إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التعقل البديل

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التعقل البديل


    كثيرة هي سلاسل التفكير التي تنتهي الى نتائج مخالفة لأفكار أخرى ثابتة وقطعية ، او غير منسجمة مع أهداف أو هوى المُفكِر نفسه .. ! مما يضطره الى اتخاذ سلسلة أخرى للتفكير هي بمثابة مسلك طوارىء يُتخذ عند الحاجة ..

    والعقلية الطارئة هذه والتي تتخذ طرقاً بديلة للتفكير ممكن أن نسمّيها بالتخريجات أو التعقل البديل او كما يسميه بعض الكتّاب "العقل التخريجي" ، نسبةً الى تلك المخارج الطارئة والبديلة في عملية التفكير .

    والعقل التخريجي سلاح ذو حدين ، وبمفرده وبدون دين يردعه او أخلاق تهذبه يصبح سلاحاً خطراً لا يؤمن له ..! وكلما كان صاحبه اكثر مهارة وأقل فضيلة كلما كان أكثر خطورة ..

    وليس أقل خطراً من ذلك عندما يعمل " العقل التخريجي" عند صاحبه من حيث لا يدري او يدري ولكن من حيث يحسب أنه يُحسن صنعاً أو من باب إظهار القوة والإحاطة والنبوغ .. !!

    تُكتسب وتُنتهج هذه العقلية في التفكير بصورة اكثر داخل العلوم ذات الطابع الجدلي وفي مساحات العلوم العقلية والرياضية الافتراضية وهذا قد لا نجده كثيراً في العلوم والمجالات الطبيعية والتجريبية .

    لم يأل جهداً علماء كل إختصاص بإختصاصه في ضبط وتقنين وتقعيد مناهج ومسالك العقل التخريجي ووضع حدود وخطوط حمراء وصفراء وخضراء له ، إلّا أنّ سايكولوجية هذه العقلية تكون متمردة في العادة بل متنمّرة أحيانا ، فتفشل كل مساعي الضبط والتحديد .

    ومثال على ذلك هو عملية تفسير القرآن الكريم وبيان مراد الله من كلامه تعالى ، فقد يُترك التفسير ويُصار الى التأويل والتفسير بالباطن .. ، أو استعمال مجازات اللغة وطرقها البلاغية والبيانية التي تُجيز استظهار معان اخرى غير معانيها التي وضعت لها وكَثُرُ استعمالها بها ..

    فتح هذا الباب بنفسه يعتبر فتحاً لنافذة تُطلّ على بحرٍ عميق ومترامي الأطراف .. ولهذا حاول القائمون على علوم التفسير والتأويل جاهدين من أجل ضبط إعدادات البرامج والأدوات التي تستعمل للمرور من تلك النافذة .. ومن أولى تلك الضوابط - مثلاً - هو عدم الركون الى المخارج البديلة إلا عند الإضطرار وعدم موائمة ظاهر التفسير وتناقضه مع تفسيرات مُحكمة وغير قابلة للردّ أو المراجعة ..

    والأمر أصعب يكون مع الروايات وسنّة المعصوم ، فلكثرتها ولمعارضة بعضها البعض ولظنية صدورها ولتغيّر ظروفها .. الخ جعلها بهكذا صعوبة ، والصعوبة تكون أضعافاً مضاعفة على الفقيه والمستنبِط للحكم والوظيفة العملية ، لأن افتراضاته العقلية هذه وراءها ترجمة عملية تتبعها مسؤولية شرعية كبيرة ، ومن هنا كانت عدالة وفضيلة الفقيه تساوي اضعافاً مضاعفة من عدالة الشاهد أو إمام الجماعة ..!! فترى العقل التخريجي عند الفقهاء من جهة على أعلى درجاته ، ومن جهة تكون المسؤولية الشرعية على مستويات أعلى منها .. ولهذا فهم يعيشون لذة العلم ولذة التقوى معاً في خلطة لا يعرفها إلا أهلها وما لنا إلا نخمّنها .. فقط

    ويمكن ان نتعرف على العقل التخريجي في اختلاق الأعذار عندما نريد أن نخالف قانوناً وضعياً أو حكماً سماويا ، وهذا ما صنعه إبليس عليه لعائن الله مع أبوينا آدم وحواء ، فلكي يقنعهما بأكل الشجرة التي أرشدهما الله تعالى بعدم الأكل منها ، وسوس لهما بأن ما سيحصلان عليه عند الأكل منها أفضل مما سيحصلان عليه عند الالتزام بالنهي الإرشادي ، قال تعالى { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ } الأعراف ٢٠ ، بل { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} الأعراف ٢١ ..

    مجالات العقل التخريجي كثيرة، وأمثلته أكثر ، { بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ، وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } القيامة ١٤ ، ١٥
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X