بِسْم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الطاهرين سيما بقية الله في الأرضين واللعن على اعداءهم الى يوم الدين
... إن تِبيان كلّ شيءٍ في القرآن الكريم، والقرآن يُبيّن أن اختيار (الأحسن) تكليفٌ ووظيفةٌ للجميع لأن غير الأحسن إما حسنٌ وإما قبيح، وفي كليهما الحسرة:
- أما القبيح: فالحسرة على أدائه والإقدام عليه.
- وأما الحسن: فالحسرة فيه على ترك الأحسن.
والنتيجة: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّه (فصلت 33)
إن أيام التبليغ قادمةٌ فاغتنموا العمر واصرفوه في الدعوة لله تعالى، وباب الله تعالى هو ولي العصر وامام الزمان عجل الله فرجه.
وأما كيف ينبغي أن تُصرف أيام التبليغ ؟ ففيما تبينه هاتان الكلمتان اللتان قالهما الله تعالى لموسى بن عمران: فلئن ترد آبقاً عن بابي أو ضالاً عن فنائي أفضل لك من عبادة مائة سنة بصيام نهارها و قيام ليلها.
فهذا أفضل من صيام كليم الله موسى وقيامه !
كل واحدة منهما أفضل من صيام كليم الله ماءة عام كل النهار وقيامه كل الليالي!
الأول هو ان ترد عبدا آبقا للمولى.
فسأل موسى عليه السلام عن تفسير الجملة فجاء الخطاب: العاصي المتمرد، أي أن يتوب العاصي.
الثاني أن يرشد ضالاً.. من هو الضال ؟ قال تعالى لموسى: الجاهل بإمام زمانه فيعرفه.
أي الذي لم يصل لباب ولي العصر.. فالإرشاد إلى هذا الباب هو إرشاد الضال..
وهذه وظيفتكم جميعاً في ايام عاشوراء.
أما يوم سيد الشهداء فماذا كان ؟ ذلك غير قابل للقول..
والحجة في بيان ثامن الأئمة عليه السلام: إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا !
نحن لم ندرك عاشوراء!
هذا كلام ثامن الأئمة أن يوم الحسين أقرح عيوننا.. جرحها..
لكن من كان الحسين عليه السلام ؟
لم يعرفه أحد !
في اليوم الاول الذي جاء فيه للدنيا أعاد لفطرس ريشه وجناحه حتى عرج إلى السماء وصعد للملأ الأعلى !
اما اليوم الأخير فغير قابل للإدراك والقول..
لا يوم كيومك يا أبا عبد الله..
الى أين ذهب في يومه الأخير ؟
ترك ما سوى الله وذهب للملأ الأعلى..
هناك رواية محيرة وهي أن أهل المدينة سمعوا فجاة صوت عویل يأتي من بيت أم سلمة، فاجتمعوا ليعرفوا ما الذي يجري في بيت رسول الله ص، سألوا عن ذلك فقالت: رأيت الان خاتم النبين في الرؤيا حاسر الرأس والقدمين يعلوه الغبار.
قلت: يا رسول الله ما هذه الحالة ؟
قال الان عدت من محل قتله.. كنت أحفر قبراً للحسين..
هذا التراب تراب قبر الحسين..
لم نعرفه عليه السلام !
رسول الله في ليلة المعراج.. وتلك الليلة مهمة الى حد أن الله تعالى ذكر التسبيح لنفسه فيها (سبحان الذي اسرى بعبده ليلا)
قال ص: ذهبت للملأ الأعلى حتى وصلت للسماء السابعة وتجاوزتها، ووصلت للوح وتجاوزته، ووصلت للقلم وتجاوزته، ووصلت للكرسي وهي الكرسي التي (وسع كرسيه السماوات والأرض) وتجاوزت الكرسي، ووصلت للعرش وتجاوزته، ووصلت للحجب: حجاب العظمة وحجاب العزة وحجاب العلم وحجاب الكبرياء وحجاب الجبروت وتجاوزتها كلها..
ووصلت لقاب قوسين او أدنى..
هناك رأيت قد كتب:
ان الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة !
فقه هذا الحديث مفصل لا يسمح الوقت للتعرض له، والمهم فقرتان:
- ان الحسين مصباح الهدى: وهي الجنبة العِلمية
- وسفينة النجاة: وهي الجنبة العَمَلية
مصباح الهداية: فمنتهى آمال جميع الأنبياء والمرسلين رأسه المقطوع !
سفينة النجاة: وجوده المقدس.. وهذه الجنبة العملية..
ولكن متى تظهر سفينة النجاة ؟
عندما تقوم القيامة الكبرى.. إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَديد.
في ذلك اليوم: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلين
أي يوم هو هذا اليوم الذي يُسأل فيه موسى بن عمران وعيسى بن مريم ؟
فصل الخطاب امر واحد: كل واحد من الأنبياء يقول: وانفسي..
الأنبياء والامم كلهم عاجزون..
فجاة يظهر هودج.. ظاهره عفو الله.. باطنه رحمة الله.. ومن هذا الهودج تخرج مخدرة تقف على يمين العرش.
كل الأنبياء والامم قلقون: ما الخبر ؟
فجاة ترفع قميصاً قديماً ملطخاً بالدم وتضعه على رأسها..
يقول جبرئيل: يا أمة الله.. اي فاطمة.. الله تعالى يهديك السلام ويقول اطلبي ما تريدين.. لكن أنزلي هذا القميص عن رأسك..
تقول هناك: يا رب شيعتي..
- ان الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة..
عاشوراء على الأبواب.. فما كان بيان ثامن الأئمة عالم آل محمد ؟
قال: ان يوم الحسين اقرح جفوننا وأسبل دموعنا واذل عزيزنا.
والى أين وصل الامر ؟ لا يمكن قول ذلك..
ستبقى حقيقة هذه المصيبة إلى أن نصل إلى يوم القيامة..
انتم جميعاً من أهل الفقاهة.. تفكّروا في هذه الجمل حول الدم.. الدم الذي قيل عنه:
اشهد..
ما هو المشهود به ؟!
- أشهد أن دمك سكن في الخلد واقشعرت له أظلة العرش وبكى له جميع الخلائق
والقشعريرة في اللغة رجفة خاصة
- وبكت له السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن.. وما يرى و ما لا يرى!
تفكروا جميعاً..
المصيبة التي وقعت على أهل السماوات والأرضين تركت هذا الأثر فيهم !
فماذا فعلت يا ترى في قلب فاطمة الزهراء ؟!
تقول الرواية المعتبرة انها ترى واقعة عاشوراء كل يوم عدة مرات.. ثم يغشى عليها.. هذا ما يجري على الصديقة الكبرى
فما هي وظيفتكم في ايام عاشوراء ؟
أن تبينوا عظمة هذه المصيبة للعالم.
وما تقوم به الهيئات من لطمٍ وضرب بالزناجير كله قليل..
المصيبة وصلت إلى حد أن سيد الكائنات قال: لا يوم كيومك يا ابا عبد الله.
والحمد لله رب العالمين
محاضرة سماحة المرجع الديني الشيخ حسين الوحيد الخراساني حفظه الله قبيل أيام عاشوراء