اللهم صل على محمد وآل محمد
قال الإمام الحسين عليه السلام (اللهم اطلب بدم ابن بنت نبيك).
يناقش البحث هنا قضية الاهتمام بالتراث والنظر إليه عندما نتطلع إلى المستقبل
وذلك من خلال تسليط الضوء على مقاطع تنص على أنّ المهدي عليه السلام هو صاحب الثار الحسيني، وان طلب الثار هو ثقافة المستقبل الذي يشكل الانتظار أهم حلقاته وهذا لا يتم إلاّ بالرجوع إلى الوراء. وهذا معناه لابدية أن يكون الماضي حاضرا في ذهنية أي فرد يريد أن يكون مهدويا، بمعنى أن يكون من أتباع الإمام عليه السلام ويفهم حركته.
وهناك ملاحظة لابدّ من الالتفات إليها والتنبيه عليها قبل الخوض في مفردات البحث هي أنّ فكرة طلب الثأر رُوّج لها سلباً على نطاق واسع حتى أضحت عندما تطلق وكأنما يراد بها طرفاً بعينه ومجتمعاً خاصاً، وإنّها إنّما جاءت لضيق عاشه التشيع، وللخروج من ذلك أوجدوا فكرة الانتقام.
وبطبيعة الحال بحثنا ليس في هذه المفردة من حيث مدلولها السلبي وإنّما نريد أن نتحدث عنها باعتبارها عنصراً من ثقافة الانتظار، ولكن لأجل رفع هذا اللبس أشير إشارة عابرة إلى أنّ الأخذ بزمام العدل وإزاحة بؤر الظلم المتراكم على طول خط مسيرة التاريخ هو ليس ثأراً انتقامياً ولن يكون كذلك بأية حال من الأحوال، وقد سلطت الروايات الضوء على لون الثأر وخصوصياته، وبيّنت كيف يكون ثأراً بعيدا عن النوازع الشخصية، وغير موجه الى جهة بعينها وجماعة من الناس بعينهم بما هم، وإنّما هذا الثأر موجه إلى من يحمل فكر العدوان، من أي لون كان ويحمل فكر إقصاء الآخر وموجه إلى من يجعل الجور وسحق الحقوق ميزاناً له في التفكير والممارسة.
يقول الإمام الرضا عليه السلام عندما سئل هذا السؤال: (يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السلام يقول: (إذا خرج القائم عليه السلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام ...) فقال الرضا عليه السلام: هو كذلك!.
فقلت: فقول الله عزوجل (وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) فقال عليه السلام: صدق الله في جميع أحواله لكن ذراري قتلة الحسين يرضون أفعال آبائهم ويفتخرون بها ومن رضي شيئا كان كمن آتاه ولو أن رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله شريك القاتل، وإنما يقاتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضائهم لفعل آبائهم). وطبيعي أنّ معنى الرضا بهذه الأفعال والذي يتوقف عليه قتلهم إنما هو ذلك الرضا الذي يحفز صاحبه ويوجد في نفسه عقيدة تجعله يقوم بقتل الحسين عليه السلام حتى ولو خرج الآن وفي هذا الزمان -كما سمعت أنا من أحد المشايخ في بعض الدول العربية يقول: انّه لو خرج الحسين عليه السلام الآن وكان يزيد موجوداً وحاكماً وأمرني بقتله لقتلته- وهذا هو الفرد المقابل للفرد الآتي ذكره في البحث والذي يتمنى أن يُقتل تحت راية الحسين عليه السلام، ولكنه لم يتمكن من ذلك لبعد الزمان فسننظر حاله عندما نتناوله.