اللهم صل على محمد وآل محمد
كان في طهران شخص يدعى مصطفى المجنون
وهو لم يك مجنونا حقا بل كان مجنون في العراك و القتال
لم يك لمصطفى المجنون في قتال السكاكين مثيل في زمانه فكان يتغلب على خمسون شخص يريدون قتله و كان له قلب الأسد و يتحدى مائة رجل بدون خوف.
كانت لمصطفى صفة حميدة واحدة و هي أنه كان يتذلل للحسين و كان يترك و يرفع يده عن الحرام و يتأدب في محرم و بهذه الصفة له رابطة بأبي عبد الله الحسين.
وقرر يوما أن يقيم عزاء للحسين في محرم . فجمع أعوانه و قال لهم أريد أن أقيم عزاء للحسين في العشرة الأولى من المحرم فقالوا له لا بأس و ما المانع ؟؟
فقال و من أفضل مقرئي طهران فقالوا له هناك شيخ يدعى الشيخ أحمد صاحب النفس.
صاحب النفس لم يكن أسم عائلته بل لجمال منطقه و مواضيعه يقال أن الحجر يتهشم أمام كلامه.
قال إذهبو للشيخ أحمد صاحب النفس و أطلبوا منه أن يقرأ العشرة الأوائل من المحرم لنا.
أتوا الشيخ و طلبوا منه فضحك و قال بلغوا سلامي و دعائي لمصطفى و قولوا له لقد فرحنا لك انك ستقيم مجلس عزاء للحسين و لكن اليوم هو أواخر ذي الحجة و بعدها بعدة أيام سيبدأ المحرم و قد أعطيت كلمة لأناس أخرين أقرأ لهم.
فقالوا يا شيخ أحمد انت تعرف مصطفى المجنون و لا يستطيع أحد أن يرد طلبه .
فقال الشيخ و هل بإمكانه أن يخالف الإمام الحسين ؟؟
فرجعوا إلى مصطفى و أبلغوه بكلام الشيخ .فأتى مصطفى بنفسه للشيخ و قال قلبي يريدك أن تقرأ العزاء لي فما العمل ؟؟؟
قال الشيخ لقد أعطيت كلمة لأناس فإن قبلوا أن أقرأ لك فلا مانع عندي سواء قرأت لك أو لهم .
قال مصطفى للشيخ أعطني عنوان كبيرهم .
أخذ مصطفى العنوان و ذهب هو و أعوانه لعمدتهم و كلهم يعرفونه و يخافونه فقال مصطفى للعمدة أريد الشيخ أحمد أن يقرأ لي فما تقول ؟؟
فقال العمدة خذه كله لك و سنخطئ إن رفضنا طلبك.
(عندما يريد أحد الخطباء أن يقرأبين أصحابه فإن أغلب الحضور يكونوا من المعممين. و إن كان في هيئة البزازين فإن الحضور يكونوا من البزازين و هكذا القصابين و التجار. و إذا مصطفى المجنون يريد أن يقيم مجلس عزاء فجميع شقاوات طهران يحضرون المجلس.)
ففي اول محرم قال مصطفى المجنون لشيخ أحمد أصعد المنبر
صعد الشيخ أحمد المنبر فشاهد أنه محاط بالشقاوات فتوسل بأبي الفضل العباس أن يعينه و بدأ يقرأ و هو ينظر إلى رجليه من الخوف و كان المستمعون يسمعون مخفضي رؤوسهم إحترام له .
انقضى اليوم الأول إلى التاسع فنادى مصطفى الشيخ أحمد و قدم له كوبا من الشاي و قال له لقد صعدت المنبر تسعة أيام و لم تستطع أن تفهم هؤلاء الشقاوات و لم يتأثروا بكلامك. عليك أن تتكلم بأسلوبهم حتى يفهموك لذا قبل ان تصعد أنت المنبر أريد أن أصعد قبلك بعشر دقائق لألقي عليهم كلمتين و أريدك أن تدعوا لي بأن تؤثر الزهراء عليهم.
جلس مصطفى المجنون على العتبة الأولى من المنبر و جميع الشقاوات في طهران يعترفوا بأن مصطفى المجنون هو كبيرهم .
فقال لهم أجلسوا بأدب و إحترام فأطاعوه فقال إن قلت لكم بأني أكثركم من دخل السجن فهل تقبلون ؟؟ قالوا نعم .فقال و إن قلت أني أكثر من تعارك فهل تقبلون ؟؟
قالوا نعم
قال و إن قلت أني أكثر من طعن بالسكاكين فما تقولون ؟؟ قالوا نعم
قال و إن قلت أني أكثر من شرب الخمر فهل تقبلون ؟؟ قالوا نعم وقال و أني أكثر من إرتكب المعاصي ؟؟؟ قالوا نعم .
قال إذن طأطأوا رؤوسكم فالليلة هي ليلة ختام المجلس و إني سمعت من رجال الدين إنه في آخر ليلة من المجلس أن أم الحسين ستحظر مجلسنا .و لأن السيدة الزهراء ستحضر مجلسنا ،أخفضوا رؤوسكم لأن عرض علي بن أبي طالب ستحضر المجلس ،طأطأ الجميع رؤوسهم
فبدأ مصطفى المجنون كلامه قائلا أيها الأصدقاء بمحضر فاطمة الزهراء أريد أن أقر لكم بهذا الأقرار فأخفضوا رؤوسكم و أسمعوا بسيد الشهداء و بالزهراء المرضية التي هي ضيفتنا الليلة أقسم بأني ذهبت لكثير من الأمكنة و حضرت كثيرا من المجالس و شاهدت كثيرا من الناس ولكني و أمام الزهراء أقول أني بعمري و حياتي لم أرى سيد مثل الإمام الحسين واني لم أرى شخص مثله فهو سيد كبير و صاحب معرفة كثيرة.
أيها الأصدقاء إنكم لن تجدوا أفضل و لا أشرف من الإمام الحسين .
و اليوم أمام أمه الزهراء أريد أن أقول يا حبيبتي الزهراء من اليوم سوف لن تمتد يدي إلى الحرام و الأن و بعد أن جعلتيني خادما لك فلن أسلك طريق الحرام.
فبكى الجميع من كلامه فقال الأن أريد أن أقرأ لكم مجلس من كلمتين قبل أن يصعد الشيخ أحمد المنبر .
قال يا رفاقي إن الذين أتوا إلى كربلاء لقتل الحسين لم يكونوا من الشقاوات و أما نحن الشقاوات فلا نعتدي على البنات و الأطفال.
هؤلاء لم يكونوا شقاوات لكننا نحن الشقاوات لا نرفع يدنا لنضرب إمرأة
إنهم لم يكونوا شقاوات و لكننا نحن الشقاوات لو رأينا عدونا و كنا متعطشين لدمه و نريد تقطيعه بالسكاكين فإذا رأيناه في طريق مع زوجته و مع أطفاله فلا نتعرض له و نقول له إن أطفالك و زوجتك موجودون إذهب في طريقك.
نحن الشقاوات إذا تعاركنا مع أحد و طعناه بالسكين فإن وقع فلن نرفسه بأرجلنا.
فقال مصطفى المجنون إن آخر كلامي أريد أن أقوله إن أكلنا ملح أحد فإننا لن نكسر مملحته.
لقد قتلتوا الحسين فلم مزقتوا ثيابه؟
لقد قتلتوه فلم سحقتوه بحوافر الخيل؟
إن هؤلاء القوم لم يكونوا شقاوات بل كانوا فسقة و دجالون .
هل تعرفون لم أصبحت مصطفى المجنون؟؟
هناك إثنان من مصطفى المجنون فمصطفى الأول كان مجنون العراك و الحرام أما بعد العزاء فقد أصبحت مصطفى مجنون الحسين.
فأن كنتم مجانين الحسين فقولوا يا حسين ياحسين و إذا أصبحتم شقاوات الحسين تعرفوا حرمة الملح على الملح .