اللهم صل على محمد وآل محمد
وبما إن سياسة معاوية كانت قائمة على المراوغة والخداع والتجسس والتضليل الإعلامي فقد أرسل جاسوسين إلى البصرة والكوفة لكن الامام الحسن (عليه السلام) سرعان ما كشف أمرهما دونما أن يخبره أحد بذلك وقتلهما ، ثم أرسل كتاباً إلى معاوية يعلمه فيه بالجاسوسين فكانت صفعة قاسية منه (عليه السلام) بحق ذلك الثعلب الماكر فلم يتحمّل فأرسل إلى ولاة البلاد المسيطر عليها بإرسال الجيوش إليه ليقاتل الإمام الحسن عليه السلام.
وبمجرّد سماع الامام (عليه السلام) بحركة معاوية للحرب أمر هو الآخر بالتحرك والتهيؤ لها ووضع الخطّة العسكرية اللاّزمة لمجابهة جيش معاوية ، فقدّم للجيش مقدّمة في اثني عشر ألفاً ، وولّى عليهم عبيد الله بن العباس ثم قيس بن سعد ، ويكشف قراره في جعل الإمارة مترتّبة عن حنكته (عليه السلام) العسكرية وحكمته السياسية، إذ لو أمّر عليهم واحداً فبمجرّد سقوطه يضيع الجيش.
وقد إختار (عليه السلام) بلاد ساباط لينزل فيها لإنتظار التحاق بقية الجيش به من جهة و ليتطلع إلى أخبار المقدّمة المرسلة من جهة أخرى. ولإختبار أصحابه في بلاد ساباط ليعرف مقدار طاعتهم وولاءهم له وليعرّفهم أنفسهم وليلقي الحجّة عليهم من جهة ثالثة ، فألقى عليهم خطبة قصيرة تضمّنت الحث على طاعته وعدم مخالفة أمره وانّه ناظر لما فيه الخير والصلاح لهم. فظنوا إنه يريد بخطابه ذلك المصالحة لمعاوية ، فشدّوا على فسطاطه فانتهبوه حتى أخذوا مصلاّه من تحته ورداءه من عاتقه ، وجرحه رجل بخنجر في فخذه فشقّه حتّى بلغ العظم.
وبذلك كشف مقدار إمكانية إعتماده عليهم فيما لو خاض بهم الحرب مع معاوية ، وهم الذين لم تمضِ سوى أيام قلائل على مبايعتهم له بالطاعة والولاء والسلم لمَن سالمه والحرب لمَن حاربه !!!
وأما جيشه (عليه السلام) فقد تسلّل الكثير من أفراده إلى صفوف معاوية أو إلى الكوفة ، بل إن بعضهم كتب إلى معاوية بالطاعة وهم من الشخصيات الذين نقضوا بيعة الإمام الحسن (عليه السلام) سرّاً واتفقوا على قتله إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً.
-------------------------
يتبع