بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾(١)

لقد مَنّ الله عزَّ وجلَّ بِنِعمٍ يعجز الإنسان عن أن يُحصيها، وأغدق نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنةً على المؤمنين والكافرين والخلائق أجمعين بكرمه ورحمته الواسعة {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}(٢)

وقد وعد الله الشاكرين بنَماء هذه النِعم وتكاثرها ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾(٣)،
ولكن من المُحزن أن يكون الشاكرون لله سبحانه هم قِلّة بين الناس﴿وقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾(٤)

وهذا لأنّ العبد إمّا أن يكون شاكراً لله في كل آن وكل حال مُعترفاً بفضل الله عليه، وإما كافراً لا يرضى بما قسمه الله له ولا يلتفت إلى سوابغ النعم التي أنعمها الله عليه..
ولا خيار ثالثٍ بينهما ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾(٥)

في حال كَفَر العبد بِنعم الله تعالى ولم يكُن راضياً وقانعاً بها، فإن جزاؤه زوال هذه النعم، أو تتابعها لإستدراجه ونزول العذاب عليه، إلا أن يتوب ويرجع.

قال الإمام علي (عليه السلام) :ما أنعم الله على عبد نعمة فظلم فيها، إلا كان حقيقاً أن يزيلها عنه(٦) ؛يا بن آدم، إذا رأيت ربك سبحانه يتابع عليك نعمه وأنت تعصيه فاحذره!(٧)
ومن مصاديق كُفران النعم:

أن تغفل عن بعض النعم فلا تؤدي شُكرها، فعن الإمام الحسن (عليه السلام):تُجهل النِعم ما أقامت، فإذا ولَّت عُرِفَت(٨)
أن تستعين بنعمه على معاصيه، فعندما ترمي ما تبقى من الطعام الصالح وفُتات الخبز فقد كفرتَ بنعمة الطعام، أو عندما تمنع الزكاة ولا تُخمِّس مالك فقد كفرتَ بنعمة المال، عندما تستمع للغناء فقد كفرتَ بنعمة السمع...
قال الإمام علي (عليه السلام) :أقل ما يُلزِمكم الله ألا تستعينوا بنعمه على معاصيه(٩)
أن لا ترى النعمة إلا في الطعام والشراب، فأين أنت من نعمة وجودك التي أفاضها عليك الخالق! وأين أنت من نعمة الهِداية والإسلام والوِلاية...
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : مَن لم يرَ لله عز وجل عليه نعمة إلا في مَطعمٍ أو مَشرب أو مَلبس، فقد قصُر عمله ودنَا عذابه