في كل عام يحصل اختلاف وخلاف حول بداية شهر رمضان ونهايته ، تبعاً لمباني وآراء فقهية ، ونريد هنا أن نتناقش بالقضية من ناحية فكرية بحتة وليس الهدف منها الوصول إلى رأي فقهي :
تحصل المشكلة عندما تثبت بداية الشهر فلكياً ولا يثبت صومه فقهياً ..!!
وشخصياً فإنّي أفهم أن شهر رمضان هو شهر تكويني فلكي تتحكم به حركة القمر حول الأرض ، وهذه الحركة تجعل من القمر يسير بمنازل قمرية ، فمتى ما خرج القمر من آخر منزل - وهو منزل المحاق - فإن الشهر الجديد قد بدأ وهكذا ..
أمّا صيام شهر رمضان فهو أمر مختلف ، لأنه ذو خصوصية تشريعية فقهية وليس تكوينياً فلكيا ، بمعنى أن بداية الصوم ونهايته غير مرتبطة ببداية الشهر الفلكية ونهايته وإنما مرتبطة بشروط وضوابط معيّنة حددها علم الفقه والذي استقاها بدوره من مصادر الإسلام الشرعية ، فهي خاضعة لأصول وقواعد علمية خاصة بعلم الشريعة وعلى رأسها مثلاً :
+ هل الشرع يحكم بدخول الشهر على رؤية الهلال بالعين المجردة فقط ام المسلحة ايضا .. ؟
+ هل تكفي الحسابات الفلكية بغض النظر عن الرؤيتين ، المجردة والمسلحة ..؟
+ مقدار سعة منطقة الرؤية او ما يسمى بوحدة وتعدد الأفق .
وغيرها من الاعتبارات الشرعية .. فمن هنا بدأ الاختلاف العلمي ، فبعضهم قال بالملازمة بين البدايتين الفلكية والشرعية ، أي إذا أثبت الفلكيون بداية الشهر فإن صومه يثبت ايضاً ، بينما البعض الآخر قال لا ملازمة .. ولكل قول أدلته ومداركه الخاصة ..
أمّا نحن المكلّفون فقد كفانا الفقهاء المؤونة ، ووفروا علينا هذا الجهد ، وحملوا عنّا هذه المسؤولية .. فقول الفقيه الذي نتبعه هو القول الحجّة علينا ، أمّا علماء الفلك فلا حجية لهم الا من خلال الفقيه الذي نرجع اليه .
النتيجة بسهولة واختصار هي : اتباع قول الفقيه الذي نرجع اليه لمعرفة بداية الصوم ونهايته ، ومن غير مماكسات ولا اختلافات ولا خلافات أبدا ..
اللهم تقبل منا أعمالنا واغفر لنا ذنوبنا واهدنا الى سواء السبيل