4 شعبان ولادة العباس ابن الإمام علي(ع)
/قرابته بالمعصوم(1)
ابن الإمام علي، وأخو الإمامينِ الحسن والحسين، وعمّ الإمام زين العابدين(عليهم السلام).
اسمه وكنيته ونسبه
أبو الفضل العباس بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).
من ألقابه
قمر بني هاشم، قمر العشيرة، باب الحوائج، السقّاء، سَبع القنطرة، كافل زينب، بطل الشريعة، حامل اللواء، كبش الكتيبة، حامي الظعينة.
أُمّه
فاطمة بنت حزام بن خالد العامرية الكلابية المعروفة بأُمّ البنين.
ولادته
ولد في الرابع من شعبان 26ﻫ.
زواج الإمام علي(ع) لأجله
«روي أنّ أمير المؤمنين عليّاً(ع) قال لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالماً بأنساب العرب وأخبارهم ـ: اُنظر إلى امرأةٍ قد ولدتها الفحولةُ من العربِ لأتزوّجها؛ فتلد لي غلاماً فارساً. فقال له : تزوّج أُمّ البنين الكلابية، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها. فتزوّجها»(2)، فولدت له العباس(ع)، وبعده عبد الله، وبعده جعفراً، وبعده عثمان.
من أقوال الأئمّة(عليهم السلام) فيه
قال الإمام الصادق(ع): «كانَ عمُّنا العباسُ بنُ عليٍّ نافذَ البصيرةِ، صلبَ الإيمانِ، جاهدَ معَ أبي عبدِ اللهِ(ع)، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً»(3).
من أقوال العلماء فيه
قال أبو مخنف الأزدي(رضوان الله عليه): «كان(ع) شجاعاً فارساً وسيماً جسيماً، يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان في الأرض»(4).
زوجته
لُبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطّلب.
أولاده
1و2ـ الفضل، أبو محمّد عبيد الله «كان من العلماء»(5).
3ـ محمّد «استُشهد في واقعة الطف»(6).
مشاركته في واقعة الطف
كان(رضوان الله عليه) من الذين اشتركوا في واقعة الطفّ بكربلاء مع الإمام الحسين(ع)، وقاتل قتال الشجعان حتّى استُشهد.
إيصاله الماء إلى معسكر الحسين(ع)
«لمّا اشتدّ على الحسين وأصحابه العطش، دعا العباس بن علي بن أبي طالب أخاه، فبعثه في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً، وبعث معهم بعشرين قِربة، فجاءوا حتّى دنوا من الماء ليلاً، واستقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال الجملي، فقال عمرو بن الحجّاج الزبيدي: مَن الرجل فجئ ما جاء بك؟ قال: جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه، قال: فاشرب هنيئاً، قال: لا والله، لا أشرب منه قطرة وحسين عطشان، ومَن ترى من أصحابه فطلعوا عليه، فقال: لا سبيل إلى سقي هؤلاء، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء، فلمّا دنا منه أصحابه قال لرجاله: املؤوا قربكم فشدّ الرجالة فملأوا قِربهم، وثار إليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه، فحمل عليهم العباس بن علي ونافع بن هلال فكفّوهم… وجاء أصحاب حسين بالقِرب فأدخلوها عليه»(7).
موقفه يوم التاسع من المحرّم
«أتى أمر من عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد يستحثّه على المنازلة، فركبوا خيولهم وأحاطوا بالحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه، فأرسل الحسين(ع) أخاه العباس ومعه جملة من أصحابه، وقال: سلهم التأجيل إلى غدٍ إن استطعت»(8)، فذهب(ع) إلى قادة العسكر وتكلّم معهم على التأجيل فأجّلوه.
رفضه لأمان ابن زياد وشمر
إنّ عبد الله بن أبي المحل بن حزام ـ ابن خال العباس(ع) ـ أخذ من عبيد الله ابن زياد أماناً من القتل للعباس وإخوته من أُمّه، فأجابه العباس وإخوته: «لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خير من أمان ابن سُمية»(9).
«وأقبل شمر بن ذي الجوشن فنادى: بنو أُختي عبد الله وجعفر والعباس وعثمان. فقال الحسين(ع): أَجِيبُوهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقاً، فَإِنَّهُ بَعْضُ أَخْوَالِكُم. فقالوا له: ما شأنك؟ فقال: يا بني أُختي، أنتم آمنون فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد.
قال: فناداه العباس بن علي(ع): تبّت يداك، ولُعن ما جئتنا به من أمانك يا عدوّ الله، أتأمرنا أن نترك أخانا وسيّدنا الحسين بن فاطمة(عليهما السلام) وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء. قال: فرجع الشمر(لعنه الله) إلى عسكره مغضباً»(10).
موقفه يوم العاشر من المحرّم
«لمّا رأى(ع) وحدة الحسين(ع) بعد قتل أصحابه وجملة من أهل بيته، قال لإخوته من أُمّه: تقدّموا لأحتسبكم عند الله تعالى، فإنّه لا ولد لكم، فتقدّموا حتّى قُتلوا، فجاء إلى الحسين(ع) واستأذنه في المصال(11).
فقال(ع) له: أَنْت حَامِلُ لِوَائِي، فقال: لقد ضاق صدري وسئمت الحياة، فقال له الحسين(ع): إن عزمت فاستسق لنا ماءً، فأخذ قِربته وحمل على القوم حتّى ملأ القربة، قالوا: واغترف من الماء غرفة، ثمّ ذكر عطش الحسين(ع) فرمى بها وقال:
يَا نَفسُ مِن بَعدِ الحُسينِ هُوني ** وبَعدَهُ لا كُنتِ أنْ تَكوني
هَذا الحُسينُ وَارِدُ المَنونِ ** وتَشرَبينَ باردَ المَعينِ
ثمّ عاد فأُخذ عليه الطريق فجعل يضربهم بسيفه، وهو يقول:
لا أرْهبُ المَوتَ إذِ المَوتُ زَقَا ** حَتَّى أُدارى في المَصَاليتِ لُقى
إِنِّي أنا العبَّاسُ أغدُو بِالسُّقَا ** وَلا أخافُ الشَّرَّ يَومَ المُلتَقَى
فضربه حكيم بن طفيل الطائي السِنبِسي على يمينه فبراها، فأخذ اللواء بشماله، وهو يقول:
واللهِ إِنْ قَطعتُمُ يَميني ** إِنِّي أُحامي أبداً عَن دِيني
فضربه زيد بن ورقاء الجهني على شماله فبراها، فضمّ اللواء إلى صدره (كما فعل عمّه جعفر إذ قطعوا يمينه ويساره في مؤتة، فضمّ اللواء إلى صدره) وهو يقول:
ألا تَرونَ مَعشَرَ الفُجَّارِ ** قَد قَطَعُوا بِبَغْيهِم يَساري
فحمل عليه رجل تميمي من أبناء أبان بن دارم، فضربه بعمود على رأسه، فخرّ صريعاً إلى الأرض، ونادى بأعلى صوته: أدركني يا أخي، فانقضّ عليه أبو عبد الله كالصقر، فرآه مقطوع اليمين واليسار، مرضوخ الجبين، مشكوك العين بسهم، مرتثاً بالجراحة، فوقف عليه منحنياً، وجلس عند رأسه يبكي حتّى فاضت نفسه.
ثمّ حمل على القوم، فجعل يضرب فيهم يميناً وشمالاً، فيفرّون من بين يديه كما تفرّ المعزى إذا شدّ فيها الذئب، وهو يقول: أَيْنَ تَفِرُّون وقد قتلتم أخي، أَيْنَ تَفِرُّون وقد فتتم عضدي»(12).
ثمّ قال(ع): «الْآنَ انْكَسَرَ ظَهْرِي، وَقَلَّتْ حِيلَتِي»(13).
استشهاده
استُشهد(ع) في العاشر من المحرّم 61ﻫ بواقعة الطف، ودفنه أخوه الإمام زين العابدين(ع) في كربلاء المقدّسة.
ترحّم الإمام زين العابدين(ع) عليه
قال الإمام زين العابدين(ع): «رَحِمَ اللهُ الْعَبَّاسَ، فَلَقَدْ آثَرَ وَأَبْلَى وَفَدَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى قُطِعَتْ يَدَاهُ، فَأَبْدَلَهُ اللهُ عَزَّ وَ جَلَ بِهِمَا جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا مَعَ المَلَائِكَةِ فِي الجَنَّةِ، كَمَا جَعَلَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَإِنَّ لِلْعَبَّاسِ عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْزِلَةً يَغْبِطُهُ بِهَا جَمِيعُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَة»(14).
زيارته
ورد في زيارة الناحية المقدّسة للإمام المهدي(ع):
«اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْعَبَّاسِ بْنِ أَمِيرِ اَلمُؤْمِنِينَ، اَلْمِوَاسِي أَخَاهُ بِنَفْسِهِ، اَلْآخِذِ لِغَدِهِ مِنْ أَمْسِهِ، اَلْفَادِي لَهُ اَلْوَاقِي، اَلسَّاعِي إِلَيْهِ بِمَائِهِ، اَلْمَقْطُوعَةِ يَدَاهُ، لَعَنَ اَللهُ قَاتِلِيهِ يَزِيدَ بْنَ اَلرُّقَادِ، وَحَكِيمَ بْنَ اَلطُّفَيْلِ اَلطَّائِيَّ»(15).
رثاؤه
ممّن رثاه السيّد جعفر الحلّي(رحمه الله) بقوله:
«بطلٌ إذا رَكِبَ المُطَّهمَ خِلتَهُ ** جَبلاً أشمَّ يَخِفُّ فِيهِ مُطهَّمُ
قَسماً بِصارمِهِ الصَّقيلِ وإنَّني ** في غَيرِ صَاعقةِ السَّما لا أُقسمُ
لَولا القَضا لَمَحى الوُجودَ بِسَيفِهِ ** واللهُ يَقضي مَا يَشاءُ ويَحكُمُ
فَهَوَى بِجَنْبِ العَلقمِي ولَيتَهُ ** للشَّاربينَ بهِ يُدافُ العَلقمُ
فَمَشى لِمَصرعِهِ الحُسينُ وطَرفُهُ ** بَينَ الخِيامِ وبَينَهُ مُتقسِّمُ
قَدْ رَامَ يَلثِمُهُ فَلم يَرَ مَوضعاً ** لَمْ يُدمِهِ عَضُّ السِّلاحِ فَيُلْثَمُ
نَادَى وقَدْ مَلأَ البَوادِي صَيْحَةً ** صُمُّ الـصُّخُورِ لِهَولِها تَتَألَّمُ
أَأُخَيَّ يَهنِيكَ النَّعيمُ ولَم أَخَلْ ** تَرضَى بِأَنْ أُرزَى وأَنْتَ مُنَعَّمُ
أَأُخَيَّ مَن يَحمي بَنات مُحَمَّدٍ ** إِنْ صِرْنَ يَسْتَرْحِمْنَ مَن لا يَرْحَمُ»
ــــــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: الشجرة المباركة: 184، أعيان الشيعة 7/429.
2ـ عمدة الطالب: 357.
3ـ مقتل الحسين لأبي مخنف: 176.
4ـ المصدر السابق.
5ـ بحار الأنوار 42/ 75 رقم2.
6ـ مناقب آل أبي طالب 3/ 259.
7ـ مقتل الحسين لأبي مخنف: 99.
8ـ إبصار العين: 31.
9ـ تاريخ الطبري 4/ 314.
10ـ اللهوف في قتلى الطفوف: 54.
11ـ مقتل الحسين لأبي مخنف: 178.
12ـ هكذا في الأصل، ولعلّه المصاع: أي القتال والجلاد.
13ـ بحار الأنوار 45/ 42.
14ـ الأمالي للصدوق: 548 ح10.
15ـالمزار الكبير: 489.