حَادثةٌ آلمَتني
استدعوني صباحاً لمعاينة مريض راقد في ردهة الطوارئ، مغمى عليه لا يعرف المسعف ما ألمّ به،
جاءت عمته مع أحد العاملين للمشفى.
شاب هزيل يبدو عليه سوء التغذية وفقر الدم الحاد مع حركات عشوائية في الأطراف وعدم استقرار،
عمره ما يقارب الخامسة عشرة، تارك للدراسة.
في البداية شككت أنه مصاب بداء السكر أو اضطراب في الضغط أو في الدماغ، وبعد إجراء كلّ ما يتوفر لدينا
من قياس الضغط والسكر والنبض ودراسة حالة الوعي لديه تبيّن أنه سليم من كلّ النواحي،
فهو مصاب بحالة نفسية أصابته حديثاً نسميها بالهستريا، وهي ادّعاء المرض للهروب من مشكلة معينة،
وبعد الاستفسار من عمته تبيّن أنه ينوي البقاء معها ولا يريد العودة إلى بيته بعد أن أحسّ بالاطمئنان
ولو لأيام في بيت العمة، حيث إن الوالدين مشغولان بمشاكلهما التي أدّت إلى الانفصال
وترك سبعة أولاد كان هذا الشاب هو الأكبر سناً بينهم،
والأب يفكر بالزواج من امرأة أخرى والأم لا تعرف سوى الصراخ والضرب والشتم لتندب حظّها العاثر.
أقول ما ذنب هؤلاء الأحداث والأطفال؟ لماذا لا يتنازل أحد الطرفين ولو يعيش مقهوراً أو كاتماً لآهاته إن
وجدت في سبيل الأولاد؟
الحديث ليس جديداً حول مشاكل الطلاق أو ضياع الأولاد ولكني حينما رأيت مصير الشاب توسلت بعمته أن
تبقيه معها ولو لمدّة معينة ليجد بديلاً له عن حرمان الأمان والعاطفة،
رسالتي إلى الأم بالذات: الله الله في الأبناء، حياتك هي حياة ومستقبل أولادك، فاقنعي بكلّ شيء
ولو أن تكوني خادمة؛ لأن الله سوف يعزّك ويرفعك بعزته وكرامته.
د. هناء حطاب جميل
تم نشره في المجلة العدد (70)
استدعوني صباحاً لمعاينة مريض راقد في ردهة الطوارئ، مغمى عليه لا يعرف المسعف ما ألمّ به،
جاءت عمته مع أحد العاملين للمشفى.
شاب هزيل يبدو عليه سوء التغذية وفقر الدم الحاد مع حركات عشوائية في الأطراف وعدم استقرار،
عمره ما يقارب الخامسة عشرة، تارك للدراسة.
في البداية شككت أنه مصاب بداء السكر أو اضطراب في الضغط أو في الدماغ، وبعد إجراء كلّ ما يتوفر لدينا
من قياس الضغط والسكر والنبض ودراسة حالة الوعي لديه تبيّن أنه سليم من كلّ النواحي،
فهو مصاب بحالة نفسية أصابته حديثاً نسميها بالهستريا، وهي ادّعاء المرض للهروب من مشكلة معينة،
وبعد الاستفسار من عمته تبيّن أنه ينوي البقاء معها ولا يريد العودة إلى بيته بعد أن أحسّ بالاطمئنان
ولو لأيام في بيت العمة، حيث إن الوالدين مشغولان بمشاكلهما التي أدّت إلى الانفصال
وترك سبعة أولاد كان هذا الشاب هو الأكبر سناً بينهم،
والأب يفكر بالزواج من امرأة أخرى والأم لا تعرف سوى الصراخ والضرب والشتم لتندب حظّها العاثر.
أقول ما ذنب هؤلاء الأحداث والأطفال؟ لماذا لا يتنازل أحد الطرفين ولو يعيش مقهوراً أو كاتماً لآهاته إن
وجدت في سبيل الأولاد؟
الحديث ليس جديداً حول مشاكل الطلاق أو ضياع الأولاد ولكني حينما رأيت مصير الشاب توسلت بعمته أن
تبقيه معها ولو لمدّة معينة ليجد بديلاً له عن حرمان الأمان والعاطفة،
رسالتي إلى الأم بالذات: الله الله في الأبناء، حياتك هي حياة ومستقبل أولادك، فاقنعي بكلّ شيء
ولو أن تكوني خادمة؛ لأن الله سوف يعزّك ويرفعك بعزته وكرامته.
د. هناء حطاب جميل
تم نشره في المجلة العدد (70)