ عَلَى قَدْرِ صِحَّةِ إِيمَانِهِ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَيَفْعَلُ اللَّهُ بِالْمُؤْمِنِينَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْخَيْرِ .
فَقِيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَلَيْسَ هُوَ دَاخِلًا فِي الْإِيمَانِ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لَا ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أُضِيفَ إِلَى الْإِيمَانِ وَخَرَجَ بِهِ مِنَ الْكُفْرِ ، وَسَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا تَعْقِلُ بِهِ فَضْلَ الْإِيمَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ .
أَرَأَيْتَ لَوْ أَبْصَرْتَ رَجُلًا فِي الْمَسْجِدِ ، أَكُنْتَ تَشْهَدُ أَنَّكَ رَأَيْتَهُ فِي الْكَعْبَةِ ؟
فَقِيلَ لَهُ : لَا يَجُوزُ لِي ذَلِكَ .
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : فَلَوْ أَبْصَرْتَ رَجُلًا فِي الْكَعْبَةِ ، أَكُنْتَ شَاهِداً أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ؟
فَقِيلَ لَهُ : نَعَمْ !
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟
فَقِيلَ لَهُ : لَا يَصِلُ إِلَى دُخُولِ الْكَعْبَةِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ .
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ ! كَذَلِكَ الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ .
المصدر : (الكافي : ج2، ص26.)
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّمَا يَعْرِفُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَعْبُدُهُ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَعَرَفَ إِمَامَهُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَمَنْ لَا يَعْرِفِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَعْرِفِ الْإِمَامَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ، فَإِنَّمَا يَعْرِفُ وَيَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ هَكَذَا وَاللَّهِ ضَلَالًا .
المصدر : (الكافي : ج1، ص181.)
عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ الْقَلْبَ لَيَتَرَجَّجُ فِيمَا بَيْنَ الصَّدْرِ وَالْحَنْجَرَةِ حَتَّى يُعْقَدَ عَلَى الْإِيمَانِ ، فَإِذَا عُقِدَ عَلَى الْإِيمَانِ قَرَّ ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ . قَالَ يَسْكُنُ .
المصدر : (البحار : ج65، ص255 ، عن المحاسن.)
رُوِيَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) رَجُلٌ .
قَالَ لَهُ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : مِنْ مُحِبِّيكُمْ وَمَوَالِيكُمْ .
فَقَالَ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لَا يُحِبُّ اللَّهُ عَبْداً حَتَّى يَتَوَلَّاهُ ، وَلَا يَتَوَلَّاهُ حَتَّى يُوجِبَ لَهُ الْجَنَّةَ . ثُمَّ قَالَ لَهُ : مِنْ أَيِّ مُحِبِّينَا أَنْتَ ؟
فَسَكَتَ الرَّجُلُ وَقِيلَ لِلْإِمَامِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : وَكَمْ مُحِبُّوكُمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ ، طَبَقَةٌ أَحَبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَلَمْ يُحِبُّونَا فِي السِّرِّ ، وَطَبَقَةٌ يُحِبُّونَنَا فِي السِّرِّ وَلَمْ يُحِبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ ، وَطَبَقَةٌ يُحِبُّونَنَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ هُمُ النَّمَطُ الْأَعْلَى ، شَرِبُوا مِنَ الْعَذْبِ الْفُرَاتِ وَعَلِمُوا تَأْوِيلَ الْكِتَابِ وَفَصْلَ الْخِطَابِ وَسَبَبَ الْأَسْبَابِ فَهُمُ النَّمَطُ الْأَعْلَى ، الْفَقْرُ وَالْفَاقَةُ وَأَنْوَاعُ الْبَلَاءِ أَسْرَعُ إِلَيْهِمْ مِنْ رَكْضِ الْخَيْلِ ، مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا وَفُتِنُوا فَمِنْ بَيْنِ مَجْرُوحٍ وَمَذْبُوحٍ مُتَفَرِّقِينَ فِي كُلِّ بِلَادٍ قَاصِيَةٍ ، بِهِمْ يَشْفِي اللَّهُ السَّقِيمَ وَيُغْنِي الْعَدِيمَ وَبِهِمْ تُنْصَرُونَ وَبِهِمْ تُمْطَرُونَ وَبِهِمْ تُرْزَقُونَ وَهُمُ الْأَقَلُّونَ عَدَداً الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً وَخَطَراً .
وَالطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ النَّمَطُ الْأَسْفَلُ ، أَحَبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَسَارُوا بِسِيرَةِ الْمُلُوكِ ، فَأَلْسِنَتُهُمْ مَعَنَا وَسُيُوفُهُمْ عَلَيْنَا .
وَالطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ النَّمَطُ الْأَوْسَطُ ، أَحَبُّونَا فِي السِّرِّ وَلَمْ يُحِبُّونَا فِي الْعَلَانِيَةِ ، وَلَعَمْرِي لَئِنْ كَانُوا أَحَبُّونَا فِي السِّرِّ دُونَ الْعَلَانِيَةِ ، فَهُمُ الصَّوَّامُونَ بِالنَّهَارِ الْقَوَّامُونَ بِاللَّيْلِ تَرَى أَثَرَ الرَّهْبَانِيَّةِ فِي وُجُوهِهِمْ ، أَهْلُ سِلْمٍ وَانْقِيَادٍ .
فَقَالَ الرَّجُلُ : فَأَنَا مِنْ مُحِبِّيكُمْ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ .
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : إِنَّ لِمُحِبِّينَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا .
قَالَ الرَّجُلُ : وَمَا تِلْكَ الْعَلَامَاتُ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : تِلْكَ خِلَالٌ أَوَّلُهَا أَنَّهُمْ عَرَفُوا التَّوْحِيدَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَأَحْكَمُوا عِلْمَ تَوْحِيدِهِ ، وَالْإِيمَانُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا هُوَ وَمَا صِفَتُهُ ، ثُمَّ عَلِمُوا حُدُودَ الْإِيمَانِ وَحَقَائِقَهُ وَشُرُوطَهُ وَتَأْوِيلَهُ .
فَقِيلَ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، مَا سَمِعْتُكَ تَصِفُ الْإِيمَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ؟!
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : نَعَمْ يَا سَدِيرُ ، لَيْسَ لِلسَّائِلِ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ حَتَّى يَعْلَمَ الْإِيمَانَ بِمَنْ .
فَقِيلَ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُفَسِّرَ مَا قُلْتَ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللَّهَ بِتَوَهُّمِ الْقُلُوبِ فَهُوَ مُشْرِكٌ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللَّهَ بِالاسْمِ دُونَ الْمَعْنَى فَقَدْ أَقَرَّ بِالطَّعْنِ ، لِأَنَّ الِاسْمَ مُحْدَثٌ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ الِاسْمَ وَالْمَعْنَى فَقَدْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ شَرِيكاً .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ الْمَعْنَى بِالصِّفَةِ لَا بِالْإِدْرَاكِ ، فَقَدْ أَحَالَ عَلَى غَائِبٍ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْبُدُ الصِّفَةَ وَالْمَوْصُوفَ فَقَدْ أَبْطَلَ التَّوْحِيدَ ، لِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُضِيفُ الْمَوْصُوفَ إِلَى الصِّفَةِ فَقَدْ صَغَّرَ الْكَبِيرَ وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ .
قِيلَ لَهُ : فَكَيْفَ سَبِيلُ التَّوْحِيدِ ؟!
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : بَابُ الْبَحْثِ مُمْكِنٌ وَطَلَبُ الْمَخْرَجِ مَوْجُودٌ ، إِنَّ مَعْرِفَةَ عَيْنِ الشَّاهِدِ قَبْلَ صِفَتِهِ وَمَعْرِفَةَ صِفَةِ الْغَائِبِ قَبْلَ عَيْنِهِ .
قِيلَ : وَكَيْفَ تُعْرَفُ عَيْنُ الشَّاهِدِ قَبْلَ صِفَتِهِ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : تَعْرِفُهُ وَتَعْلَمُ عِلْمَهُ ، وَتَعْرِفُ نَفْسَكَ بِهِ وَلَا تَعْرِفُ نَفْسَكَ بِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِكَ ، وَتَعْلَمُ أَنَّ مَا فِيهِ لَهُ وَبِهِ كَمَا قَالُوا لِيُوسُفَ : ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي﴾ ، فَعَرَفُوهُ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ بِغَيْرِهِ ، وَلَا أَثْبَتُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِتَوَهُّمِ الْقُلُوبِ .
أَمَا تَرَى اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : ﴿مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا﴾ ، يَقُولُ لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَنْصِبُوا إِمَاماً مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِكُمْ تُسَمُّونَهُ مُحِقّاً بِهَوَى أَنْفُسِكُمْ وَإِرَادَتِكُمْ .
ثُمَّ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : ثَلَاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ، مَنْ أَنْبَتَ شَجَرَةً لَمْ يُنْبِتْهُ اللَّهُ (يَعْنِي مَنْ نَصَبَ إِمَاماً لَمْ يَنْصِبْهُ اللَّهُ) أَوْ جَحَدَ مَنْ نَصَبَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لِهَذَيْنِ سَهْماً فِي الْإِسْلَامِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ : ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ .
المصدر : (البحار : ج65، ص275، عن تحف العقول.)
عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ :
دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَوْماً ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ :
يَا سَلْمَانُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً وَلَا رَسُولًا إِلَّا جَعَلَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَقَدْ عَرَفْتُ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ .
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، فَهَلْ عَلِمْتَ مَنْ نُقَبَائِي الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِلْإِمَامَةِ مِنْ بَعْدِي ؟
فَقُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ !
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، خَلَقَنِيَ اللَّهُ مِنْ صَفْوَةِ نُورِهِ ، وَدَعَانِي فَأَطَعْتُهُ ، وَخَلَقَ مِنْ نُورِي عَلِيّاً (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ، فَدَعَاهُ فَأَطَاعَهُ ، وَخَلَقَ مِنْ نُورِي وَنُورِ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) ، فَدَعَاهَا فَأَطَاعَتْهُ ، وَخَلَقَ مِنِّي وَمِنْ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا) ، فَدَعَاهُمَا فَأَطَاعَا . فَسَمَّانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِخَمْسَةِ أَسْمَاءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ : فَاللَّهُ الْمَحْمُودُ وَأَنَا مُحَمَّدٌ وَاللَّهُ الْعَلِيُّ وَهَذَا عَلِيٌّ وَاللَّهُ فَاطِرٌ وَهَذِهِ فَاطِمَةُ وَاللَّهُ ذُو الْإِحْسَانِ وَهَذَا الْحَسَنُ وَاللَّهُ الْمُحْسِنُ وَهَذَا الْحُسَيْنُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ) . ثُمَّ خَلَقَ مِنَّا وَمِنْ نُورِ الْحُسَيْنِ تِسْعَةَ أَئِمَّةٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) ، فَدَعَاهُمْ فَأَطَاعُوا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَاءً مَبْنِيَّةً وَأَرْضاً مَدْحِيَّةً أَوْ هَوَاءً أَوْ مَاءً أَوْ مَلَكاً أَوْ بَشَراً ، وَكُنَّا بِعِلْمِهِ أَنْوَاراً نُسَبِّحُهُ وَنَسْمَعُ لَهُ وَنُطِيعُ .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا لِمَنْ عَرَفَ هَؤُلَاءِ ؟!
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، مَنْ عَرَفَهُمْ حَقَّ مَعْرِفَتِهِمْ وَاقْتَدَى بِهِمْ فَوَالَى وَلِيَّهُمْ وَتَبَرَّأَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَهُوَ وَاللَّهِ مِنَّا ، يَرِدُ حَيْثُ نَرِدُ وَيَسْكُنُ حَيْثُ نَسْكُنُ .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَهَلْ يَكُونُ إِيمَانٌ بِهِمْ بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ ؟
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : لَا يَا سَلْمَانُ .
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَنَّى لِي بِهِمْ ؟
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : قَدْ عَرَفْتَ إِلَى الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، قَالَ ثُمَّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَاقِرُ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ ، ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِسَانُ اللَّهِ الصَّادِقُ ، ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْكَاظِمُ غَيْظَهُ صَبْراً فِي اللَّهِ ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الرِّضَا لِأَمْرِ اللَّهِ ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْمُخْتَارُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الْهَادِي إِلَى اللَّهِ ، ثُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الصَّامِتُ الْأَمِينُ عَلَى دِينِ اللَّهِ ، ثُمَّ محمد سَمَّاهُ بِاسْمِهِ ابْنُ الْحَسَنِ الْمَهْدِيُّ (عَجَّلَ اللَّهُ تَعَالَى فَرَجَهُ) النَّاطِقُ الْقَائِمُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى .
فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَنَّى لِسَلْمَانَ لِإِدْرَاكِهِمْ ؟!
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، إِنَّكَ مُدْرِكُهُمْ وَأَمْثَالُكَ وَمَنْ تَوَلَّاهُمْ حَقِيقَةَ الْمَعْرِفَةِ .
فَشَكَرْتُ اللَّهَ كَثِيراً ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي مُؤَجَّلٌ إِلَى عَهْدِهِمْ .
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا سَلْمَانُ ، اقْرَأْ : ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ .
فَاشْتَدَّ بُكَائِي وَشَوْقِي وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِعَهْدٍ مِنْكَ ؟
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : إِي وَالَّذِي أَرْسَلَ مُحَمَّداً (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ) ، إِنَّهُ لَبِعَهْدٍ مِنِّي وَلِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَتِسْعَةِ أَئِمَّةٍ وَكُلِّ مَنْ هُوَ مِنَّا وَمَظْلُومٌ فِينَا . إِي وَاللَّهِ يَا سَلْمَانُ ، ثُمَّ لَيَحْضُرَنَّ إِبْلِيسُ وَجُنُودُهُ وَكُلُّ مَنْ مَحَضَ الْإِيمَانَ مَحْضاً وَمَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً حَتَّى يُؤْخَذَ بِالْقِصَاصِ وَالْأَوْتَارِ وَالثَّارَاتِ ، وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً وَنَحْنُ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ : ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ﴾ .
قَقُمْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) .
قَالَ الرَّاوِي (رَحِمَهُ اللَّهُ) : (وَمَا يُبَالِي سَلْمَانُ مَتَى لَقِيَ الْمَوْتَ أَوْ لَقِيَهُ) .
المصدر : (بحار الأنوار : ج53، ص142.)