بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
🔻 عن أمير المؤمنين(ع) قوله: «ما حُفِظَتِ الأُخُوَّةُ بِمِثلِ المُواساة» (غرر الحكم/ ص690).
🔻 بالطبع إن إعانة المتضررين هي درجة من درجات المواساة، وإن للأخيرة درجات أعلى من هذه بكثير. يروى أن الإمام الباقر(ع) سأل الحجاج بن أرطاة: «يَا حَجَّاجُ، كَيْفَ تَوَاسِيكُمْ؟» قال: «صَالِحٌ يَا أبَا جَعْفَر» ولعله أضاف أننا نُعنى بفقرائنا وذكَر بعض السلوكيات الأخلاقية الخيّرة المتعارَفة. وكأنّ الإمام(ع) لم يرَ هذه السلوكيات كافية، بل كان يتوقع أن يُدخل الفرد منهم يده في كيس أخيه بكل سهولة وأنه ليس ثمة عندهم حدود بين المِلكيات الفردية؛ «قَالَ: يُدخِلُ أَحَدُكُم يَدَهُ في كيسِ أَخيهِ فَيَأخُذُ حاجَتَهُ إِذا احتاجَ إِلَيه؟» قال الحجاج: «أَمّا هذا فَلا. فَقالَ(ع): أَما لَو فَعَلتُم ما احتَجتُم» (كشف الغمة/ ج2/ ص121).
🔻 وروي عن الإمام الباقر(ع) قوله لشيعته عن الأُخوّة: «لَم تَتَواخَوا عَلى هذا الأَمرِ وَإِنَّما تَعارَفتُم عَلَيه» (الكافي/ ج2/ ص168)؛ أي إنكم لم تتآخوا على أمر الولاية وإنما تعرفون بعضَكم بعضًا، وهذه ليست أُخوّة! فالأُخوّة إذن مفهوم في منتهى العمق. كما يُروى أن أحدهم سأل الإمام الصادق(ع) عن حق المؤمن على أخيه المؤمن فأجابه الإمام(ع) أنْ دَعكَ من هذا، إني أخشى أن لا تكون لك طاقة به! وبعد الإلحاح اكتفى(ع) بذكر بعضها ولم يذكرها كلها؛ «قُلتُ لِأَبِي عَبدِ اللهِ(ع): ما حَقُّ المُؤمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ؟ قَالَ: سَبْعَةُ حُقُوقٍ وَاجِبَاتٍ... قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ حَدِّثْنِي مَا هِيَ. قَالَ(ع): وَيْحَكَ يَا مُعَلَّى، إِنِّي شَفِيقٌ عَلَيْكَ أَخْشَى أَنْ تُضَيِّعَ وَلَا تَحْفَظَ وَتَعْلَمَ وَلَا تَعْمَلَ! قُلْتُ: لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. قَالَ(ع): أَيْسَرُ مِنْهَا أَنْ تُحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَتَكْرَهَ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ. وَالْحَقُّ الثَّانِي»...إلخ (الخصال/ ج2/ ص350-351).
🔻 آمل أن أكون مخطئًا في احتمالي من أن أمامنا امتحانًا بالمواساة والأخوّة، فإن كان هذا صحيحًا فالأمر في غاية الصعوبة! ففي خبر آخر يشكو فيه أمير المؤمنين(ع) من عدم تآخي المؤمنين فيما بينهم فيقول: «إِنَّمَا أَنْتُمْ إِخْوَانٌ عَلَى دِينِ اللهِ مَا فَرَّقَ بَيْنَكُمْ إِلَّا خُبْثُ السَّرَائِرِ وَسُوءُ الضَّمَائِرِ، فَلَا تَوَازَرُونَ وَلَا تَنَاصَحُونَ وَلَا تَبَاذَلُونَ وَلَا تَوَادُّون» (نهج البلاغة/ الخطبة113)؛ فلا يساعد بعضُكم بعضًا عند المعضلات، ولا يشفق بعضكم على بعض، ولا يبذل الواحد منكم ويعطي في سبيل أخيه، ولا يود بعضكم بعضًا.
🔻 نريد أن نتحدث عن الأبعاد الاجتماعية للأخوّة، والمواساة، بل وما فوقهما؛ أي الإنفاق، الذي يشمل ألوان البذل والتضحيات. إني لأَعجبُ من أنني حين أتكلم على المواساة تتصور بعض الجماعات، التي تبدو عليها الثورية والثقافة، أن المواساة خصلة أخلاقية في مستوى التصدّق ومساعدات المؤسسات الخيرية، ولذا يقولون: "هذا يمارَس في الغرب أيضًا! إنك قد هبطتَ بنا من المطالَبة بالعدالة إلى مستوى التصدّق وفعل الخير!"
🔻 يقولون: "المواساة هي التصدق!" ما هذا التفسير الذي يحمله البعض؟! إن مفهومًا مثل المواساة يختلف عن التصدق اختلافًا جذريًّا، ويَسمُو عليه جدًّا، ولا يمكن أن يكون علمانيًّا.
بالطبع منهج تعليم الدين في مدارسنا ومعظم أساليب تبليغ الدين هي – من حيث لا نشعر – علمانية إلى حد ما.
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
🔻 عن أمير المؤمنين(ع) قوله: «ما حُفِظَتِ الأُخُوَّةُ بِمِثلِ المُواساة» (غرر الحكم/ ص690).
🔻 بالطبع إن إعانة المتضررين هي درجة من درجات المواساة، وإن للأخيرة درجات أعلى من هذه بكثير. يروى أن الإمام الباقر(ع) سأل الحجاج بن أرطاة: «يَا حَجَّاجُ، كَيْفَ تَوَاسِيكُمْ؟» قال: «صَالِحٌ يَا أبَا جَعْفَر» ولعله أضاف أننا نُعنى بفقرائنا وذكَر بعض السلوكيات الأخلاقية الخيّرة المتعارَفة. وكأنّ الإمام(ع) لم يرَ هذه السلوكيات كافية، بل كان يتوقع أن يُدخل الفرد منهم يده في كيس أخيه بكل سهولة وأنه ليس ثمة عندهم حدود بين المِلكيات الفردية؛ «قَالَ: يُدخِلُ أَحَدُكُم يَدَهُ في كيسِ أَخيهِ فَيَأخُذُ حاجَتَهُ إِذا احتاجَ إِلَيه؟» قال الحجاج: «أَمّا هذا فَلا. فَقالَ(ع): أَما لَو فَعَلتُم ما احتَجتُم» (كشف الغمة/ ج2/ ص121).
🔻 وروي عن الإمام الباقر(ع) قوله لشيعته عن الأُخوّة: «لَم تَتَواخَوا عَلى هذا الأَمرِ وَإِنَّما تَعارَفتُم عَلَيه» (الكافي/ ج2/ ص168)؛ أي إنكم لم تتآخوا على أمر الولاية وإنما تعرفون بعضَكم بعضًا، وهذه ليست أُخوّة! فالأُخوّة إذن مفهوم في منتهى العمق. كما يُروى أن أحدهم سأل الإمام الصادق(ع) عن حق المؤمن على أخيه المؤمن فأجابه الإمام(ع) أنْ دَعكَ من هذا، إني أخشى أن لا تكون لك طاقة به! وبعد الإلحاح اكتفى(ع) بذكر بعضها ولم يذكرها كلها؛ «قُلتُ لِأَبِي عَبدِ اللهِ(ع): ما حَقُّ المُؤمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ؟ قَالَ: سَبْعَةُ حُقُوقٍ وَاجِبَاتٍ... قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ حَدِّثْنِي مَا هِيَ. قَالَ(ع): وَيْحَكَ يَا مُعَلَّى، إِنِّي شَفِيقٌ عَلَيْكَ أَخْشَى أَنْ تُضَيِّعَ وَلَا تَحْفَظَ وَتَعْلَمَ وَلَا تَعْمَلَ! قُلْتُ: لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. قَالَ(ع): أَيْسَرُ مِنْهَا أَنْ تُحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَتَكْرَهَ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ. وَالْحَقُّ الثَّانِي»...إلخ (الخصال/ ج2/ ص350-351).
🔻 آمل أن أكون مخطئًا في احتمالي من أن أمامنا امتحانًا بالمواساة والأخوّة، فإن كان هذا صحيحًا فالأمر في غاية الصعوبة! ففي خبر آخر يشكو فيه أمير المؤمنين(ع) من عدم تآخي المؤمنين فيما بينهم فيقول: «إِنَّمَا أَنْتُمْ إِخْوَانٌ عَلَى دِينِ اللهِ مَا فَرَّقَ بَيْنَكُمْ إِلَّا خُبْثُ السَّرَائِرِ وَسُوءُ الضَّمَائِرِ، فَلَا تَوَازَرُونَ وَلَا تَنَاصَحُونَ وَلَا تَبَاذَلُونَ وَلَا تَوَادُّون» (نهج البلاغة/ الخطبة113)؛ فلا يساعد بعضُكم بعضًا عند المعضلات، ولا يشفق بعضكم على بعض، ولا يبذل الواحد منكم ويعطي في سبيل أخيه، ولا يود بعضكم بعضًا.
🔻 نريد أن نتحدث عن الأبعاد الاجتماعية للأخوّة، والمواساة، بل وما فوقهما؛ أي الإنفاق، الذي يشمل ألوان البذل والتضحيات. إني لأَعجبُ من أنني حين أتكلم على المواساة تتصور بعض الجماعات، التي تبدو عليها الثورية والثقافة، أن المواساة خصلة أخلاقية في مستوى التصدّق ومساعدات المؤسسات الخيرية، ولذا يقولون: "هذا يمارَس في الغرب أيضًا! إنك قد هبطتَ بنا من المطالَبة بالعدالة إلى مستوى التصدّق وفعل الخير!"
🔻 يقولون: "المواساة هي التصدق!" ما هذا التفسير الذي يحمله البعض؟! إن مفهومًا مثل المواساة يختلف عن التصدق اختلافًا جذريًّا، ويَسمُو عليه جدًّا، ولا يمكن أن يكون علمانيًّا.
بالطبع منهج تعليم الدين في مدارسنا ومعظم أساليب تبليغ الدين هي – من حيث لا نشعر – علمانية إلى حد ما.