اللهم صل على محمد وىل محمد
لفظ (الزوج) جاء في القرآن الكريم على ثلاثة معان رئيسة:
الأول: بمعنى الزوجة حليلة الرجل، من ذلك قوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} (النساء:12)، وقوله سبحانه: {ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون} (الزخرف:70)، فلفظ (الزوج) في هاتين الآيتين وأشباههما المراد منه زوجة الرجل وحليلته.
الثاني: بمعنى الصنف، من ذلك قوله عز وجل: {أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} (الشعراء:7)، أي: أنبتنا من كل صنف من أصناف النبات زوجين اثنين. ونظير هذا قوله سبحانه: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها} (يس:36)، أي: الأصناف بجميع أشكالها وصورها، من الجماد، والنبات، والحيوان، والإنسان. وبحسب هذا المعنى جاء قوله عز وجل: {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} (الأنعام:143). وقوله تعالى: {وكنتم أزواجا ثلاثة} (الواقعة:7). و(الزوج) بحسب هذا المعنى كثير في القرآن الكريم.
الثالث: الزوج بمعنى القرين والنظير، من ذلك قول الباري تعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون} (الصافات:22)، أي: نظراءهم، وقرناءهم. عن ابن عباس رضي الله عنهما: يعني: أتباعهم، ومن أشبههم من الظلمة. وقال ابن كثير: "يعني بـ (أزواجهم) أشباههم وأمثالهم". وروي أنه قال: يجيء صاحب الربا مع أصحاب الربا، وصاحب الزنا مع أصحاب الزنا، وصاحب الخمر مع أصحاب الخمر. ونحو هذا قوله تعالى: {وإذا النفوس زوجت} (التكوير:7)، أي: قُرنت بأشكالها في الجنة والنار. وقيل: قُرنت الأرواح بأجسادها، حسبما نبه عليه قوله تعالى في أحد التفسيرين: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية} (الفجر:27-28)، أي: صاحِبِك. وقيل: قُرنت النفوس بأعمالها، حسبما نبه عليه قوله عز وجل: {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء} (آل عمران:30).
فأما قوله سبحانه: {وزوجناهم بحور عين} (الدخان:54)، فمعناه: جعلنا لهم قرينات صالحات، وزوجات حساناً من الحور العين. ولا يجوز أن يكون من التزويج؛ لأنه لا يقال: زوجت فلاناً بفلانة، وإنما يقال: زوجت فلانة فلاناً بغير باء.
ولذلك يقول الأصفهاني: "ولم يجئ في القرآن (زوجناهم حوراً)، كما يقال: زوجته امرأة؛ تنبيهاً أن ذلك لا يكون على حسب المتعارف فيما بيننا من المناكحة".
وقوله عز وجل: {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا} (الشورى:50)، معناه: يعطي سبحانه من يشاء من الناس الزوجين: الذكر والأنثى، أي: من هذا وهذا. وقد يكون على معنى: يجعل في الحمل الواحد ذكراً وأنثى توأماً .