بسم الله الرحمن الرحيم
يقع الإنسان تحت تأثير أحوال قلبية متعددة بسبب ما يحتك به ببدنه في محيطه أو بسبب الأفكار التي تدور في ذهنه، هذه الأحوال عبارة عن مشاعر كالغضب والحقد والشهوة والمحبة والرحمة وغيرها الكثير، وإما أن تكون مظلمة أو منيرة، فهذه الحالات عبارة عن الذنوب التي تغطي قلبه بالظلمات، أو حسناته التي تنير بصيرته.

هذه الحالات القلبية موجودات حية ومتحركة متقومة بروح الإنسان ومرتبطة به، ارتباط هذه الحالات بصور وخيالات وذكريات هو ما يمدها بالحياة، فالتحرك في هذه الذكريات والتقصد نحوها يكون سبباً في تقوية تلك الحالة أو إعادتها للحياة، هذه الأحوال هي معالم نية الإنسان وتؤثر في تصرفاته بشكل مباشر، فالإنسان بنفسه يرسم نيته ووظيفة ابليس تشويه هذا الرسم وإثارة الخيالات والصور ليعيد هذه الموجودات للحياة فيحتجب بصره عن النور بسبب تشتت القلب.

ارتسام النية في النفس يحدد شكل الإنسان وهيئته في الآخرة، عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "إن الله يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة" فللإنسان وجه آخر باطني غير هذا الوجه الظاهري.

وعندما يتلبس الإنسان بصفة الخبث والكيد والحسد ويحتجب عن سائر الصفات يتحول إلى أفعى لأن الصفة غلبت عليه فتتبدل خلقته الباطنية حسب النية التي يضمرها والمشاعر التي تستولي عليه، فإن غلبت الصفات السيئة على قلبه لا يفلح بعدها.

فمن هنا لا يخشع المصلي في صلاته، وذلك بسبب انشغال قلبه بغير الله عز وجل وانغماسه في الشهوات والأحقاد، فيجب على الإنسان أن يوجه قلبه نحو الله عن طريق أعضاء بدنه ويكون له سلطة على مشاعره، وهذا ما سنوضحه في الفصل القادم.


---------------------------
• بوارق الملكوت - السير إلى الله •